ربح جنبلاط أم معاركه و هذا ما سيدفعه الى أخذ الحيطة والحذر بعد أن علم أن المسألة ليست مسألة بساتين بقدر ما هي قلوب مليانة تنتهز الفرص لإدخال البيك في بيت اليك
 
وقف رئيس الحكومة سعد الحريري مع الزعيم وليد جنبلاط في حدث البساتين الذي حولوه الى معركة شرسة أرادوا من خلالها لا ليّ ذراع جنبلاط بل حبسه في زنزانة التاريخ كونه رافض لنتائج الحرب السورية ولبقاء التوازنات الداخلية على ما هي عليه من قوة فائضة لجماعة 8 آذار و هذا ما سبب لجنبلاط الضغط الكبير كيّ يثنيه البعض عن مواقفه الملتزمة بخيارات الجامعة العربية التي تقودها المملكة العربية السعودية والمرتبطة بصداقات جنبلاط الدولية و التي تعكر صفو استقرار المواقف الداخلية المنتظمة في محور المقاومة والممانعة .
 
بعد أسابيع من الحادثة و بعد أسابيع من توقف الحكومة عن الجلسات لرأب الصدع بين جنبلاط و خصومه وبعد أن سقطت كل ما بنوه من أحلام على كوابيس البساتين دفع الموقف الأميركي المسؤولين اللبنانيين الى بذل الجهد المطلوب لطي صفحة البساتين دون خسارة جنبلاط التي يحرص عليها خصوم جُدُد و قدماء فكانت اجتماعات حادة من تأزم الوضع و أخرى للإلتفاف عليه ومن ثم تذليل العقبات  من أمامه و صولاً لإخراج هذا الملف من السجل اليومي وفتح الطريق أمام أعمال الحكومة في ظروف مثقلة لا قدرة للبنان على الإستمرار في أجوائها السوداء .
 
 
بعض المبتدئين في العمل السياسي وفروا لجنبلاط فرص ثمينة لاستعادة دوره البارز و الذي فقده مع  العهد الجديد نتيجة خلط أوراق التحالفات في لبنان ونهاية الشوط العربي فيه بعد أن حالت المصالح الأميركية بينها و بين التغيير في سورية فبات محورالسيادة خارج السمع وبات محور الممانعة على السمع دائماً في كل شاردة وواردة و هذا ما أفاق حلفاء النظام السوري من الذين كانوا نياماً وأرادوا أن يعوضوا عن سنوات نومهم بانتقامات مباشرة ممن أدخلهم كهف النوم القسري .
 
ربح جنبلاط أم معاركه و هذا ما سيدفعه الى أخذ الحيطة والحذر بعد أن علم أن المسألة ليست مسألة بساتين بقدر ما هي قلوب مليانة تنتهز الفرص لإدخال البيك في بيت اليك رغم اطمئنانه لوعود مقطوعة بحمايته مهما كانت الظروف و النتائج وهذا ما سيدفع جنبلاط الى قراءة الوعود المقطوعة له بطريقة مختلفة و هنا تكمن خطوة جنبلاط الناقصة اذ انه سمح لقلبه أن يطمئن لكل من وعده خيراً و لا يتأبط به شراً و هنا زلة الشاطر في السياسة اللبنانية وهنا بدا بعيداً عن ما اشتهر به من قراءة دقيقة للمواقف السياسية .
 
لقد تبين للثلاثي الحريري – جنبلاط – جعجع – مدى ما فرطوا به من حلف كان وازنا ً لهم في السياسة و في القوة ومدى خساراتهم الفادحة في التخلي المجاني عن 14 آذار في لحظة طيش سياسي لتيارات مركزية و أساسية من المستقبل الى التقدمي فالقوّات و حزب الكتائب و هذا ما جعل منهم قوى هشة أو مهمشة وما حصل في الجبل لدليل واضح عن عجز جنبلاط أمام استقواء خصميه بنفوذ حلفائهما وما حصل و يحصل يومياً مع القوّات من خلال التطاول على الحكيم يؤكد أيضاً خلل التوازن في ميزان القوة و هذا ما ينسحب أيضاً على تيار المستقبل الذي كان تياراً يقود مرحلة سياسية كاملة و بات غيرقادر على قيادة حكومة في ظل موازين قوى أسهم المستقبل في التأسيس لها لصالح خصومه و هذا ما جعله لاعباً في تشكيلة سياسية بلا أهداف تُذكر .