حمّل تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، الرئيس دونالد ترامب، مسؤولية إعادة انتشار مسلحي تنظيم "داعش" في مناطق عدة من سوريا والعراق.
 
واعتبر التقرير الربع سنوي للبنتاغون، الذي عرض على الكونغرس الأميركي، أن قرار ترامب بسحب قوات أميركية من سوريا، فضلا عن إهمال العمل الدبلوماسي مع حكومة بغداد، ساعدا "داعش" دون قصد على تنظيم صفوفه مرة أخرى في البلدين.
 
وأوضح التقرير أن "تنظيم داعش واصل تحوله من قوة مالكة للأراضي إلى تمرد في سوريا، وكثف تمرده في العراق"، رغم أن ترامب قال لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن "التنظيم هُزم والخلافة انهارت".
 
وكان مسؤولون وخبراء سياسيون وعسكريون، حذروا مرارا من أن الانسحاب الأميركي السريع من سوريا سيمكن "داعش" من إعادة تنظيم صفوفه، بعد تلقيه هزائم عسكرية واقتصادية ساحقة من قبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
 
كما ذكر تقرير البنتاغون بشكل صريح، أن تخفيض عدد القوات الأميركية في سوريا، الذي أعلنه ترامب في نهاية العام الماضي، ساهم في خلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة.
 
وحسب التقرير، ترك الانسحاب الذي أدى إلى استقالة وزير الدفاع جيم ماتيس، شركاء الولايات المتحدة السوريين في مأزق، دون تدريب أو دعم كانوا يحتاجون إليه لمواجهة "داعش"، وفي العراق تفتقر قوات الأمن إلى التجهيزات اللازمة لمحاربة التنظيم الإرهابي لفترات طويلة.
 
ويقدر البنتاغون أن تنظيم "داعش" يضم ما بين 14 و18 ألف مسلح، ينفذون الآن عمليات اغتيال وهجمات انتحارية، وينصبون الكمائن ويدبرون حرق المحاصيل في سوريا والعراق، بخلاف نشاطهم السابق في البلدين الذي بدأ عام 2014 بهدف الاستيلاء على الأراضي وكسب مساحات جديدة.
 
وحذر التقرير من أن "داعش" وجد مصدرا للعائدات مرة أخرى، عن طريق ابتزاز المدنيين في البلدين، وعمليات الاختطاف للحصول على فدية، وجني الأموال من عقود إعادة البناء، وهذه الطريقة اللامركزية لجمع المال، على عكس نظام الضرائب والإيرادات المفصل الذي استخدمه "داعش" خلال فترة قوته، تجعل من الصعب تتبع الدخل.

ويرى التقرير أن مخيم الهول الذي يضم آلاف من النازحين في الحسكة شمال شرقي سوريا، يعد مكانا مثاليا لتجنيد أعضاء جدد في "داعش"، حيث لا تبدو القوات الحكومية قادرة على حماية المنطقة من المسلحين، كما أن قلة الدعم الأميركي للحفاظ على ظروف آمنة أو مواجهة دعاية "داعش" فتح الباب أمام أنشطة التنظيم.

ووفقا لبريت ماكغورك، المبعوث الرئاسي الخاص السابق للتحالف الدولي ضد "داعش" الذي خدم في عهد الرؤساء جورج بوش الابن وباراك أوباما وترامب، فإن قرار إدارة الأخير بتركيز اهتمامها على إيران قلل من قدرتها على مواجهة "داعش" بشكل فعال في سوريا والعراق.

واستقال ماكغورك من منصبه بعد أن أعلن ترامب سحب قواته من سوريا، وفي مقال نشره في يناير، حذر من أن "سياسات الرئيس في المنطقة ستوفر حياة جديدة لداعش وغيرهم من أعداء الولايات المتحدة"، وأن القرار "سيعجل بالفوضى ويخلق بيئة لعلو نجم المتطرفين"، وهو ما أكد تقرير البنتاغون إنه يحدث على الأرض.

وبات لدى الولايات المتحدة نحو ألف جندي فقط في سوريا، في مهام مختلفة أهمها كبح نفوذ "داعش" ودعم القوات المحلية التي تقاتله، فضلا عن مواجهة النفوذ الإيراني ومراقبة تحركات القوات الحكومية السورية.

كما أدى قرار سحب الموظفين غير الطارئين من العراق، حسب التقرير، إلى تقليل النفوذ الدبلوماسي الأميركي هناك، ووفقا لوزارة الخارجية، قلل ذلك من قدرة المنظمات الإنسانية على تقديم الدعم للمحتاجين.