العاصمة الليبية طرابلس، عروس البحر المتوسط، رهينة للميليشيات منذ سقوط الدولة الليبية في عام 2011، بفعل ضربات حلف الناتو على المعسكرات وقواعد الجيش الليبي، مما مكّن الميليشيات بشتى أنواعها وتنوع انتمائها من التغلغل والنفوذ والسيطرة في عموم ليبيا وطرابلس خاصة، بدءاً من ميليشيات «الإخوان» و«المقاتلة» (فرع «القاعدة» الليبي) إلى تحالف عصابات المجرمين والفارين من سجون الدولة الليبية بعد حراك فبراير (شباط) 2011.
الميليشيات، التي هي في الأصل صنيعة قوى خارجية على رأسها دويلة قطر، التي كان حكامها يضعون «فيتو» على عودة الجيش الليبي للنهوض، بعد ضربات الناتو التدميرية والتي تجاوزت قرار مجلس الأمن بحماية المدنيين، الذين تركهم حلف الناتو ضحية سهلة لـ«داعش» وإخوته، بمجرد انتهاء الحلف من تدمير المعسكرات والقواعد العسكرية، وفتح مخازن السلاح دون تدميرها، وتركها تتبعثر بأيدي الميليشيات، تنقلها كيفما تشاء في المنطقة، لتُحدث الفوضى المطلوبة لمشروع الفوضى الخلاقة، لتقسيم الشرق الأوسط، وإلا لماذا تركت مخازن سلاح الجيش الليبي؟ التي من المعروف أنها كانت بها كمية أسلحة تكفي جيوش أفريقيا، لا فقط ليبيا، كان قد اشتراها وخزّنها القذافي طيلة سنوات حكمه الـ42، وقُتل دون أن يستخدم خُمسها.


ولكن بعد أن استعاد الجيش الليبي قوته بمساعدة الشعب الليبي وقبائله التي فضّلت الدولة على الفوضى، تحرك نحو العاصمة لاستعادتها من قبضة الميليشيات إلى خطوة سيادية لاعتدال بوصلة الوطن واستعادة الدولة، ونهاية وشيكة للميليشيات على التراب الليبي، بعد أن تعرضت لضربات قاصمة من الجيش الليبي بعد أن تم استنزافها وإنهاك قواها وقطع خطوط الإمداد عنها، وسيطرة الجيش الليبي على قواعد الاشتباك، وتمكنه من استعادة معسكرات مهمة كانت تحتلها هذه الميليشيات.


ولتوصيف معركة طرابلس والخطة العسكرية لتطهير العاصمة، نقول إنها معركة جيش وطني يتشكل من الليبيين كافة ومن مختلف مدنهم وقبائلهم شرقاً وغرباً وجنوباً، وليست حرباً جهوية أو أهلية كما يصوِّرها إعلام وأبواق تنظيم «الإخوان» الإرهابي، الذي حاول اللعب على إذكاء النعرات القبلية، بل مارس عمليات تطهير عرقي في مناطق نفوذ ميليشياته، في محاولة يائسة منه لدفع البلاد نحو حرب أهلية.


معركة تطهير طرابلس هي معركة وطنية بامتياز بين مَن يؤمن بالدولة الوطنية بجيش وطني قوي وبين مَن يؤمن بالميليشيات والفوضى، وتوطين حكم تنظيم جماعة «الإخوان» الضالة.


معركة طرابلس تسير بخطى ثابتة والجيش يقول إنه يتقدم في جميع المحاور، بعد أن تمكن من السيطرة الجوية التامة وأسقط أغلب الطائرات المسيّرة التركية، بل ودمّر قواعد التوجيه، وتقدم برياً في مواجهة الحشد الميليشياوي المتنوع الانتماء والولاء في طرابلس.. هذا الحشد هو مجرد تحالف ميليشيات جمعها العداء لمظاهر الدولة المدنية، تتنوع في تشكيلها وانتمائها، ومنها الميليشيات المؤدلجة، التابعة لتنظيم «الإخوان» الإرهابي، والتي تضم بين صفوفها قيادات وعناصر من بقايا تنظيمي «القاعدة» و«داعش» العابرين للحدود من غير الليبيين.


الجيش الليبي قدّم تطمينات وضمانات على مدنية الدولة والمحافظة على المسار الديمقراطي، بل وحرصه على توفير مناخ آمن لإتمام العملية الانتخابية، بعد تطهير العاصمة وتأمينها من بقايا الميليشيات الإرهابية والإجرامية، كما حرص الجيش الليبي على تأكيد وحدة ليبيا وسيادتها على كامل التراب الليبي.


معركة طرابلس التي يُدفع فيها بشباب مغرَّر بهم في أتون حرب خاسرة سلفاً، من خلال فتاوى ضالة يقدمها مفتٍ معزول، دون أن يقدم أبناءه لها دليلاً على صدقه، وهو القابع هو وأبناؤه في تركيا، ويتحدث عن الحرب ويقدم الفتاوى الضالة من استوديوهات إسطنبول... هي حرب يخوضها شباب مغرر بهم لمواجهة الجيش الليبي بعد أن تم إشباع عقولهم بمفاهيم خاطئة عن الولاء والبراء والجهاد والطاغوت، الذي صوّره لهم المفتي المعزول على أنه الجيش وقادته.


معركة طرابلس تعد محسومة سلفاً لصالح الجيش الليبي، الذي تأخر في حسمها بسبب محافظته على قواعد الاشتباك، واحترام حياة المدنيين، والحفاظ على البنية التحتية للمدينة، الأمر المختلف عند الميليشيات، والحشد الميليشياوي، الذي ألبسته حكومة «الوفاق» ملابس عسكرية لتوهم العالم بأن لديها جيشاً، ولكن مخادعة غبية كهذه لا تنطلي حتى على سكان الخانكة.