أكثر ما استرعى التّعجّب هو تجنّب باسيل تناول ذكرى ٧ آب في مضمونها النّضالي
 
لم تمرّ ذكرى السابع من آب عام ٢٠٠١، حين انقضّ النظام الأمني اللبناني - السوري المشترك بوحشيّة على الشباب اللبناني الذين تظاهروا مُطالبين بالسّيادة والحرّية، مرور استذكار النّضالات والاضطهادات عبر مواقع التواصل الإجتماعي فحسب، بل توجّهت الأنظار إلى خطاب رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل والرسائل التي وجّهها في هذه المناسبة ذات الدّلالات التاريخيّة النّضاليّة الكبيرة.
 
كلام باسيل ارتكز في غالبيته العُظمى حول حزب "القوّات اللبنانيّة" ورئيسه الدكتور سمير جعجع، حيثُ شنَّ هجوماً لاذعاً عليهما في ردٍّ مباشر على تصاريح رئيس "القوّات" الأسبوع الفائت.
 
وفي عودة لمضمون كلام جعجع، يتبيّن أنّه فنّد الأخطاء التي ارتكبها باسيل وفريقه الوزاري في السلطة خلال السّنوات الأخيرة مُستشهداً بالوقائع والأرقام كما عدّد العثرات التي تقف في درب العهد الحالي والقرارات الإنقاذية الكفيلة بإنتشال لبنان من أزماته، لكن المُستغرب أنَّ ردَّ باسيل جاء بعيداً كلّ البعد عن الإجابة على نقاط جعجع، فعادَ لاستخدام لغة مضى على فحواها ثلاثة عقود، بما يُعرف بـ"لغة الحرب"، مُتحدّثاً عن الخوّات والسّرقات والسّلاح والمخدرات والميليشيات، ما بدا هروباً فاضحاً نحو النغمة المعتادة التي تتجنّب الكلام عن الزمن الحاضر وكأنَّ باسيل عاجزٌ عن الدّفاع بسلاح "إنجازاته الموصوفة" والتي تتعرّض لوابل من الانتقادات الشعبيّة.
 
لكنّ أكثر ما استرعى التّعجّب هو تجنّب باسيل تناول ذكرى ٧ آب في مضمونها النّضالي، حيثُ نأى عن توجيه ولو كلمة واحدة للجلّاد الذي تجّسد بسلطة الوصاية السورية، خاصّةً أنَّ العهد الحالي الذي أصبح على علاقة وثيقة بأركان السلطة تلك يتعرّض لاتّهامات جمّة بتقويض الحرّيات وملاحقة الناشطين السياسيين، في مشهدٍ يُشبه زمن ٧ آب ولو بأشكالٍ مختلفة. فهل أخطأ باسيل في استغلال هذه الذكرى لمهاجمة أحد رموزها النضاليين أيّ القوّات اللبنانيّة عوض استذكار مآثر حلفائه الجدد بحقّ الشباب اللبناني ومناضلي تيّاره الذين باتَ معظمهم خارج صفوف تيّاره، أم أنَّ منافع سلطة اليوم استوجبت السّكوت عن فظائع سلطة الأمس؟