اليوم أطلقَ وليد جنبلاط شرارة المواجهة للحفاظ على الدولة والطائف والمؤسّسات.
 
على رغم ما قدم وليد جنبلاط. لكنهم  كابروا ورفضوا كل ما قدم لانهم لا يعرفون غير لغة الاقصاء، لا سياسة في معجمهم، لا إختلاف أو تنوع، ما يريدونه فقط هو تعميم ما يجيدونه من لعبة تسجيل النقاط إعلامياً وإعلانياً. ولأنهم يحبون الإكثار من الكلام، قد صمّوا آذان اللبنانيين بمواقفهم المتكررة، دون الكلام بموقف يوضح ما الذي يريدونه غير تصفية الحسابات. 
 
منذ اكثر من شهر إلى اليوم، وهم يكررون المعزوفة ذاتها والتي اصبحت مثل مسرحية شهود الزور في عهد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.
 
وبينما اقفلوا كل أبواب الحوار والتسوية، مصرّين على مبدأ الكسر والاقصاء، اصبح عليهم أن يتيقنوا أن هذا المنطق لا ينطبق على قامة وطنية عروبية اصيلة كقامة الوليد بن كمال جنبلاط . والمسار الذي فضحه الاشتراكي بالأدلة والوقائع ، شكل نواة مرحلةٍ سياسيةٍ جديدة في البلاد لمواجهة محاولات الغطرسة، واستخدام النفوذ في غير مواضعه، خاصةً بعد لجوء أصحاب النفوذ إلى توظيفه في خدمة مصالحهم الشخصية، وهم الذين لا يريدون الخروج من نزعاتهم الخاصة، ويرفضون ممارسة دور الحَكَم بين الأفرقاء، ويصرّون على الاصطفاف طرفاً، وهم بذلك يريدون أن يطبّعوا مختلف المؤسّسات بطباعهم. 
وهذا أمرٌ لم يعد مقبولاً، وليس من السهولة السكوت عنه.
 
 
ومن الواضح أن موقف الاشتراكي جاء رداً على نوايا انتقامية، ونزعاتٍ ثأرية تتحكم بمسارات أطراف متعددةٍ استشعرت هزيمة أوقعها بهم وليد جنبلاط بنقله اللعبة السياسية من مكان إلى اخر وكأنه رسم حدوداً سياسيةً أمامهم حول استباحة مختلف القوى، وعلى رأسها مجلس الوزراء مجتمعاً، وبمنع تحقيق شروطهم وفرضها على طاولة الحكومة لجهة طرح ملف إحالة حادثة البساتين على المجلس العدلي. وبسبب خسارتهم الرهان، وجدوا الطريق لجعل انتقامهم السياسي انتقامين، الأول تصفيةً سياسية، والثاني رداً على عدم قدرتهم تطويع وليد جنبلاط، ولا حلفائه، بفرض ما يريدونه على مجلس الوزراء مجتمعاً.
 
 اليوم أطلقَ وليد جنبلاط شرارة المواجهة للحفاظ على الدولة والطائف والمؤسّسات. ومن المفترض الدفاع عنه وتحصينه بإرادةٍ شعبيةٍ جامعةٍ عابرة للطوائف، مع الاشادة بمواقف قوى سياسية متعددة من حزب القوات اللبنانية، إلى رؤساء الحكومات السابقين، بالاضافة الى موقفَي رئيسَي الحكومة ومجلس النواب الحريصَين على التوازن في البلاد، ورفضِ منطق الثأر والإلغاء، والقفز فوق القواعد والدستور، لصالح إدخال اعراف جديدة تتجاوز الاصول الدستورية ومن جشع وشراهة بالسلطة.
 
وبعدما فشلوا بتكريس اللعبة في الملعب المذهبي ، يبدو أن العهد مستمر في تسعير العداء والشقاق، فيما السجالات السياسية تتصاعد حدة وتوتراً. أما الخلافات فهي تطال كل شيء وكل الملفات والقضايا. الاستحكامات ترتفع أكثر والخنادق تتوسع وتتعمق. الجميع مستنفر ومندفع نحو الصدام.
 
اما في ما يتعلق بالدعوة الى عقد  جلسة لمجلس الوزراء، بحسب المعطيات فإن الأجواء الحالية لا توحي أبدا أنه سيتم دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد خلال هذا الاسبوع أيضا. خصوصاً بعد موقف رئيس الجمهورية الذي اعتبر ان المكمن المزعوم كان المستهدف به الوزير جبران باسيل  وكذلك موقف الحزب التقدمي الاشتراكي الذي عبر عنه الوزير وائل ابو فاعور بالاضافة الى المراوحة السياسية وموقف القضاء الذي يجب  ان يحسم الجدل القائم حول إحالة حادثة قبرشمون إلى المجلس العدلي من عدمه.وعلى رغم الكلام عن ايجابيات ومبادرات فان الامور تفرملت وسط خشية ان يتفجر الوضع السياسي والمالي في ظل ظروف اقتصادية اقل ما يقال عنها انها خطيرة وصعبة. الاكيد ان اليوميات اللبنانية اصبحت أشبه بـ حرب أهلية باردة، ومؤشرات الانهيار تتكاثر.