الواقع بحاجة الى وقفة واعية هادفة بعيدا عن الانفعالات والنكات والتهم الوضع خطير بما يكفي لخروج كل الشعب الى الارض للمحاسبة ووضع حد لكل ما يحصل.
 
تعرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال الأيام القليلة الماضية لحملة انتقادات واسعة وموجة من السخرية والتهكم على خلفية تصريح له طالب فيه اللبنانيين بالمساهمة في حل الأزمة الإقتصادية التي تواجهها البلاد، وقد شكلت ردود الفعل هذه موقفا شعبيا واضحا مما يحصل من أزمات على مختلف الأصعدة وآخرها وأهمها اليوم المعضلة الإقتصادية التي باتت واضحة الأسباب والمسببين، ولذلك كان المزاج الشعبي العام قاسيا في ردوده وتغريداته ومنشوراته على التواصل الإجتماعي حيث  انهالت الإنتقادات على العهد ورئيس الجمهورية الذي يغطي كل مظاهر الفساد ويقف مكتوف اليدين أمام الإنهيار وأسبابه .
 
اللبنانيون بوعيهم ومعرفتهم وقدرتهم على التعامل مع هذه المواقف لن يتخطوا مواقع التواصل الإجتماعي لإظهار احتجاجاتهم على الوضع القائم، ولن يكون موقفهم أكثر من التعبير الساخر وإطلاق النكات هنا وهناك، ولذلك انعدمت بشكل نهائي أي حركة احتجاج شعبية جدية واسعة وهادفة بالرغم من كل ما يحصل من فلتان أمني وسياسي واقتصادي الأمر الذي بات بحاجة إلى دراسة متأنية للمزاج الشعبي اللبناني الذي لا يعبر إلا بسخرية وتهكم بعيدا عن أي إجراء يكفله له القانون .
 
يمكن القول أن جملة اعتبارات سياسية وطائفية وحزبية تحكم الشارع اللبناني وهي باتت تمسك هذا الشارع بل تديره حسبما تريد، إلا أن الأزمة تتخطى كل هذه الإعتبارات لتهدد كل الشعب وهي آخذة بالاتساع والتطور بانعدام الإجراءات الحكومية لوقف الإنهيار.
 
كل المؤشرات الدولية والمحلية المتخصصة  تنذر بخطورة الوضع الإقتصادي، وتترقب بداية الإنهيار والخبر اليوم عن وصول سعر الدولار إلى عتبة ال 1540 هو مؤشر على البداية التي لم يكن يريدها أحد أو بالأحرى البداية التي يتهرب منها الجميع .
 
فماذا ينفع أسلوب السخرية والتهكم وماذا تنفع ردود الفعل الآنية والمتسرعة أمام هذا الواقع؟ فيما المطلوب وقفة شعبية عارمة تتخطى الإرادات الحزبية والطائفية وتتخطى إرادة الزعماء لأنهم جزء من هذه المشكلة.
 
المواطن اللبناني هو أيضا مسؤول  وبقوة. مسؤول عن صمته وعن موقفه وعن تساهله مع هذه الطبقة الحاكمة ومسؤول عن الإنصياغ لرغبة الأحزاب التي ينتمي إليها فيما مؤشرات الإنهيار ستقضي على كل ما تبقى من حقوقه.
 
الواقع بحاجة الى وقفة واعية هادفة بعيدا عن الانفعالات والنكات والتهم الوضع خطير بما يكفي لخروج كل الشعب الى الارض للمحاسبة ووضع حد لكل ما يحصل.