حتى لو افترضنا ان إيران وامريكا تطبعان علاقاتهما بعد عام او عامين؛ فماذا يترتب على هذا التطبيع في حين أن الشركات الصينية ملأت جميع الفراغات في إيران؟
 
لا شرقية ولا غربية هو شعار الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ القدم. تم اتخاذه من آية قرآنية مستخدما لغاية سياسية وهي الإعلان عن عدم الانحياز إلى الغرب ولا إلى الشرق.
 
والغرب حينذاك كان يمثل الفكر الامبريالي الاستعماري  الليبرالي كما أن الشرق كان يمثل الفكر الاشتراكي الشيوعي الالحادي بالرغم من أنه كان يدعم الحركات التحررية في العالم الثالث إلا أن الشيوعية والماركسية كانتا تشكلان عقبتان رئيسيتان للحؤول دون تحقيق التضامن بين الجمهورية الإسلامية ومعسكر الشرق.
 
ولكن الوضع الآن يختلف عما كان عليه قبل 40 عاما حيث لا يوجد حاليا ما يمكن تسميته بمعسكر الشرق الذي كان ينافس الامبريالية الرأسمالية الغربية وانما القوتان العالميتان اللتان كانتا تمثلان معسكر الشرق سابقا هما اصبحتا رأسماليين مع تجنب القيم الليبرالية. 
 
وسيبقى عداء الليبرالية والديمقراطية سمة أساسية لهاتين الصديقتين روسيا والصين لتستمر الغيرية بينهما وبين المعسكر الغربي. 
 
ولهذا يبدو أنه لم يبق هناك داعي لاستمرار شعار لا شرقية على جبهة الجمهورية الإسلامية  بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. أضف الى ذلك أن هناك مصالح مشتركة تدعو إلى التقارب الإيراني الروسي. 
 
 
واذا صح القول بأن حرب البلقان أحدثت تعارضا بين إيران وروسيا في تسعينيات القرن الماضي ولم تؤد إلى تقارب إيراني غربي كون الغرب المسيحي لم يكن صادقا في الوقوف مع المسلمين، إلا ان روسيا اثبتت جديتها في التحالف مع إيران في سوريا ولهذا يرى الإيرانيون أن الثقة بهم معقولة ومنطقية لعبور الأزمة الناتجة عن العقوبات الترامبية. 
 
كما أن الصين ايضا اثبتت استقلاليتها الى حد بعيد تجاه الولايات المتحدة خلال الشهور الماضية بعد تشديد العقوبات الأميركية واستمرت في شراء النفط من إيران وربما هي لوحدها تكفي لاستمرار تصدير النفط الإيراني.
 
وبطبيعة الحال هذه المبادرة الصينية الأخوية تجاه إيران لن تبق دون مكافأة تكون بحجم المبادرة. وهنا يظهر دور الشركات الصينية لابتلاع المشاريع التنموية والتوسيعية لحقول النفطية الإيرانية. 
 
وفي غياب الشركات الأوربية التي هي أقوى من الشركات الصينية وقادرة على تهميش منافسيهم تبقى الشركات الصينية بلا منافسين في إيران وبامكانهم التفرد في تنفيذ مشاريع ايران. 
 
وهذه خدمة كبيرة قدمها ترامب للصين حيث دفع إيران باتجاه الصين وروسيا من غير عودة. 
 
حتى لو افترضنا ان إيران وامريكا تطبعان علاقاتهما بعد عام او عامين؛ فماذا يترتب على هذا التطبيع في حين أن الشركات الصينية ملأت جميع الفراغات في إيران؟