يكاد لا يمر يوم دون أن يكون للتيار ما يحرك شارعاً هنا وساحة هناك وهذا ما تجلى وبوضوح في أزمة الجبل المفتوحة على خيارات مرّة ونتائج وخيمة.
 

فعلاً كان تحالف التيّار الحر مع حزب الله مكلفاً كثيراً وقد أرهق العونيين كثيراً اذ أخرجهم من السلطة وجعلهم أقلية سياسية لا حول لهم ولاقوّة وهذا ما جعلهم من الأخسرين أعمالاّ اذ لم يحظوا بوزارات ولا برآسات ولا بتوظيفات ولم ينالهم من جبنة السلطة ما يسدّ جوعاً .

 لقد ارتبط التيّار بتحالف خاسر غير رابح فأضعفه داخلياً وبات في مؤخرة التمثيل المسيحي بعد أن كان قبل التحالف في مقدمة الحضور المسيحي عموماً والماروني خصوصاً وكان ماسحاً كاسحاً طائفياً ولبنانياً وجعل منه التحالف مجرد حصة نيابية محدودو ووزارية محدودة أيضاً وكانت التوظيفات والتعينات بيده وباتت في أيادي غيره من المسيحيين فباتت الكتائب أكثر تمثيلاً والقوات أكلت أخضر المسيحيين ولم تترك يباساً للتيّار .

فعلاً تنازل التيّار لصالح حزب الله الذي كان واهناً ضعيفاً يجر أذيال هزائمه فمنّى عليه التيّار وأصعده الدرجات العليا ووهبه على كبر مسؤوليات جمّة اذ أخذ أكبر الحصص الوزارية في كل الحكومات المتعاقبة وناصف الجميع في التوظيفات واخذ أكبر كتلة نيابية بفعل تحالف ذهبي جعل من معدن الحزب جواهر لا تُقدر بثمن على الإطلاق .

إقرأ أيضًا: المير شال الزير من البير

 

 

لذا لا أحد يسمع بوزراء حزب الله حتى أن الكثيرين لا يعرفون أسماءهم لشدة ما أعطى التحالف التيّار الحر من أدوار تاريخية بات من خلالها الوزير باسيل الآمر الناهي في حكومة برئاسة تيّار المستقبل والمتابع لا يسمع حسّ أحد من وزراء حزب الله وغيره من الأحزاب في حين أن وزراء التيّار هم المسيطرون على المشهد الحكومي وهذا ما أغاض الكثيرين وجعلهم منزعجين من تهاون رئيس الحكومة في رئاسة منحته صلاحيات أساسية يكاد أن يتراجع عنها في ظل هيجان غير مسبوق من قبل وزراء استندوا الى تحالفات مركزية عزّزت من حضورهم المضاعف والمستقوي بعصا الداخل والخارج .

عندما نسمع ما سمعنا من كلام  للوزير باسيل مع صحفية لبنانية عن كلفة تحالفه مع حزب الله والمدفوعة سلفاً مسيحياً وخارجياً يدفعنا الى التمسك بخيارات لبنانية كانت ترى في بروز التيّار الحرّ موجة جديدة من أزمة لبنان الطائفية وعودة غير محمودة لوعورة التجربة المارونية بكل ما فيها من محن وفتن عصفت بلبنان لأكثر من عشر سنوات .

يكاد لا يمر يوم  دون أن يكون للتيار ما يحرك شارعاً هنا وساحة هناك وهذا ما تجلى وبوضوح في أزمة الجبل المفتوحة على خيارات مرّة ونتائج وخيمة وهذا ما تجدد مع تمزيق ما اتفق عليه مع القوّات اللبنانية فبدت حملات النيل من حليفهم الدكتور جعجع حماسة ناشطة تعكس رغبة الانفصال في مرحلة تنضج فيها هوية الرئاسة القادمة .

فعلاً حزب الله  النائم ما كان نائماً لولا استفاقة التيار من حلمه من خلال تحالف أعطاه كل شيء دون بذل أو جهد يُذكر فكلمة أمين عام حزب الله وحدها كانت سيف التيّار الذي أخذ بحده ما لم يستطع الحصول عليه ولو اجتمع ما تبقى له من غرب .