حزب الله يجر بنوك لبنان نحو الإفلاس
 
يشن حزب الله هجوما ممنهجا في إعلامه على النظام المصرفي اللبناني كخطوات استباقية لمنع ازدياد تشدد هذه المصارف في تطبيق العقوبات المالية على الميليشيا الإيرانية.
 
وتشكل خطط حزب الله المدعوم من إيران خطورة على الدولة في حال إجبار الحكومة على اتخاذ قرار يورط المصارف، خصوصا أن أكثر من 80 بالمئة من الدين العام محمول من قبل البنوك اللبنانية ومصرف لبنان المركزي، وهو ما سيؤدي إلى الانهيار التام للوضع في البلاد.
 
وأواخر الشهر الماضي هدد الأمين العام لحزب الله  السيد حسن نصرالله البنوك اللبنانية بعد تطبيق القرار الأميركي بإغلاق حسابات الحزب الذي تعتبره واشنطن منظمة إرهابية.
 
وسبق وأن طالب نصرالله البنوك اللبنانية بمساعدة الحكومة على خفض التكلفة المرتفعة لخدمة الدين العام مشددا على أنه "واجب وطني وأخلاقي.. وإذا لم تبادر المصارف فعلى الحكومة ومجلس النواب أن يتحملوا المسؤولية في هذا الإطار".
 
وبمجرد ترك البنوك تدبر أمرها مع الزبائن الذين استخدمت أموالهم لتقرض الدولة، ستقع المصارف البنك المركزي بورطة كبيرة في وقت وصل فيه مسار الاقتصاد في البلاد إلى حافة الهاوية.
 
وزادت محاولات حزب الله لوضع يده على القرار الاقتصادي في لبنان خصوصا بعد تضييق العقوبات عليه وعلى قيادييه في الفترة الأخيرة من قبل الولايات المتحدة الأميركية التي تسعى لتجفيف مصادر تمويل إيران في المنطقة.
 
وفرضت وزارة الخزانة الأميركية في 9 يوليو الماضي عقوبات غير مسبوقة على نائبين ومسؤول أمني في حزب الله متهمة إياهم بـ"استغلال النظام السياسي والمالي" اللبناني لصالح حزبهما وإيران الداعمة له.
 
من جانبه استنكر حزب الله هذه العقوبات واعتبرها "إهانة" للشعب اللبناني. وطالب النائب في كتلة حزب الله  علي فياض البرلمان والحكومة بإصدار "موقف رسمي لإدانتها".
 
وذكر موقع الخزانة الأميركية أن رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النيابية، النائب محمد رعد، والنائب أمين شري، ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، وهو المعني بعلاقات حزب الله الأمنية مع باقي الأحزاب اللبنانية هم من طالتهم العقوبات.
 
وأشار إلى أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها، وضع شخصيات سياسية بارزة تابعة لحزب الله، "تستغل مناصبها السياسية لتسهيل عمل أجندة حزب الله الخبيثة ودعم إيران".
 
وأمين شري (62 عاما) الذي أعيد انتخابه نائبا عن بيروت عام 2018 مقرب من الجهاز الأمني لحزب الله. كما أنّه متهم بتهديد مسؤولين في أحد المصارف وعائلاتهم بعد أن جمد المصرف حسابات عناصر من حزب الله كانوا وضعوا على اللائحة الأميركية السوداء.
 
وتشير تقارير حديثة إلى أن إيران اضطرت إلى خفض تحويلاتها إلى حزب الله إلى النصف، بعد تشديد العقوبات الأميركية عليها، حيث وسّعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب دائرة سياسة "الضغط الأقصى" على إيران وحلفائها.

وأقر مجلس الشيوخ الأمريكي (الكونغرس) بالإجماع نهاية العام الماضي، قانونا يفرض عقوبات على المصارف التي تتعامل مع حزب الله. 

وأصدر محافظ البنك المركزي اللبناني مطلع أيار الماضي، قرارا أكد فيه التزام المصارف في البلاد بتطبيق العقوبات الأميركية المفروضة على نحو 100 مؤسسة وشخصية محسوبة على حزب الله والتي تحظر على المؤسسات المالية في العالم تقديم أي خدمات أو تسهيلات مصرفية للمستهدفين.

وتركز سياسات ترامب في الشرق الأوسط على إيران وتتّهمها بزعزعة الاستقرار الإقليمي. ولقد راكمت واشنطن في المدة الأخيرة العقوبات الاقتصادية على طهران عقب انسحابها من الاتفاق النووي الموقع عام 2015، بهدف خفض واردات إيران المالية وواردات حلفائها الإقليميين مثل حزب الله الذي تصفه واشنطن منظمة "إرهابية".

وأكد بعض المقربين إلى حزب الله عبر وسائل الإعلام الموالية له في الفترة الأخيرة أن البنوك اللبنانية باتت تحت ضغوط أميركية شديدة، وترفض القبول بتحويلات نقدية.

وبسط حزب الله الذي يحمل السلاح إلى جانب الدولة في لبنان سيطرته على الحكومة لحالية، التي تشكلت في أواخر كانون الثاني بعد أشهر من المفاوضات بين أحزاب متنافسة في أعقاب انتخابات قبل عام، في بعض الوزارات، على غرار وزارة الصحة، والشؤون الاجتماعية، والمالية.

كما توجه له اتهامات بتوظيف مؤسسات الدولة لخدمة أجندات إيران في المنطقة وهو ما سيضعف قدرة الحكومة اللبنانية على إقناع واشنطن بالتزاماتها وإقناعها بالتخفيف من وطأة العقوبات للخروج من الأزمة الاقتصادية للبلاد.

واعتمدت طهران في السنوات الماضية على ميليشياتها في المنطقة وخصوصا حزب الله لتعزيز نفوذها على الساحتين اللبنانية والسورية، والإقليمية في إطار سياسة إيرانية أكبر وأشمل.

ويخشى اللبنانيون عودة الأيام الصعبة التي عايشوها خلال الحرب الأهلية التي امتدت من 1975 إلى 1990، حيث يتوجس الشارع اللبناني من استخدام حزب الله أسلحته وتوريط اللبنانيين في صراع الولايات المتحدة وإيران هم في غنى عنه، مثلما حصل بمشاركة حزب الله في الحرب في سوريا المجاورة.

وفي كانون الثاني الماضي دعت شركة المحاماة "أوسي أل أل سي" الأميركية الحكومة اللبنانية إلى التعامل بجدية قصوى مع الدعوى المقامة في الولايات المتحدة ضد مصارف لبنانية متهمة بتسهيل أعمال لصالح حزب الله.

وأكد المحامي وليام فريدمان الذي يعمل في الشركة في مقابلة مع قناة الحرة أن لديه أدلة تثبت قيام 11 مصرفا لبنانيا بعمليات مصرفية لصالح حزب الله مكنته من تنفيذ عمليات إرهابية في العراق ضد جنود أميركيين.

والجمعة، ارتفعت تكلفة التأمين على ديون لبنان السيادية إلى مستوى قياسي بعدما حذر الرئيس ميشال عون من خطر إجراءات مالية "قاسية" من مؤسسات دولية ما لم يقدم اللبنانيون تضحيات لإنقاذ بلدهم من أزمته الاقتصادية.

وأظهرت بيانات "آي.إتش.إس ماركت" أن عقود مبادلة مخاطر الائتمان اللبنانية لخمس سنوات ارتفعت إلى 990 نقطة أساس، بزيادة 33 نقطة أساس عن إغلاق الخميس.

وتبلغ نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان حوالي 150 في المئة، وهو واحد من أعلى المعدلات في العالم، ويرجع جزئيا إلى تراكم تكلفة خدمة الديون القائمة. ومعظم الدين اقترضته الحكومة من بنوك لبنانية.

وفي خطاب ألقاه الخميس، قال الرئيس عون "إذا لم نضح اليوم جميعا ونرضى بالتخلي عن بعض مكتسباتنا فإننا نخاطر بفقدها كلها حين يصبح وطننا على طاولة المؤسسات الدولية المقرضة وما يمكن أن تفرضه علينا من خطط اقتصادية ومالية قاسية".

وظل مستوى عقود مبادلة مخاطر الائتمان اللبنانية مرتفعا في الأسابيع القليلة الماضية متجاوزا قفزة في يناير/كانون الثاني أوصلته إلى 940 نقطة أساس، وذلك بينما تسعى الحكومة جاهدة لوضع ماليتها العامة على أسس أكثر استدامة من خلال ميزانية لخفض العجز وخطة لإصلاح قطاع الكهرباء الذي تديره الدولة.

(ميديل إست أونلاين)