فيما لم يصدر عن رئيس مجلس النواب نبيه بري أي موقف بعد من الرسالة الرئاسية الداعية الى تفسير المادة 95 من الدستور، اطلق الرئيس عون في خطابه لمناسبة عيد الجيش أمس ما يشبه الردود على المخاوف التي ابداها البعض حول مصير «إتفاق الطائف» في ضوء تلك الرسالة، فقال: «لا ينفع لبنان في هذه المرحلة أن يستحضر البعض لغة الماضي، وممارساته»، عازفاً على وتر الحساسيات، وطاعناً في صميم إرادة العيش المشترك ومتطلباته، التي ثبّتها «اتفاق الطائف». وأضاف: «اتفاق الطائف الذي التزمتُ بتطبيقه في خطاب القسم، والتزمت به الحكومة كذلك في بيانها الوزاري، يشكّل مظلة لنا لحماية الميثاق الوطني، عبر صون حقوق الجميع، وإحقاق التوازن بين مختلف شرائح المجتمع ومكوناته. ولا يمكن بالتالي لأي ممارسة أو موقف، أن يناقضا روحيته».

السنيورة
وعلّق الرئيس فؤاد السنيورة على تأكيد عون التزامه «اتفاق الطائف» فوصفه بأنّه «شديد الأهمية والدقة، فالرئيس هو حامي الدستور وراعي تطبيقه». وقال: «على الجميع التنويه بما قاله الرئيس في هذه المناسبة العزيزة على قلوب اللبنانيين جميعاً، وعلينا تأكيد ضرورة المتابعة في هذا التوجّه، الذي يخدم الإجماع الوطني حول الدستور، ويدعم الاستقرار والعيش المشترك». وأشار إلى أنّ «الرئيس قال في كلمته: لا ينفع لبنان في هذه المرحلة أن يستحضر البعض لغة الماضي وممارساته، عازفاً على وتر الحساسيات، وطاعناً في صميم إرادة العيش المشترك ومتطلباته التي ثبّتها اتفاق الطائف». وشدّد السنيورة على أنّ «كلام الرئيس هذا يستحق التنويه والإشادة، ويدفع للوقوف الى جانبه لكي يتأكّد ويتعمّم ويترسّخ ويتمّ التزامه من جميع الوزراء وغيرهم من المسؤولين لكي يقترن القول بالفِعل، لأنّ العبرة في نهاية الأمر بأن يكون الأداء والممارسة مطابقَين لما قاله رئيس الجمهورية».

جنبلاط
من جهته، رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط غرّد غامزاً من قناة خطاب عون، آملاً «ان يخرج البعض من عقلية الجبهات وان يكون قولاً وعملاً مع «الطائف» بعيداً عن التفسيرات والتأويلات». وقال: «المستقبل اهم من الماضي المتحجر هكذا تقول الارصدة المتقدمة والعلمية».

مرجع دستوري
الى ذلك، اكّد مرجع دستوري لـ«الجمهورية»، انّ «المادة 95 اكثر من واضحة، ويجب بمقتضاها حصر المناصفة بين المسلمين والمسيحيبن ضمن وظائف الفئة الاولى، بينما الفئات الوظيفية الأُخرى في الدولة لا تخضع الى هذه القاعدة، بل يسري عليها معيار الكفاية حصراً مع استثناء المؤسسة العسكرية والاجهزة الامنية التي ينبغي ان يراعى في تركيبتها التوازن قدر الامكان». وحذّر من «انّ الادبيات المستخدمة حالياً في معرض مقاربة المادة 80 من الموازنة والمادة 95 من الدستور تشكّل عودة الى ما قبل عام 1975، أي الى المرحلة التي مهّدت لنشوب الحرب».
وأبدى المرجع نفسه خشيته من ان يكون باطن ما يُطرح الدفع نحو التقسيم او ما يعادله. ولفت الى انّه لا يوجد نص يحدّد طائفة رئيس الجمهورية ومع ذلك توافقنا عِرفاً على ان يكون مارونياً»، وتساءل: «في المقابل، لماذا يتوقف البعض عند طائفة مأموري الأحراج وغيرهم من الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية، مع العلم انّ النص يحصر المناصفة ضمن الفئة الاولى فقط؟».

 
علامة
وفي المواقف، قال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب فادي علامة لـ»الجمهورية»، انّ رسالة عون الى رئيس مجلس النواب برّي «تؤكّد دور المجلس النيابي الحاضن لجميع اللبنانيين، والمخوّل تقديم الأجوبة الصحيحة على المواد المطروحة، كما أنّها تكرّس دور المجلس كسلطة تشريعية، ونعتبرها حقاً طبيعياً من حق رئيس الجمهورية».
من ناحية أخرى، أسف علامة لاستمرار تداعيات حادثة قبرشمون وإنعكاسها على التعطيل الحكومي، وقال: «لا نزال في موقعنا مع فشل المبادرات التي قُدّمت حتى الآن»، وأمل في «أن تتمكن المبادرات التي ستُطرح مستقبلاً من الفصل بين عمل الحكومة واستكمال التحقيقات في حادثة قبرشمون».

نجم
بدوره عضو كتلة «المستقبل» النائب نزيه نجم قال لـ«الجمهورية»، انّ «الحكومة هي مرآة البلاد، ورئيس الحكومة سيدعو الى جلسة لمجلس الوزراء حين تهدأ النفوس ويخفّ الاحتقان، ليدخل الوزراء الى الجلسة بهدف الانتاج وليس الخلاف». وإعتبر أنّ «الرئيس الحريري مستعد للدعوة الى الجلسة الحكومية اليوم قبل الغدّ». وشدّد على أنّ الحريري «يعمل على تدوير الزوايا، وحاله حال الرئيسين عون وبري، على أمل أن نصل في النهاية الى خواتيم سعيدة، لأنّ الأساس اليوم هو الوضع الإقتصادي المتردي، ووجع الناس وهمومهم».
وحمّل نجم مسؤولية التعطيل «لكل من يشنّج الأجواء» ورأى «أننا «حين نتّفق أنّ تصبح البلاد أولوية لدينا جميعاً تنتهي الخلافات».
وتخوّف من «التصنيفات الدولية التي يُتوقّع صدورها منتصف آب الحالي، ترتكز 40% على السياسة و60% على أرقام مالية، لذلك تحسّن الوضع السياسي يساهم في تحسن التصنيف الدولي».

ماريو عون
وقال عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ماريو عون لـ«الجمهورية»: «إننا تفاجأنا لدى نشر الموازنة متضمّنة المادة 80، والتي عليها علامة إستفهام كبيرة».
وعمّا سيكون الردّ على الرسالة الرئاسية الى مجلس النواب، توقّع عون العودة الى مجلس النواب ومناقشة المادة من جديد، كي تتوضّح ما إذا كانت ستلحظ فقط موظفي الفئة الأولى أم كافة الفئات.
وشدّد على «أنّ العودة الى المناقشات، لن تساهم في تعطيل المجلس النيابي لأنّ جميع الأفرقاء السياسيين اليوم يدركون خطورة هذه الخطوة وإنعكاسها السلبي على الوضع الاقتصادي».

في دائرة التعقيد
من جهة ثانية، عادت أزمة قبرشمون الى مربّعها الأول، إذ بدا أنّ كل ما جرى من لقاءات واتصالات وما طُرِح من صيغ لحل هذه الأزمة خلال الساعات الثماني والاربعين وصل الى طريق مسدود نظراً لاستمرار التباعد بين مواقف الأطراف المعنيين. فلا مجلس الوزراء تيسّرت امكانية اجتماعه قريباً ولا حصل اتفاق على المعالجة القضائية المطلوبة لحادثة قبرشمون، يُفترض ان يتظهّر في جلسة لمجلس الوزراء، فيكون الحل عبر المحكمة العسكرية او عبر الإحالة الى المجلس العدلي.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انه كان من المنتظر أن يتحرّك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في اتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري إذا شهدت الأزمة حلحلة، ولكن ما حصل ان جنبلاط انتقل من منزله في بيروت الى قصر المختارة في الشوف، فيما سيغادر رئيس الحكومة سعد الحريري خلال الساعات المقبلة الى الخارج في اطار زيارة عائلية، على ان يعود مطلع الاسبوع المقبل. الامر الذي دلّ الى ان الازمة ما زالت عصية على المعالجة وان التوافق بين المعنيين ليس متاحاً بعد.
وأكّدت هذه المصادر، «انّ مساحة كبيرة من اللاّثقة لا تزال سائدة بين الأفرقاء المعنيين، وأن ما يعوق الاتفاق بينهما على المعالجة المطلوبة هو ما يسمّى الضمانات التي يطالب بها البعض، إذ كان هناك تعويل على اللقاء الذي انعقد برئاسة رئيس الجمهورية في قصر بعبدا امس الاول، وكذلك على مسعى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ولكن زيارة الوزير وائل ابو فاعور للحريري موفداً من جنبلاط مساء أمس الأول اعادت السلبية الى الأجواء، ما أبقى مقترحات الحلول تترجح بين إحالة الى المجلس العدلي مرفقة بضمانات، أو إبقاء القضية في عهدة المحكمة العسكرية، وتنفتح في حال استدعت التحقيقات على مجلس عدلي، ولكن في ظل مساحة اللاثقة الكبيرة السائدة بينهما عاد الفريقان المعنيان بالأزمة، أي جنبلاط ورئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» طلال ارسلان الى رفع السقف، وخصوصاً جنبلاط، الذي ينظر الى المرحلة الراهنة بكثير من القلق والإرتياب، خصوصا في ضوء التطورات الجارية في اليمن ومنطقة الخليج عموماً.