أمَا آن لكم يا شيعة علي والصادق (ع) أن تستفيقوا من سكرة المفتين..!!
 
بُثَّ على مواقع التواصل الاجتماعي حواراً لرجل دينٍ، دخل مهنة الإفتاء من باب السياسة لا من باب الفقه والعلم، وهذا غير مستغربٍ في بلدٍ محكومٍ بالفاشلين، ولكن الغرابة تكمن في إزدواجية الحياة بالنسبة لهؤلاء الذين يقولون ما لا يفعلون، يُبعدون الناس عن الدنيا وهم أكثر الناس تمسكاً بها، وهذا ما يضعهم أمام عدسة العين وتحت المجهر،لطالما قدَّموا أنفسهم وعَّاظاً ودعاةً وأحباباً لله تعالى لا للشيطان الرجيم..
 
 تربينا على أنَّ رجل الدين يُخضع نفسه للفقر ولأسوأ ظروف الحياة، هكذا قال أئمة أهل البيت (ع) "إخشوشنوا فإنَّ النعم لا تدوم... أو من أحبَّنا أهل البيت فليستعد للفقر جلباباً، ـ أي ليزهد في الدنيا وليصبر على الفقر ـ  وإنَّ الله فرض على أئمة العدل أن يُقدِّروا أنفسهم بضعفة الخلق أو الناس".. فخشونة الأئمة (ع) ومولانا الصادق (ع) صادق أهل البيت (ع) كانت مفتاح الحوزات الدينية والعلمية في قم والنجف، لذا خرَّجت علماء أبرار متصوِّفين أتقياء، وزاهدين سكنوا السراديب ولم يسكنوا القصور، وهذا ما جعل من المرجعيات الشيعية حالة مشابهة في العيش للحالات الاجتماعية الأكثر فقراً في الوسط الشيعي، ولا حاجة لذكر الأسماء لأنَّ الآئحة تطول، باستثناء من جعل من المرجعية تجارةً رائجة ورابحة في العصور المتقدمة، فعنوان رجل الدين العفَّة والطهارة والعيش البسيط، والتواضع في المأكل والملبس والمشرب، إلى أن جاءتنا الموجة تلو الموجة من خلال ما نسميه بالإسلام "الرسمي"، من هنا نرى طبقات من رجال الدين تتخذ الوظائف العامة ترفاً لا يوصف، ونعيماً لا يفنى.. لا أعرف كيف يمكن لرجلٍ وهب نفسه لله،واتخذ من علي (ع) جلباباً له، ومن الحسين (ع) ثائراً على الفقر والظلم، كيف يكون عنواناً كبيراً للثراء الفاحش!!؟؟ حيث ينام البعض منهم على وفيرٍ من الحرير والحرائر، ويتكأ على السندس ويلبس الإستبرق، ظناً منه أنه يتقرَّب به إلى الله وما وعده به في الآخرة، فالذي دعا إليه أئمة أهل البيت (ع) نوم الخشونة وليس نوم حرير الجنة، وما أضاف على ما وعد الله المؤمنين في كتابه العزيز من مسابح محاطة بخيمٍ كهربائيةٍ لا تؤذي الشمس جسمه الطري الناعم، ومن قامات مختلفة من الأشجار التي لم يسمِّيها ربنا في القرآن الكريم، لا هي من الأعناب ولا من الرمان ولا من التين والزيتون، أشجارٌ وافدة من بلاد إيطاليا وإسبانيا، وأخرى من بلادٍ آسيويةٍ تضفي على جمال أشجار الغرب فسحةً من الشرق الجميل.. 
 
 
قصدته مرَّةً على أنها خيمةٌ من خيم رمضان تستقبل الصائمين أو تودِّع المعزِّين في موسمي العاشر من محرم ومن شهر رمضان المبارك، فوجدت جناتٍ تجري من تحتها الأنهار، تكاد لا تبصر شيئاً غير موصوفٍ من كتاب الله العزيز.. آنذاك شعرت بخيبة أمل من صنفٍ يحتكر الدنيا ويدعو الآخرين من الطيبين إلى رفسها، باعتبارها جنَّة الكافر، وآنذاك شعرتُ أيضاً بمصادرةٍ كبرى للمذهب الذي أنتمي إليه، هذا المذهب الذي قام على طُمرِ عليٍ (ع) وقرص شعيره، ودمَ الحسين (ع).. كيف دعاته أثرياء يتجاوزون خط الغنى الفاحش لا بأمتارٍ بل سنواتٍ ضوئية، جمعتُ عباءتي المثقلة بتعاليم أئمتنا (ع)، وهربتُ لائذاً بمملكة زين العادين (ع) أسبحُ معه في مسابح الأدعية، تاركاً لقياصرة الجُدد مسابحهم العامرة بكل ما حرَّموه على الآخرين، وحلَّلُوه لأنفسهم باعتبارهم ممثلي الله على الأرض، لقد كفرتُ بهؤلاء الوسطاء، واكتفيتُ بثوب أمي العتيق المُطرَّز بخيطان الدخان والتبغ، وبقميص أبي المجبول بعرق الفلاحين..
 
 أمَا آن لكم يا شيعة علي والصادق (ع) أن تستفيقوا من سكرة المفتين..!!