نشرت "العربية" مقالاً بعنوان " الصين وروسيا حليفتان وعدوتان.. ما هي مصالحهما المشتركة؟"، أشارت فيه الى أن روسيا والصين دولتين صديقتين وعدوتين في نفس الوقت؛ فمصالحهما تتقاطع في كثير من الأحيان، خصوصاً عندما يتعلق الأمر باَسيا الوسطى وتتفقان حينما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة، حسب ما نشرته مجلة "يورواسيا ريفيو" عن العلاقة الصينية الروسية.
 
وقال كاتب المقال جيمس دورسي إن المناورة العسكرية الطاجيكية الصينية المشتركة في منطقة طاجيكية مطلة على منطقة سنجان الشمالية الغربية المضطربة في الصين تشير إلى أن التعاون العسكري الصيني - الروسي المتزايد لم يضعف تدريجياً من التنافس المتصاعد في آسيا الوسطى، المنطقة التي لطالما اعتبرتها موسكو كفناء لها.
 
وتزامنت هذه المناورة – الثانية خلال ثلاث سنوات – مع بناء الصين لمراكز مخصصة لحرس الحدود ومركز تدريب، بالإضافة إلى إنشاء مرفق أمني صيني على طول الحدود الطاجيكية الأفغانية بطول 1300 كيلومتر، وتتعارض الهيمنة الصينية على الاقتصاد الطاجيكي، والتخلي عن الأراضي الطاجيكية قبل عقدين تقريباً مع الترتيبات الروسية الصينية في المنطقة.
 
إذ إن الترتيبات غير الرسمية تتضمن تقسيم العمل الذي بموجبه تتوسع الصين اقتصاديا في آسيا الوسطى بينما تضمن روسيا أمن المنطقة.
 
وتأتي المناورة بعد أيام من إطلاق الصين وروسيا أول دورية جوية مشتركة وبعد شهور من المناورات المشتركة بين القوات الطاجيكية والروسية.
 
علاقات أمنية
 
وقال الخبير الروسي ستيفن بلانك إن "المناورة مثلت خطوة قادمة للتعدي الصيني الشامل على "منطقة النفوذ" في آسيا الوسطى المُعلن عنها ذاتيًا في روسيا".
 
وقال الباحث في أوراسيا بول غوبل: "لقد أولت موسكو القليل من الاهتمام لإمكانية أن تبني الصين قوتها الناعمة في آسيا الوسطى لإقامة علاقات أمنية أو حتى قواعد وبالتالي تسريع تراجع النفوذ الروسي هناك".
 
إن التعدي المتصور ليس سوى علامة على أن روسيا تسعى إلى موازنة عزمها على التحالف مع الصين في محاولة للحد من قوة الولايات المتحدة مع حقيقة أن المصالح الصينية والروسية قد تتعارض.
 
وقد ظلت قيود التعاون الروسي الصيني ظاهرة للعيان منذ وقت طويل.
 
وامتنعت الصين، على سبيل المثال، عن الاعتراف بإعلانات الاستقلال المدعومة من روسيا في عام 2008 لمنطقتين في جورجيا، أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية التي أشعلت مؤخرًا احتجاجات مناهضة للحكومة في تبيليسي.
 
 
 
كما امتنعت الصين عن التصويت في مجلس الأمن الدولي لعام 2014 على قرار يدين ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.
 
تهديد لسوق التصدير الروسي
 
وفي الوقت نفسه، يتقلص اعتماد الصين على التكنولوجيا العسكرية الروسية، مما يهدد على الأرجح سوق التصدير الروسي الرئيسي. حيث أطلقت الصين في عام 2017 جيلها الخامس من مقاتلات تشنغدو J-20 التي يقال إنها متفوقة من الناحية التقنية على المقاتلات الروسية سوخوي سو -57.
 
ولعل النقطة الأهم هي أن الرئيس الصيني شي جين بينغ اختار في 2013 الكشف عن مبادرته "الحزام والطريق" في العاصمة الكازاخستانية أستانا بدلاً من موسكو.
 
ومن خلال القيام بذلك، ورفضه حتى الآن الاستثمار في السكك الحديدية والطرق التي من شأنها أن تحول روسيا إلى مركز نقل، فإن الرئيس شي فعليًا همش روسيا، على الأقل فيما يتعلق بركيزة بنية النقل الرئيسية للمبادرة.
 
تطور مستمر
 
ورغم ذلك، أشاد تقرير جديد صادر عن وزارة الدفاع الصينية بالتطور المستمر لعلاقة عسكرية "رفيعة المستوى" مع روسيا "تثري شراكة التنسيق الاستراتيجية الشاملة بين الصين وروسيا لعصر جديد وتلعب دورًا هامًا في الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي العالمي".
 
 
 
وفي محاولة لضمان بقاء روسيا لاعباً رئيسياً في الساحة الدولية واستغلال التوتر المتصاعد في الخليج، اقترح نائب وزير الخارجية الروسي والممثل الخاص إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوجدانوف هذا الأسبوع فكرة الأمن الجماعي التي قد تستبدل مظلة الدفاع الأميركية في الخليج وتنصب روسيا كوسيط قوة إلى جانب الولايات المتحدة.
 
وقد تستلزم الفكرة إنشاء "تحالف لمكافحة الإرهاب (من) جميع الجهات المعنية" يكون بمثابة محرك لحل النزاعات في جميع أنحاء المنطقة وتعزز ضمانات الأمن المتبادلة. وسيشمل ذلك إزالة "النشر الدائم لقوات الدول غير الإقليمية في أراضي دول الخليج"، في إشارة إلى القوات والقواعد الأميركية والبريطانية والفرنسية.
 
ودعا اقتراح بوغدانوف إلى نظام أمني "عالمي وشامل" يأخذ بالحسبان "مصالح جميع الأطراف الإقليمية وغيرها من الأطراف المعنية في جميع مجالات الأمن، بما في ذلك أبعادها العسكرية والاقتصادية، وكذلك أبعاد الطاقة" ويضمن توفير مساعدة إنسانية.
 
مؤتمر دولي
 
وسيطلق التحالف الذي يضم دول الخليج وروسيا والصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند بالإضافة إلى أصحاب المصلحة الآخرين، في إشارة مرجحة لإيران، مؤتمرًا دوليًا حول الأمن والتعاون في الخليج.
 
وأشار الاقتراح إلى الميزة التي تحظى بها روسيا وهي أن لديها علاقات جيدة مع كل الأطراف.
 
وقال العالم السياسي، ديمتري يفريمنكو، "إن مساهمات روسيا في مكافحة شبكات الإرهاب وتحرير أجزاء من سوريا والعراق يمكن اعتبارها بمثابة اختبار لدور شرطي في منطقة أوراسيا الكبرى" التي ستشمل الشرق الأوسط.
 
وقد أكد السيد بوتين هذا الأسبوع على أنه الشرطي في إشارة إلى دعمه لصديقه الرئيس القيرغيزي السابق المازبك أتامباييف الذي كان في مأزق. وبعد اجتماع في موسكو، حث بوتين عدو السيد أتامباييف، الرئيس سورونباي جينبيكوف، على عدم توجيه أي اتهامات.
 
وفي ذات الوقت، وعد السيد بوتين خلال زيارته إلى قيرغيزستان في شهر مارس السيد سورونباي جينبيكوف بمكافأة.
 
وقال بوتين: "تحتاج قيرغيزستان إلى الاستقرار السياسي. على الجميع الاتحاد حول الرئيس الحالي ومساعدته على تطوير الدولة. لدينا العديد من الخطط للتعاون مع قيرغيزستان ونحن مصممون تمامًا على العمل معًا مع القيادة الحالية للوفاء بهذه الخطط."
 
وخلال الزيارة، وقعت روسيا وقيرغيزستان اتفاقًا لتوسيع قاعدة كانط الجوية بـ 60 هكتارا-وهي قاعدة تبعد 20 كيلومترا شرق العاصمة بيشكيك وتستخدمها القوات الجوية الروسية-وزيادة المبلغ الذي تدفعه روسيا للإيجار.
 
صفقات بـ 6 مليارات دولار
 
كما أغدق بوتين على مضيفيه صفقات تُقدر قيمتها بـ 6 مليارات دولار تتراوح بين الطاقة والموارد المعدنية والهيدروكربونات إلى الصناعة والزراعة.
 
كما خصص بوتين 200 مليون دولار لتحسين البنية التحتية الجمركية والمعدات الحدودية لوضع حدٍ لمساندة عشرات الشاحنات على الحدود الكازاخستانية القيرغيزية وذلك لأن قيرغيزستان لم تتمكن حتى الآن من الامتثال بالمتطلبات التقنية الخاصة بالاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي بقيادة روسيا.
 
وأعطى الرئيس الأوزبكي شاكت ميرزيايف الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي- الذي يضم روسيا وكازاخستان وقرغيزستان بيلاورسيا وأرمينيا- دفعة من خلال إعلانه أن أوزباكستان ستحتاج الانضمام إلى الكتلة التجارية لضمان الوصول إلى أسواق تصديرها.
 
 
 
حيث إن أعضاء الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي يمثل 70% من صادرات أوزبكستان.
 
وقال الباحث في المجال الروسي والأورآسيوي، بول سترونسكي: "إن الدبلوماسية الصينية الماهرة تجاه روسيا أبقت المشاحنات خلف الأبواب المغلقة. ولكن مع إدراك الصين الآن أنها قد تحتاج إلى تعزيز موقفها الأمني في المنطقة، يصبح مدى استمرار هذا الاستقرار غير واضح".