لا بالعرق ولا بالرغيف سيحيا المواطن اللبناني،كيف يمكن أن يتخلف هذا البلد وكل الزعماء الدينيين والسياسيين يتميزون بجودة العرق والسكر، أي سكر السلطة.
 

هذا هو المسيح الأعظم، والثائر الأكبر، شأنه وحاله كشأن وحال المصلحين والأنبياء الذين ثاروا على الظلم والفقر، وأصرَّوا على الكفاح ومحاربة الظلم، وهم الذين يسفِّهون كل من لا يخدم الإنسان ولو كان حاكماً مقدَّساً، وآمراً وناهياً وقائداً ومرشداً وولياً وفقيهاً ومرجعاً ومقدَّساً أعظماً، هذا هو المسيح أعلنها ثورة على الذين يزورون ويتاجرون بالعباد والبلاد والذين حوَّلوا دعوته وإرادته وصوته وضميره لمنافعهم القائمة على إفقار الناس، تحت ألف ذريعة وذريعة، وهو الذي نقم وصب جامَّ غضبه على الذين يستغلون لقمة الفقير، والمتخمين والمتآمرين على هذا الإنسان الذي مجَّده الرب، وهذا المسيح هو القائل : "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"، أراد يا حكام العباد والبلاد أنكم أنتم الكهنة ورجال السلطة من دينيين وسياسيين، حولَّتم سياساتكم وأديانكم إلى تجارة تمنعون عن الشعب الخبز لتوفروه لأنفسكم وعيالكم وأحزابكم ولذويكم، ولكل من لكم به هوىً أو مصلحةً، كل ذلك من أجل التقرب وإرضاء الرب السماوي، هكذا نقرأ العظماء، وهكذا نقرأ الثائرين من أجل حماية شعبهم، وهكذا نقرأ في مواقفهم وكلاماتهم أسطع الكلمات وأجمل المواقف عندما قال هذا المسيح العظيم: " إنهم يحملون أحمالاً ثقيلةً  شاقة الحمل، ويضعونها على أكتاف الناس، وهم لا يريدون أن يحرِّكوها بإصبعهم.. وكل أعمالهم يعملونها لكي ينظرهم الناس، فيعرضون عصائبهم ويُعظِّمون أهداب ثيابهم، ويحبون المتكأ الأول في الولائم، والمجالس الأولى في المجامع، والتحيَّات في الأسواق، وأن يدعوهم الناس : سيدي سيدي"؟؟! ثم يخاطب رجال الدين ورجال الكهنة: " ويلٌ لكم أيها الكتبة والفرِّيسيُّون المراؤون لأنكم تأكلون بيوت الأرامل ولعلَّةٍ تُطيلون صلاتكم".

نعم لقد ضاقت بنا وبكل اللبنانيين ـ ما عدا المحزبين المستفيدين وتجار الهيكل والهياكل، وتجار التراب والتربة، والموظفين الذين يأكلون من دون أن يقدموا شيئاً لهذا البلد بل هم كلٌّ علينا وعلى البلد وعلى رأسهم شيوخ ومفتين وصغار الكتبة ـ لم يبق أمامنا فسحة أمل ضيقة نأمل منها النفاذ، لا بالعرق ولا بالرغيف سيحيا المواطن اللبناني،كيف يمكن أن يتخلف هذا البلد وكل الزعماء الدينيين والسياسيين يتميزون بجودة العرق والسكر، أي سكر السلطة، ونجاحهم التجاري والإقتصادي في كل القطاعات، ثم يفشلون أو يعجزون عن إنقاذ هذا البلد من شرِّ الوسواس الخناس الذي ما زال يسيطر على نفوس الناس، وقد ورد على ألسنة الأنبياء والأولياء من أنه "لكل شيءٍ سكرة، وسكرة السلطة بعيدة الإفاقة".