هل يُدفع الوزير صالح الغريب الى تقديم استقالته من الحكومة، رداً على عدم استجابة الرئيس سعد الحريري لمطلبه والنائب طلال ارسلان بإحالة حادثة قبر شمون الى المجلس العدلي؟ وهل يسمح حلفاء ارسلان بالوصول الى هذا الخيار؟
 

طالما إنشغل اللبنانيّون، كما السياسيون، بتحليل تغريدات رئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي «وليد بك» باعتباره قارئاً جيّداً للأحداث وخلفياتها الخارجية وتداعياتها الداخلية، فكيف إذا حصرَ أخيراً تغريداتِه بأحداث الجبل والمجلس العدلي، مستعيناً غالباً بتعليقات ساخرة تبطن رسائل موجّهة، تزيد في إرباك الأجواء السياسية.

يبدو اليوم المأزق الدرزي – الدرزي مستمرّاً، فبعد سبعة أشهر من مخاض ولادة حكومة «الى العمل» إتّضح للبنانيّين أنّ العقدة الفعلية في سيناريو تأليف الحكومة لم تكن «مرشّح المناورة» جواد عدرا، ولم تكن مبدأ التمثيل الدرزي المتوازن، ولم تكن تمثيل النائب طلال ارسلان في الحكومة، ولم تكن درزية – درزية فعلياً، بل كانت في «محاصرة الزعيم وليد جنبلاط»، كما تؤكد مصادر الحزب التقدمي. وترى هذه المصادر أنّ المستجدّات التي تواترت بعد تأليف الحكومة إن في التعيينات أو في الفيتوات أو في التصريحات أو في الزيارات أوالمزيدات، جاءت لتؤكّد أنّ ما فطن إليه وليد جنبلاط وأنصاره لم يعد خافياً على أحد.

أما مصادر رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان فتوضح أنّ «تمثيل الوزير صالح الغريب لم يكن المشكلة أو العقدة، بل كان هو الحل الذي وافق عليه الجميع وأوّلهم خصوم اليوم أي وليد جنبلاط». فيما دلّ مسار تأليف الحكومة أنّ تمثيل الغريب لم يكن مطلباً للمعنيين الأساسيين، بل كان تأمين الثلث الضامن لفريق «التيار الوطني الحر»، وكان الهدف الفعلي من تسمية الغريب اختراق حصة جنبلاط، فأصاب فيها العهد وحلفاؤه عصفورَين بحجر وربما ثلاثة عصافير بحجر، فأمّنت تسميته:

-1 إرضاء الحلفاء أي ارسلان الداعم الأساسي لفريق العهد في الانتخابات النيابية وتمثيله في الحكومة.
-2 محاصرة جنبلاط إرضاءً لحلفاء «حزب الله» الأساسيّين وتحديداً سوريا بشخص الرئيس بشار الأسد الذي لم ينسَ موقف جنبلاط الشخصي منه.
-3 تأمين الثلث الضامن وهو الهدف الذي تبيّن لاحقاً أنه المطلب الأساسي لفريق العهد، وتحديداً للوزير باسيل الذي تمكن من تحقيق مبتغاه بتسميةِ درزيٍّ ثالث مستقل ظاهرياً، لكنّه عملياً حُسب من حصّة رئيس الجمهورية، فوقعت القرعة على الوزير الغريب الذي كان العقدة والحلّ بعدما وافق عليه جنبلاط.

مَن يفرّق الدروز؟
أمّا اليوم وبعد تطوّر الأحداث في الجبل فتبيّن أنّ الفريقين لم يوفّقا بالسيناريو الذي تسبّب عملياً بأزمة حكومية نتيجة هذه الحادثة الأمنية الاخيرة... والتي تبيّن أنّ مسبّباتها كانت تراكم الأحداث والحقد الدفين الذي فرّق أقطاب الطائفة الدرزية في ما بينهم من خلال حوادث أمنية طالت المجتمع الدرزي أوّلاً والسلم الأهلي ثانياً، خصوصاً حادثتي الشويفات وقبرشمون. ولم يعد الوزير الغريب المخرج لإنطلاقة حكومة «الى العمل»، بل أصبح مطلبه بإحالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي هو العقدة.

اليوم بعد تصريحات النائب طلال ارسلان التصعيديّة التي يصرّ فيها على إحالة قضية قبرشمون إلى المجلس العدلي، وبعد تنبيه رئيس الحكومة والوزراء من مغبّة رفضهم الإحالة، وبعد إصرار رئيس الحكومة على تحييد «المطلب السياسي» وعدم إدراجه في جدول الأعمال، هل يتراجع الوزير جبران باسيل عن مراعاة حليفه إكراماً للتسوية السياسية بينه وبين الحريري، وربّما بطلبٍ من الرئيس عون، أم يتراجع باسيل بسبب كثافة الملفات التي تنتظر إنعقاد مجلس الوزراء لتسيير المشاريع التي لا تنتظر؟

والسؤال الأهم ،هل يرضخ ارسلان ومَن وراءَه أمام تراجع باسيل وثبات الحريري؟ وماذا لو فاجأ الغريب الجميع بتقديم استقالته من الحكومة؟
وماذا سيكون موقف الأطراف ولا سيّما الوزير باسيل بعد فقدانه الثلث الضامن الذي قد يطير في لحظات من الحكومة، بعدما سعى لأجله شهوراً؟ فهل تصحّ التوقعات ويُعاد تركيب الـ Puzzle الحكومي ويعود الجميع إلى نقطة الصفر؟.