ماذا بعد إقرار الموازنة هل تعود الحكومة إلى عملها؟
 
بعدما انتهت مسيرة جلجلة الموازنة، فبات منتظراً أن تعود الامور الى طبيعتها ويأخذ البلد استراحة إن لم يكن من أجل هذا الشعب المسكين، الذي أرهق طوال ثلاثة أشهر، فعلى الأقل من أجل أن تعود عجلة الحكومة الى الدوران.
 
ولقد قيل الكثير في هذه الموازنة منذ أن كانت مشروعاً الى أن أصبحت قانوناً، وسيُقال الأكثر في طالع الأيام. ويكفي الموازنة، هذه، أنها ألهبت المشاعر وحرّكت الشارع ودفعت بفئات وهيئات الى التظاهر والاعتصام بما يتجاوز كل منطق وعقل.
 
 وعادت المساعي السياسية لمعالجة ذيول جريمة قبرشمون البساتين لتراوح مكانها، فيما تقدمت الاجراءات القضائية عبر تسلّم مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي كلود غانم  ملف التحقيقات الاولية التي اجراها فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، وقد باشر بقراءته تمهيدا للادعاء على المتورطين ،لكن انتكاسة مفاجئة طرأت على جهود التوافق لعقد جلسة لمجلس الوزراء، عند الساعة الخامسة بعد ظهر اليوم، حيث كان من المتوقع، ان يوجه الرئيس الحريري الدعوة لعقد الجلسة غداً الخميس.
 
 
 وهكذا عاد حادث البساتين يتصدر اهتمامات المسؤولين بعد انتهائهم من ملف الموازنة العامة، فهل تُشكّل إحالته إلى القضاء العسكري مدخلاً إلى طي صفحة هذا الحادث، ويستأنف مجلس الوزراء المعطل منذ أكثر من ثلاثة أسابيع اجتماعاته لمعالجة الملفات الأخرى ذات الصلة المباشرة بالتزامات لبنان تجاه مؤتمر سيدر ويحصل على الهبات والقروض الميسرة التي اقرها هذا المؤتمر كمساعدة من الدول المشاركة لإخراج لبنان من ازمته الاقتصادية والمالية التي وصلت إلى حدّ إفلاس الدولة كما حصل لليونان منذ فترة ليست ببعيدة أم ان مواقف الفرقاء المتشنجة لا سيما الفريق المنتمي إلى التيار الوطني الحر والمقصود هنا رئيس حزب اللقاء الديمقراطي اللبناني، ستحول دون وصول الجهود المبذولة إلى النهاية السعيدة .
 
ان المخرج لإنهاء ذيول حادث البساتين بات معروفاً تماماً ويقضي باحالته إلى المحكمة العسكرية مع إبقاء الباب مفتوحاً على إمكان الاحالة إلى المجلس العدلي في ضوء ما ستسفر عنه التحقيقات على ان تشهد المرحلة التي تلي ذلك خطوة المصالحة برعاية رئيس الجمهورية وتضع حدّاً لكل الإشكالات الدرزية  الدرزية من حادثة الشويفات إلى إشكال الجاهلية وما تبعه من استفزازات وانتهاءً بحادث البساتين الذي كاد ان يُعيد البلاد إلى أجواء ومناخات  الحرب الأهلية السيئة الذكر، ولا يوجد أي مخرج آخر، فلماذا إذن لا يزال رئيس حزب الديمقراطي اللبناني يرفض ذلك ويواصل التصعيد وبمن يستقوي ويرفض كل المبادرات الموضوعية لإنهاء هذه الأزمة وامتصاص تداعياتها على الاستقرار في الجبل،  الا إذا كان صحيحاً ما يعزوه رئيس الحزب التقدمي إلى النظام السوري الذي يتولى خطة محاصرته سياسياً انطلاقاً من محاصرته في الجبل وإلغاء مفعول المصالحة التاريخية بين الدروز والمسيحيين والتي أرساها مع  البطريرك الراحل مار بطرس صفير، وإذا كان الأمر ليس كذلك، فإن الحل الذي قبل به رئيس التقدمي هو الأفضل  لطي ملف حادث البساتين وإعادة الحياة الطبيعية إلى الجبل وضخ الدم مجدداً في جسم الحكومة المتوقفة عن العمل نتيجة تطلّب النائب طلال أرسلان في شروطه التصعيدية ورفضه القبول بأي حل اخر. وفي تقديرنا أخيراً يصبح سؤال وليد جنبلاط الشهير مشروعا الى أين؟.البلد كله في عنق الزجاجة ومن له أذنان سامعتان فليسمع!.