هذه الظاهرة لم تستسغها القيادة الإيرانية وقد لاقت أنواع من التنديد بها دون استخدام القوّة حتى الآن وهذا ما يعكس صورة الواقع الإيراني الممزق بين مفهومين متناقضين بالكامل.
 
يكثر الحديث عن متع شرعية ومتع مستحدثة في إيران بحيث أن ظواهر العلاقات الجنسية المتعددة الأسماء تجتاح المدن وخاصة مدينة طهران في ظل سكوت رسمي يراعي الظروف الصعبة التي يمر بها الأيرانيون نتيجة الحصارات الإقتصادية المفتوحة عليها من قبل الإدارة الأميركية والعقوبات المتزايدة والمتلاحقة من قبلها والتي وضعت الاقتصادي الإيراني في أسوأ ظروفه، وهذا ما هزّ كيان كل بيت إيراني وهذا ما يدفعه الى التخلي عن كل ما يتصل بالنظام السياسي من مفاهيم كبّلت المجتمع وجعلته أسير ممنوعات الحرس وشرطة الآداب التي كانت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بواسط العصا فيما يتعلق بلباس النساء وما يحرمه الفقيه على الرجل والمرأة، وباتت مختصة فقط في تأديب الإصلاحيين وغض النظر عما حرمه الفقية بحيث بات الحجاب مثلاّ قطعة قماش بحجم الكف وسط الرأس .
 
وتماشياً مع سياسات غض النظر عن الممنوع بات المسموح هو السائد لتنفيس الإحتقانات الشعبية وترك المجال مفتوحاً أمام ممارسة "الرذائل" حتى لا يتم توظيف الإحتقانات الشعبية في سياسات الإعتراض على الحكم في المجالين الداخلي والخارجي .
 
من ضمن المسموح وجود سوق للمتعة بحيث يذهب من يريد الإستمتاع المؤقت الى هذا السوق ومن الجنسين وتنظم علاقات بواسطة عقد المتعة الذي يجيزه المذهب الشيعي حتى أن غير الإيرانيين من الذين يقصدون إيران للسياحة الدينية يواضبون على زيارة السوق بحثاً عن المتعة الشرعية، ويبدو أن الأمر تطور الى  نوع آخر من المتعة وهو الزواج الأبيض أو ما يسمونه بالفارسية "ازدواج سفيد" وهو نوع من المساكنة كما هو الواقع القائم في الغرب دون أن يُبتنى على هذه المساكنة أي نوع من المسؤولية التي تفرضها المتعة المرخصة بحيث لا تتوفر في هذا الزواج عقود أو شهود ولا تترتب عليه نفقات أو مسؤوليات.
 
 
هذه الظاهرة لم تستسغها القيادة الإيرانية وقد لاقت أنواع من التنديد بها دون استخدام القوّة حتى الآن وهذا ما يعكس صورة الواقع الإيراني الممزق بين مفهومين متناقضين بالكامل والأول تمثله السلطة ومن معها والثاني يمثله المجتمع في طليعته الشابة وخاصة جيل التواصل الاجتماعي الذي يرتب حياته وفق شروط التقنيات الحديثة لا وفق الرسالة العملية للفقيه، وهذا ما يدفعه الى البحث عن الملذات على ضوء المجتمعات المتقدمة والتي يتأثر بها الإيرانيون  بشكل كبير وخاصة في تماهيه مع طريقة الحياة الأميركية والتي تمثل بالنسبة له أعلى نموذج من نماذج العيش الترفيهي.
 
بغض النظر عن مشروعية المتع وضروراتها أو محظوراتها في بلد مستقيم على الصراط القويم بلد الإعوجاج فيه نتيجة لأزمات متعددة وليس تلبية لرغبات بشرية فقط، لذا من المفترض معاينة أمراض المجتمع الإيراني بحكمة وتذليل كل العقبات من أمامه لأن التعاطي مع الجيل الصاعد بخفّة أو بغير حكمة أو باستخدام القوّة كما هو ديدن الدول المستبدة سيعرض إيران الى موجات من العنف الداخلي وهذا ما يصطدم مع ظروف إيران الحالية، ويبدو أن القيادة الإيرانية المتفهمة لحاجات الشباب كرهاً تُدرك خطورة التعاطي العنفي مع ظاهرة الأبيض حتى لا يحل السواد مكانه وهذا ما يسيل الدماء الإيرانية على بساط الهوس اذا ما قرر أحد إعمال العصا والرصاص والسجون بمن أراد "الإزدواج" طريقاً للتعبير عن سخطه لسياسة حاصرت إيران من الداخل والخارج في لحظة واحدة .