ليس من الصائب أن يفكر الآخرون في حل سلمي لأزمة إيران. الصحيح أن يُترك الإيرانيون عزلتهم ليتصرفوا وفق ما تمليه عليهم تقديراتهم.
 

العالم وبضمنه العالم العربي حريص على أن لا تنشب حرب جديدة في المنطقة، بسبب سياسات إيران وطريقة تعاملها مع أزمتها. لا يتعلق ذلك الحرص بالخوف من إيران بل عليها. فليس هناك مزاح في حسابات الربح والخسارة في مسألة من ذلك النوع.

إيران بعكس مناصريها لا تمنّي نفسها بالانتصار في تلك الحرب. كيف تنتصر والعالم كله ضدها؟ ذلك سؤال يقع في هامش غير مرئي. لا يريد المجتمع الدولي تكرار جريمة حرب العراق عام 2003 التي أدت إلى غزوه واحتلاله وتدميره وإعاقة قيام دولة مدنية فيه حتى الآن. كما أن الطرف الخاسر في الحرب يراهن على استعمال قدراته الحربية التدميرية قبل أن يتحقق من هزيمته. فهو لن يستسلم بيسر.

الحرب التي ستقع في منطقة إستراتيجية بالنسبة للطاقة سيكون لها أثر سلبي على الاقتصاد العالمي وهو ما يمكن أن يلحق الضرر باقتصاديات بلدان صغيرة، لا علاقة مباشرة لها بالحرب. في كل الأحوال فإن الحرب ستكون ضارة للجميع. غير أن ضررها الأكبر سيقع على إيران، على شعبها بالأخص.

إيران هي الطرف الذي ستدمره الحرب. ميزان القوى يؤكد ذلك. وإذا ما كان مناصرو إيران يعتقدون أن هناك قوى خفية ستعين إيران في حربها وستبعد عنها الدمار فإن النظام الإيراني يعرف جيدا أن لا وجود لتلك القوى. لذلك فإن على إيران تقع مسؤولية التفكير في البحث عن حلول للخروج من الأزمة التي هي فيها من غير الوصول إلى حافة الحرب.

اللعب الإيراني على الوقت لا معنى له أبدا. فما من أمل في أن تتراجع الولايات المتحدة عن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها عليها. كما أن أحدا في العالم لا يملك القدرة على مد طوق النجاة لها في ظل الإصرار الأميركي على أن المفاوضات المباشرة هي البديل عن الحرب. وهو حلّ مثالي بالنسبة للجميع.

وإذا ما كانت إيران لا ترى في المفاوضات حلا عادلا لأزمتها فإنها كمَن يهدد العالم بالحرب التي لا يرغب في وقوعها أحد. ما يحدث على الجانب الإيراني يمكن اعتباره نوعا من المراوغة السياسية التي لا علاقة لها بما يفكر فيه خصوم النظام الإيراني الذين يشعرون أن تلك المراوغة لا تمتّ بصلة إلى أصل الصراع.

في حقيقة ما يفعله فإن النظام الإيراني لا يرغب في أن يتراجع عن سياساته التي أدّت إلى نشوب الأزمة مع المجتمع الدولي. ما يفكر فيه ينحصر بين تفجيره لمشكلات جانبية ورغبته في أن يرى الآخرين وهم يبحثون عن حل لتلك المشكلات. أما أزمته الجوهرية فإنه لا يفكر في مواجهة أسئلتها. هل ومتى ستقع تلك الحرب؟ كيف يمكن تفادي وقوعها؟ ما المطلوب لكي لا تقع؟ ما حجم الأرباح والخسائر فيما إذا وقعت تلك الحرب؟ ما الذي نخسره من أجل أن لا تقع قياسا لما نربحه؟

تلك أسئلة ينبغي أن يجيب عليها الإيرانيون وهم الملومون إذا تأخروا في البحث عن إجابات لها. فالوقت ينفد. كما أن سلوك النظام الإيراني الطائش في الخليج قد لا يؤدي إلى تأخير اندلاع شرارة الحرب بل بالعكس قد يؤدي ذلك السلوك إلى إفساد الرغبة العالمية في تحاشي وقوع الحرب.

ليس من الصائب أن يفكر الآخرون في حل سلمي لأزمة إيران فيما يصر النظام الإيراني على اللعب بالنار. الصحيح أن يُترك الإيرانيون عزلتهم ليتصرفوا وفق ما تمليه عليهم تقديراتهم. فإن شاءوا الخروج بسلام من الأزمة فما عليهم سوى الدخول من باب المفاوضات المفتوحة أمامهم. أما إذا أصرّوا على الاستمرار في ألعابهم الشيطانية من خلال التهديد بضرب الأمن في الخليج فإن ذلك يعني أنهم يضعون العالم أمام احتمال الحرب الكريه الذي لا بد منه.

الخوف على إيران له حدود. وهي حدود تنتهي حين يكون الأمن العالمي في خطر.