عندما أعلن عام 1985 أن جيهان السادات انضمت أستاذةً إلى جامعة ساوث كارولاينا، خطر لي من أفكار ما خطر لجميع السذّج: ما هذه الصفقة السطحية؟ فإذا كان الأميركيون يريدون أن يدبّروا عملاً، أو مكافأة لأرملة أنور السادات، ألم يكن في الإمكان العثور على وظيفة فخرية لا تتطلب كفاءات معينة؟ أما أستاذة جامعية، فما المادة التي سوف تدرسها؟ لنفترض أنها سوف تروي لطلابها تجربتها مع السادات وزيارته إلى القدس و«كامب ديفيد»، واغتياله على منصة «6 أكتوبر»؛ مجده التاريخي... وماذا بعد؟ ما الدرس أو المحاضرة التالية؟


كل هذه الأسئلة خطرت أولاً؛ لجيهان السادات. خافت التحدي والمهمات. لكنها قررت أنها سيدة مصرية وعليها أن تثبت ذلك. ولم تكتفِ بالتدريس طوال نحو عقدين، بل أنهت أيضاً شهادة الدكتوراه التي كانت بدأت الإعداد لها في مصر.


يوم أفاقت أستاذةً، وجدت نفسها للمرة الأولى، امرأة عادية بلا حرس أو سكرتيرات، تبحث بنفسها عن شقة تسكن فيها، وكان عليها أن تعدّ محاضراتها ومناقشاتها. وعثرت على مادة لا تجف مهما فاضت: دور المرأة في حياة مصر منذ نفرتيتي إلى هدى الشعراوي. وشددت على المصرية المعاصرة، لأن المصرية الفرعونية تمتلئ المكتبات العربية بتاريخها، وتمتلئ المتاحف بصورها.


هل كان جزء كبير من شجاعة السادات نابعاً من رقة المرأة التي رفض أهلها، بادئ الأمر، زواجها بضابط فقير؟ أم العكس؟ هي تجيب من خلال سرد طويل، بأنهما متكاملان. لكنها تلمّح إلى أن أنور السادات هو الذي اتخذ القرار بأن تكون زوجته إلى جانبه عندما أقام حفل استقبال للدبلوماسيين.


أبت جيهان السادات، زوجة وأرملة، أن تكون بلا دور رئيسي بصفتها امرأة مصرية. هو كان مثله عرابي وسعد زغلول، وهي كانت أمثلتها سهير القلماوي وأمينة السعيد (أول امرأة تقتات من الصحافة)، ونبوية موسى... وغيرهن. هناك 1.6 مليون طالب في مصر اليوم نصفهم إناث.


جاء أنور السادات ريفياً من ميت أبو الكوم في عائلة من 13 ابناً. وحمل معه حتى اللحظة الأخيرة، كل تقاليدها. وكان يقال إن لحظات سعادته الوحيدة كانت بالجلابية في ميت أبو الكوم. غير أن هذا الريفي كان شريكاً كاملاً مع ابنة المدينة التي أُغرمت به، في تغيير واقع المرأة المصرية وحقها في التعليم وفي الوظيفة وفي القضاء والطب.


«أمل في السلام» سرد لحكاية درامية من مصر. شاب ريفي اختار الجندية كي يحارب من أجل مصر، واختار السلام القاتل من أجلها. وترك لزوجته أن تشرح ما حدث.