يتبيّن من المداولات لحل معضلة قبرشمون وجود هدف رئيسي لتصلب النائب طلال ارسلان، هو رأس وليد جنبلاط. وبما أن ارسلان لا يمتلك القوة الكافية لتعطيل اجتماعات الحكومة بالإصرار على إحالة الملف الى المجلس العدلي، فإن كل المعطيات تشير الى أنّ القرار لدى «حزب الله» اتُخذ بضرب جنبلاط وتطويعه، في مرحلة لم يعد مقبولاً بالنسبة للحزب ايّ موقف رمادي من المشاركين في الحكومة والتسوية. فالعقوبات على ايران، وبالتالي على «حزب الله»، شرّعت بدء مرحلة مَن ليس معنا فهو ضدنا، وهذه هي المعادلة الجديدة في التعامل مع جنبلاط، وتالياً مع الحريري و»القوات اللبنانية»، الموضوعين على لائحة الاستهداف، واحداً تلو الآخر.
 

حتى مساء أمس كانت طواحين الاتصالات تدور على إيقاع الفشل في تأمين المخرج المطلوب، وقالت اوساط الحزب التقدمي الاشتراكي إنه ما من خرق تحقق، وإنّ الامور تدور مكانها، بما يوحي أنّ استهداف وليد جنبلاط يسير الى النهاية. واعادت الاوساط التذكير بأنّ الاصرار على الاحالة الى المجلس العدلي ورد على لسان الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، وهذا هو الموقف الحقيقي، فيما مواقف الاطراف الاخرى ليست أكثر من صدى لموقف الحزب.

وأضافت الاوساط أنه يوماً بعد يوم يتأكد أنّ القضية أكبر وأبعد من مجرد حادثة في قبرشمون، إذ المطلوب توجيه رسالة الى جنبلاط، وهو بردّه امس الاول من الجبل حمّل من المعاني ما يكفي لإرسال رسالة مضادة.

أما اوساط «التيار الوطني الحر» فقالت إنّ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي يتعامل مع الملف وفقاً لقاعدة ترتيب تسوية تستبق التحقيق وتتجاوزه، وهذا ما يرفضه الرئيس ميشال عون الذي لا يؤمن بالتسويات على حساب العدالة. وأوجزت الاوساط ما توصلت اليه المساعي بأنّه مجرد بحث في نقطة عالقة، وهي رفض التحقيق السليم الذي يؤدي الى كشف ما حصل في قبر شمون، فإذا كان النائب طلال ارسلان لم يسلّم بعض المطلوبين، فإنّ جنبلاط يرفض تسليم المطلوبين الرئيسيين الذين تتمّ حمايتهم.

وكررت الاوساط التأكيد على التحقيق، ودعت الى التوقف عند عدم مطالبة التيار بالإحالة الى المجلس العدلي والتمسك بالتحقيق لفرز الحادثة من المصدر، فإذا تبيّن أنّها مدبّرة تحال الى المجلس العدلي واذا تبيَّن انها عرضية تحال الى القضاء العادي، ووصفت مبادرة اللواء عباس ابراهيم بأنها الى الآن تجميع معطيات، وهذا امر جيد.

وعن تمسّك النائب طلال ارسلان بالمجلس العدلي قالت الأوساط إنّ هذا شأن ارسلان، اما موقف التيار والرئيس عون فهو معروف، لأنّ ارسلان لم يكن مستهدَفاً بالحادثة، بل الوزير جبران باسيل، ولن نقبل أن يدخل جنبلاط الملف في نفق التمييع والتسويات، ونصرّ على آلية الحل التي تبدأ بتسليم جميع المطلوبين.

خلاصة أزمة قبرشمون باتت معروفة. الرئيس سعد الحريري لن يقبل بإحالة الملف الى المجلس العدلي، والرئيس عون مصر على طرح القضية في أول اجتماع للحكومة، ما يعني انسحاب الرئيس الحريري من الجلسة، والبدء بإجازة حكومية طويلة لن يتحمّلَها أحد.

الخلاصة ايضاً أنّ إصرار ارسلان على المجلس العدلي ليس يتيماً، وأنّ «حزب الله» الذي يريد أن يحجّم جنبلاط يأخذ في طريقه، انتظامَ عمل الحكومة، وكل الهدف أن لا يخرج جنبلاط بانتصار سياسي بعد حادثة قبرشمون، لأنّ انتصاره يعني تثبيت أمر واقع جديد في الحكومة وفي معادلة الجبل، التي يحاول حلفاء «حزب الله» خرقه فيها، واستنزافه بخلاف درزي درزي، تماماً كما يحاول الحزب عزله عن الرئيس سعد الحريري و»القوات اللبنانية»، بحيث يصبح وحيداً وسهل الاستفراد.