دور عماني مرتقب لإطلاق سراح الناقلة البريطانية المحتجزة لنزع فتيل التوتر المتصاعد في المنطقة.
 
ارتفع منسوب المناورة بين إيران من جهة وبريطانيا والولايات المتحدة من جهة أخرى بعد احتجاز ناقلة نفط ترفع العلم البريطاني في مضيق هرمز، في محاولة لاستكشاف كل الاحتمالات وعدم الوقوع في خطأ المواجهة الأكبر، في وقت يترقب أن يكون لسلطنة عمان دور في حث إيران على إطلاق الناقلة “ستينا إمبيرو” التي تحتجزها طهران منذ الجمعة.
 
وتتحرّش إيران بخصومها الغربيين، لمعرفة إلى أي مدى يمكن لها التحرك في الخليج من دون عقاب بطرق تتفادى إشعال الحرب، بدلا من الاشتباك مع جيش أميركي قوي، لكن يبدو أنها تزيد من أخطائها وسوء تقديرها، الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى نشوب نزاع مسلح له تداعيات عالمية.
 
وتستمر طهران في المناورة بعدما أسقطت طائرة أميركية مسيرة والتهديد بغلق مضيق هرمز وتهديد سلامة الملاحة في الممرّ الحيوي واحتجاز الناقلة البريطانية، بغية معرفة ردة الفعل الأميركية-البريطانية.
 
وقال مدير وكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية الجنرال روبرت آشلي، إن إيران لا تريد حربا مع الولايات المتحدة أو حلفائها، لأن نتيجتها ستكون مروّعة للجميع.
 

وتصاعدت التوترات، الجمعة، عقب تصريحات إيران بأنها استولت على ناقلة نفط ترفع العلم البريطاني في الخليج العربي، بعد يوم واحد من إعلان الولايات المتحدة أنها دمرت طائرة إيرانية ذاتية القيادة حلقت في نطاق تهديد سفينة حربية أميركية في مضيق هرمز، الأمر الذي نفته إيران.

واستولت إيران على السفينة “ستينا إمبيرو” التي ترفع العلم البريطاني، وعلى متنها 23 فردا، مساء الجمعة، وكشفت أجهزة التتبع البحري أنها كانت متجهة من ميناء الفجيرة إلى ميناء في المملكة العربية السعودية.

وتدفع الولايات المتحدة حليفتها المملكة المتحدة إلى مناوشة إيران بعد احتجاز الناقلة وتهديد سلامة الممر الحيوي الذي تمر عبره غالبية صادرات النفط العالمية ومعرفة طبيعة ردود الفعل الإيرانية.

وحثت سلطنة عُمان إيران على السماح بمغادرة الناقلة. وأفاد تلفزيون عمان، أن السلطنة دعت أيضا جميع الأطراف إلى ضبط النفس وحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية.

وذكر التلفزيون العماني “السلطنة تدعو إلى عدم تعريض هذه المنطقة إلى مخاطر تؤثر على حرية الملاحة”. وسيكون رئيس الوزراء البريطاني المحتمل بوريس جونسون أمام اختبار أزمة دولية كبرى في أيامه الأولى كرئيس للوزراء.

ويعتزم وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، تجميد أصول إيرانية ردا على احتجاز الناقلة في مضيق هرمز.

ويتوقع أن يعلن هانت أمام مجلس العموم البريطاني، اليوم، حزمة من الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية التي قد تتضمن تجميدا محتملا لأصول إيرانية ردا على احتجاز الناقلة.

وتوقعت صحيفة صاندي تلغراف أن تدعو بريطانيا الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إلى إعادة العقوبات التي سبق أن رفعت عن إيران عام 2016 عقب توقيع الاتفاق النووي مع القوى العظمى، وحصلت طهران بذلك على مليارات الدولارات من الأصول، وسُمح لها ببيع النفط في السوق الدولية.

وتأتي هذه الخطوة، بعد انتقادات شديدة تعرضت لها رئيسة الوزراء تيريزا ماي، لعدم موافقتها في وقت سابق على الانضمام إلى تحالف بحري اقترحته الولايات المتحدة لحماية السفن في منطقة الخليج.

وتنقل الصحيفة عن مسؤول في الحكومة البريطانية قوله إن مسؤولين عسكريين رحبوا بالفكرة ووصفوها بأنها “فرصة رائعة” ولكن رئاسة الحكومة لم تدعمها بحجة مخاوف من أن ينظر إلى بريطانيا على أنها تدعم موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتشدد تجاه إيران.

وقال الأدميرال البحري السابق لورد ويست، كان يتعين على الحكومة البريطانية بذل المزيد من الجهد لحماية السفن البريطانية في الخليج في الأيام الأخيرة، مشيرا إلى أن المسؤولين عن مثل هذه القرارات قد انشغلوا في السباق إلى 10 داونينغ ستريت. 

ونقلت الصحيفة عن مصدر حكومي قوله إن المسؤولين البريطانيين يشعرون “بالحرج” لعدم تمكنهم من حماية ناقلة ترفع العلم البريطاني.

واعتبر توبياس إلوود الوزير بوزارة الدفاع البريطانية احتجاز إيران للناقلة البريطانية بأنه “عمل عدائي”، إلا أنه أشار إلى أن بلاده تعمل من أجل خفض التصعيد في المنطقة.

وردا على سؤال عما إذا كانت بريطانيا تدرس فرض عقوبات على إيران، قال إن بلاده تنظر في عدد من الخيارات.

وتسلط الحوادث المتلاحقة الضوء على الوضع الأمني ​​غير المستقر للأمن البحري في منطقة الخليج، كما تعزز حجة إدارة ترامب في إطلاق جهد جديد لتكثيف مراقبة الشحن التجاري في الخليج وما حوله، والذي يتعامل مع كمية كبيرة من حركة النفط الدولية. تقوم الإدارة بتنظيم ما تسميه عملية الحراسة مع دول أخرى لردع إيران عن التدخل في النقل البحري التجاري.

وذكرت القيادة المركزية الأميركية، الجمعة، أنها وضعت طائرات دورية إضافية في المجال الجوي الدولي في مضيق هرمز لمراقبة الوضع.

وقال متحدث باسم الكولونيل إيرل براون، إن القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية كانت على اتصال بالسفن الأميركية العاملة في المنطقة “لضمان سلامتها”.

وسترسل الولايات المتحدة القوات الأميركية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة وصواريخ الدفاع الجوي وأكثر من 500 جندي، إلى قاعدة جوية سعودية أصبحت مركزا للقوات الجوية الأميركية في الشرق الأوسط في التسعينات من القرن الماضي. بعد أن أعلنت الرياض، السبت، عن استقدام قوات أميركية.

وتضيف إعادة القوات القتالية الأميركية إلى السعودية بعد غياب دام أكثر من عقد من الزمان، مزيدا من الجاهزية للقوة العسكرية الأميركية في المنطقة المعرضة للهجمات الصاروخية الإيرانية.

وتواجه الإدارة الأميركية ضغوطا من أعضاء حزبها في الكونغرس لاتخاذ المزيد من الإجراءات لمعاقبة إيران.

وقال السناتور توم كوتون “سيواصل آيات الله حملتهم الإرهابية طالما سمحنا لهم بذلك. وتدعو هذه الأفعال الخارجة عن القانون مثل محاولة الاختطاف هذه إلى إدانة ومعاقبة من كل دول العالم”.

ويرى ترامب أن الضغوط الأميركية تضرب الاقتصاد الإيراني بشدة إلى درجة أن إيران ستضطر في مرحلة ما إلى اللجوء إلى طاولة المفاوضات.

وقال “إيران في ورطة كبيرة في الوقت الحالي. اقتصادها في حالة انهيار. والإيرانيون يحاولون إعادة الجنود إلى ديارهم لأنهم لا يستطيعون دفع أجورهم. هناك الكثير من الأمور السيئة التي تحدث لهم. ومن السهل جدا إما الرجوع إلى العقل، وإما أن نجعل الأمور أسوأ بكثير”.

وتتلاشى المخاطر بين إيران والغرب بينما يناور الدبلوماسيون للحصول على الجائزة الحقيقية: وهي مفاوضات جديدة لوضع برامج أكثر تشددا وأطول أمدا على البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية التي تخنق الاقتصاد الإيراني الضعيف بالفعل.

ويعتقد ترامب أن الاتفاقية الدولية التي انسحب منها قصيرة الأجل وذات آفاق ضيقة للغاية لأنها لا تتناول برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية ودعمها للميليشيات المتطرّفة في الشرق الأوسط. وفرضت إدارته عقوبات إضافية على إيران، بما في ذلك إنهاء التنازل عن العقوبات ضد الدول التي تشتري النفط الإيراني.

وألمح وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الأسبوع الماضي، إلى اهتمام طهران بالحل الدبلوماسي.

ولم تُظهر إدارة ترامب أي اهتمام فوري بهذا العرض، لكن كبار المسؤولين، بما في ذلك ترامب، يؤكدون مرارا على أملهم في تجنب الحرب وأن يتمكن الجانبان من السير في المسار الدبلوماسي المفضل.

وقال مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي، الجمعة، “نريدهم أن يأتوا إلى طاولة المفاوضات. إنها الطريقة الصحيحة لحل هذه التحديات والمشكلات”.

ويتساءل المنتقدون عما إذا كانت الإدارة الأميركية لديها خارطة قابلة للتطبيق تجاه إيران يمكن تنفيذها دون دفع الولايات المتحدة نحو الحرب.

وقالت ويندي شيرمان وكيلة وزارة الخارجية السابقة للشؤون السياسية التي ساعدت إدارة باراك أوباما على التفاوض بشأن الاتفاق النووي لعام 2015 “أوجه سؤالي للإدارة الأميركية وأقول لهم: ما هي الاستراتيجية؟ أعرف أنها تتعلق بأقصى قدر من الضغط، ولكن إلى أي مدى؟”.

وأضافت شيرمان، الجمعة، في منتدى آسبن للأمن في كولورادو أنها تعتقد أن الإيرانيين يدرسون احتمال أن يتعاملوا مع ترامب بعد عام 2020.

وأوضحت “إذا اعتقدوا أنه سيعاد انتخابه أو ظهرت فرصة جيدة بالنسبة له، أعتقد أننا سنواصل رؤية المقترحات المقدمة من الإيرانيين”.