تقع ايران في هذا الشرك، وتحتجز الناقلة، فتتحرر بريطانيا من أي التزام بالاتفاق النووي ويتحرر الساسة البريطانيون ومعهم كل أوروبا من مجارات التوجهات الاميركية ومراميها.
 

للتعريف عن العقل الايراني وإنتاجه ومدى دقته وتحمله وطول أناته، عادة ما يستحضر للتدليل على كل ذلك بفخر الصناعة الايرانية وإبداعها بحياكة السجاد التي اشتهر في صناعتها الايرانيون منذ غابر الزمان ولا زالوا 
إلا أن ما هو مسكوت عنه في حياكة السجادة الايرانية وما تحتاجه من دقة بالغة ووقت طويل، هو أن هذه الصناعة هي قديمة جدا وأقرب ما تكون إلى الصناعات التراثية، التي تحتاج إلى خبرات عملية فقط، وتقنيات بسيطة جدا يتوارثها ابن عن أبيه وجده أو ارملة ورثته عن زوجها المرحوم، فلا هي تحتاج الى علم ومعرفة وتقنيات عالية وإبداعات عقلية ولا الى مختبرات ومراكز علمية وشهادات عليا وأبحاث وتجارب ومراكز دراسات وما إلى هنالك من الاسباب الضرورية للابداع والتقدم.

 

بالمقابل فإن هذا العقل الايراني يواجه هذه الايام العقل الغربي بكل ما وصل إليه من تقدم وتطور وتكنولوجيا ونقلات هائلة على كل المستويات الانسانية، ايران السجادة نفسها تطمح للنيل من مناهله وارتشاف شيء من ينابيعه.

اقرا ايضا : إجازة العمل لند

 

فبين السجادة والكمبيوتر مسافة قرون من إعمال العقل واستنهاض الطاقات البشرية الجبارة واميال من المعرفة والتقدم العلمي، يبدو كل هذا جليا لا يحتاج إلى نقاش أو دليل حينما نشاهد كيف أن بمجرد إمضاء رجل واحد يسكن في بيت ابيض خلف البحار يتسبب بتجويع وافقار ملايين البشر في ايران، وفق هذه المقدمة فقط يجب مقاربة ما يحصل من تطورات في جغرافيا الخليج هذه الايام، وآخرها احتجاز ايران لناقلة النفط البريطانية .

 

فبريطانيا التي كانت احتجزت قبل فترة ناقلة ايرانية تحمل النفط لنظام الاسد في جبل طارق، وتعلم علم اليقين بأن إيران لا بد بعقلها "السجادي" أن تقدم على الرد بالمثل، فتعمد بريطانيا إلى إرسال ناقلة فارغة من أي حمولة، ولا يوجد عليها أي مواطن بريطاني، ولا شيء يربطها ببريطانيا إلا العلم الذي ترفعه وكأنها تقدمها "لطعم" أمام فم الحرس الجائع لاي "انتصار"، وتبتعد الفرقاطة العسكرية المولجة حمايتها عنها مسافة ساعة أو أكثر  
تقع ايران في هذا الشرك، وتحتجز الناقلة،  فتتحرر بريطانيا من ادأي التزام بالاتفاق النووي ويتحرر الساسة البريطانيون ومعهم كل أوروبا من مجارات التوجهات الاميركية ومراميها، وتتحول ايران بفعلتها هذه إلى دولة مقرصنة للممرات البحرية الدولية بدون أي مسوغ قانوني، فتزيد من عزلتها عزلة ومن حصارها حصارا ومن عقوباتها الاميركية عقوبات جديدة، ويقترب القرار الدولي تحت البند السابع لحماية الممرات البحرية بدون اداي عقبات تذكر.


  
ينتشي النظام الايراني المسكين بهذا "الانتصار الالهي" ويستمتع بجنوده من الحرس الثوري وهم ينزلون من طوافتهم على سطح الناقلة مع صرخات "الله اكبر" ويسكر معه اتباع هذا النظام في لبنان كمشهد يعيدنا مرة جديدة الى مشهد غزو مدينة القصير السورية من قبل (وكنا حذرنا يومها)، حتى إذا ما قرر أصحاب عقول الكمبيوتر وجاءت لحظة الحقيقة، يكتشف حينها العقل " دالسجادي" ، ادأنهم إنما كانوا يحيكون ما يراد منهم أن يحيكوه، فيتجرع الايراني هناك كأس بنود بومبيو، وينسحب رجال الله هنا إلى ضاحيتهم، بكل هدوء وسكينة، فلا جبهات موحدة، ولا جولان، ولا طريق الى القدس ولا من يقدسون،،، فيما ماكنات مصانع السلاح تدور وتدور وتدور من دون توقف .