ها هو مستشفى البترون، التجربة الاستشفائية النموذجية، على حافة الهاوية نتيجة الأزمة المالية التي يتخبط فيها منذ تخلي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عنه في 31 كانون الاول 2015.
 
 
 
صرح استشفائي يشكل ملجأ طبيا لكل مريض وفقير ومواطن بتروني وشمالي مهدد بالاقفال، والوضع لم يعد يحتمل، إذ يهدد المرضى على أسرتهم وفي غرف المستشفى وأقسامه.
 
 
 
مستشفى البترون هو الصرح الاستشفائي الوحيد في لبنان الذي كان في عهدة الضمان منذ تأسيسه خلافا للمستشفيات الاخرى التي تتعاقد مع الضمان الذي هو رب العمل في مستشفى البترون. والضمان هو الذي أراد تعميم هذه التجربة بهدف استيعاب المضمونين بموجب عقود سنوية، الا ان الظروف حالت دون ذلك، فبقيت يتيمة وانتهى العقد بين وزارة الصحة العامة والضمان أواخر 2015.
 
 
 
وعام 2016 تم تعيين الخبير في ادارة المستشفيات أيوب مخباط مديرا، فأطلق ورشة عمل بدأت ولم تنته، بحيث شهد المستشفى نهضة على مستوى التجهيزات والمعدات والخدمات الطبية واصبحت معظم الخدمات مؤمنة وتغني المرضى عن التوجه الى مستشفيات بعيدة، علما أن مستشفى البترون يقصده ابناء منطقة البترون والاقضية الشمالية والمناطق المجاورة.
 
 
 
ويؤكد المرضى الذين يتلقون العلاج في أقسام المستشفى أن "لا غنى لنا عن وجود مستشفى البترون، وهو بالنسبة الينا الملجأ الذي نقصده عند الحاجة. هو قريب ويؤمن لنا كل الخدمات المطلوبة، بالاضافة الى الأطباء الأكفياء مختلف المجالات".
 
 
 
أما المرضى الذين يخضعون لغسل الكلى فيعتبرون أنه "لولا مستشفى البترون لكنا رحلنا عن هذه الأرض منذ زمن لأن التنقل الى مستشفيات بعيدة لإجراء عملية غسل الكلي يقضي علينا، خصوصا أننا نقصد المستشفى 3 مرات اسبوعيا، وبوجود هذا المستشفى تفادينا المسافات الطويلة والعذاب والمعاناة على الطرق لتلقي العلاج اللازم".
 
 
 
مخباط
 
ويعرب مخباط عن أسفه لما آلت اليه الاوضاع، ويقول: "هذا المستشفى الذي تملكه وزارة الصحة العامة كان في عهدة الضمان الاجتماعي الى حين تخلى عنه في نهاية العام 2015. ومنذ 2016 شهد المستشفى نقلة نوعية على مستوى الخدمات والتجهيزات والمعدات المتطورة، بالاضافة الى استحداث اقسام جديدة وانضمام اطباء جدد من مختلف الاختصاصات، الا ان الازمة الكبرى التي تعوق عمل المستشفى هي مشكلة السيولة. نحن في حاجة الى 700 مليون ليرة مصاريف في المستشفى شهريا، بين أدوية ورواتب ومستلزمات طبية، ولا نحصل منها سوى 200 مليون ويتراكم لنا 500 مليون كل شهر، وهذا الواقع مستمر منذ 14 شهرا واصبح مجموع مستحقاتنا المتراكمة من المؤسسات العامة من قوى الامن والجيش ووزارة صحة 900 مليون، منها 300 مليون من الضمان الاجتماعي. بالاضافة الى ان الضمان توقف عن دفع السلف الشهرية منذ 6 اشهر بحجة ان علينا ديونا مترتبة له، إلا أن هذه الديون يتحمل مسؤولية نسبة كبيرة منها هو نفسه الضمان خلال الفترة التي كان يتولى الادارة، وعليه ان يتحمل مسؤولية الخسائر التي تسبب بها في مستشفى البترون. نحن نتحمل الديون منذ العام 2016 ولا ننكر ان علينا دفع اشتراكات عن العامين 2016 و2017 بسبب الوضع المزري الذي مر به المستشفى، بحيث لم يكن بالامكان تسديد الاشتراكات لأن مدخول المستشفى كان 320 مليون ليرة شهريا ورواتب الموظفين بقيمة 300 مليون ليرة. واليوم بعد 3 سنوات لدينا مبلغ بقيمة ملياري ليرة كفائض، ولكن لا يمكننا الحصول عليه، اي هناك 9 مليارات ليرة في السوق للمستشفى، و7 مليارات ليرة ديونا، واليوم نحن في مأزق ولم يعد هناك من يقبل بتسليمنا الادوية ولا رواتب للاطباء والموظفين".
 
 
 
ويضيف: "نحن على وشك الاقفال في حال استمر الوضع على هذا الشكل بعد اسبوع، ونطالب مجلس ادارة الضمان بالافراج عن مستحقاتنا بموجب مقاصة، مستحقاتنا لديهم 3 مليارات ومستحقاتهم لدينا مليار او مليار ونصف مليار، ولا يجوز الامتناع عن الدفع، وكذلك الجيش وقوى الامن. هذا المستشفى هو للدولة اللبنانية وهناك من هو مسؤول عنه وندعو الجميع الى أن يزوروا المستشفى ويطلعوا على تجهيزاته وخدماته. الوزراء والنواب لا يوفرون جهدا لمساعدتنا، الا ان القرار في مكان آخر، بين الضمان ووزارة المال التي توقف عن دفع اموالنا، وكذلك الضمان والمرضى في غرفهم وليتحمل كل المعنيين مسؤولية اقفال المستشفى".
 
 
 
ويتابع: "اسبوع واحد يفصلنا عن قرار تاريخي وتحرك كبير للعاملين في المستشفى من موظفين واطباء واداريين وممرضين في حال عدم الافراج عن المستحقات، لأننا لا نستطيع استقبال المرضى وليس لدينا دواء وطعام، وليتحمل التبعة المسؤول الاول عن كل ما سيحصل، اي الضمان ومعه وزارة المال. نحن مستشفى للدولة ولسنا مستشفى خاصا ولا يجوز ان يتم التعاطي معنا بهذا الشكل".
 
 
 
ويختم: "السلف الشهرية التي كان المستشفى يحصل عليها من الضمان هي بقيمة 150 مليون ليرة شهريا، توقف عن دفعها منذ 6 اشهر وعبثا حاول وزير العمل كميل ابو سليمان للضغط في هذا المجال، ولكن من دون اي نتيجة لأن الضمان امتنع عن الدفع ولم يلب طلب الوزير. وهنا نتوجه الى معالي وزير العمل ومجلس ادارة الضمان مطالبين بعقد اجتماع لتوضيح الامور وعرض واقع المستشفى وملف الديون والمستحقات في سبيل التوصل الى حل جذري وسريع".
 
 
 
فرنجيه
 
وتشير امينة سر الهيئة الادارية فريدة فرنجيه الى ان "المستشفى لم يصل يوما الى ما وصلنا اليه اليوم على مستوى السيولة لأننا لم نحصل على مستحقاتنا من المؤسسات الضامنة العامة والخاصة، ولأن هناك اشكالا في موضوع الاشتراكات في الضمان ولا حل له. الوضع الحالي يتطلب تدخلا سريعا وجديا من كل المسؤولين لانقاذ المستشفى الذي هو حاجة ملحة، وقد بلغنا الى حيث لن تسلمنا الشركات والمؤسسات الدواء والطعام وكل المستلزمات الطبية، وسيكون المرضى من دون علاج ودواء وطعام والموظفون يدفعون ثمن هذا التعثر المالي لأنهم يضحون برواتبهم في سبيل تأمين الحاجات الطبية ولم يعد بامكانهم التحمل أكثر".
 
 
 
بديري
 
ويشير رئيس قسم الكلى وغسل الكلى الدكتور قاسم بديري الى ان "المستشفى يطمح الى الافضل والى مستوى متطور على كل المستويات، ولا سيما في قسم الكلى وخصوصا في هذه المنطقة، حيث الحاجة ملحة لخدمة غسل الكلى بالاضافة الى الخطة المستقبلية على مستوى زرع الكلى. فالمريض الذي يحتاج الى 3 عمليات غسل في الاسبوع لا يمكنه ان يتوجه الى مستشفيات في مناطق بعيدة عن مكان سكنه. من هنا اهمية وجود هذا المستشفى الذي يخفف الكثير من المعاناة عن المرضى، وإقفاله سيؤدي الى كارثة طبية واستشفائية ستطال المنطقة والمناطق المجاورة".
 
 
 
باسيل
 
وبإزاء الوضع الذي بلغه المستشفى، يؤكد رئيس نقابة عمال وموظفي المستشفى سعد باسيل أنه "آن الاوان لنقول الحقيقة، نحن كنقابة وكموظفين يكفينا ما تحملناه على مدى 3 سنوات ونحن الذين نقدم من رواتبنا في سبيل تعزيز دور المستشفى وازدهاره من خلال ترميمه وتجهيزه، نجد ان الضمان، وهو المسؤول الاول والاخير عن كل ما حل بالمستشفى من تدهور منذ 2015، هو اليوم من يعوق عملنا ويجمد اموالنا ويهدد مصير المستشفى ومستقبل العاملين فيه ويقفل كل الابواب امامنا. لن نقبل بأن يتحكم الضمان بنا بهذا الشكل، لنا مستحقاتنا لديه بقيمة 3 مليارات وآن الاوان لأن يفرج عنها ويحصل على مستحقاته. لا يستطيع الضمان ايقاف السلف ورواتب الموظفين ويشرد الناس بسبب كيدية أراد ان يتعاطى بها معنا. نريد حقوقنا التي توقفت بسبب امتناع الضمان عن دفع السلف. واذا كان للضمان مستحقات لدينا فهو الذي يتحمل مسؤولية العجز طيلة فترة توليه ادارة المستشفى وهو الذي افشل تجربة مستشفى البترون النموذجية. وندعوهم لأن يزوروا مستشفى البترون ويطلعوا على التطور والتقدم والازدهار الذي تحقق في المستشفى بعد تخليهم عنه. وما قام به الضمان بحق مستشفى البترون هو أمر غير مقبول وغير مسموح به. نحن موظفون تخلينا عن حقوقنا منذ العام 2018 بقيمة 400 مليون ليرة ولا نطالب بها بهدف الحصول على اموال المستشفى ولن نقبل باستمرار الوضع على ما هو عليه بالتعاطي وسنعطي مهلة حتى يوم الاثنين حيث سيكون لنا تحرك غير منتظر في حال لم نحصل على حلول جذرية".
 
 
 
ويضيف: "سنفاجىء بتحركنا الجميع من سياسيين وضمان ووزارة صحة وكل المعنيين، لأننا تخطينا الخطوط الحمر ولن نسكت عن هذا الاهمال والاستهتار في التعامل مع مستشفى يستقبل مرضى وفقراء ومحتاجين ومواطنين من الطبقات الفقيرة، ومستشفى البترون ليس مستشفى خاصا، نحن نطبب الفقراء ومن ليس لديه اي ضمانات صحية واجتماعية ولا يجوز ان يكون التعامل معنا بهذا الشكل. لقد طفح الكيل وعلى الجميع تحمل مسؤوليته".
 
 
 
ويعلن عن "اجتماع عام يعقد يوم الاثنين مع الادارة والاطباء وفي حال لم نتلق اي حلول أكيدة ستكون لنا خطوات موجعة ولن نقبل بالوعود التي نتلقاها وكلما اتخذ قرار على مستوى الرأس في مجلس ادارة الضمان نفاجأ بعرقلته من اصغر الموظفين ولا ندري ما هي الاسباب وما هي الاهداف. الوضع لم يعد يحتمل ونحن منذ 3 اشهر نتقاضى نصف راتب او 25% منه ، مبالغ لا تسدد سندات المصارف وهناك 40 موظف لا يتقاضون رواتبهم التي تبلغ قيمتها 675 الف ليرة. من هنا وصلنا الى الخط الذي لا عودة عنه ولن ننتظر اكثر من يوم الاثنين وليتحمل كل مسؤول مسؤوليته اذا لم تصل السيولة الى مستشفى البترون قبل يوم الاثنين في 22 تموزالجاري".