العنوان معروف: الاحتكام للدولة والقانون. وهذا هو الموقف الذي يجب الالتزام به من كل الاطراف دوماً.
 
من الواضح أن الملاحظات كثيرة على التسوية ومسارها. وبما أن لا شيء نهائياً في السياسة، فإن الظروف تتغير تبعاً للأحداث والتطورات. وهناك في لبنان فرصة اليوم لاستعادة إحياء منطق التوازن، ليس بضرب التسوية بين الأفرقاء، إنما من خلال توفير الدعم للحلفاء لاستعادة أنفاسهم. ومنذ الإشكال السياسي الذي ظهر بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل، والخلاف المستمر على الصلاحيات، كان لا بد من بلورة تصور سياسي يحمي الطائف، ويوقف محاولات تكريس اعراف جديدة تتناقض مع اتفاق الطائف. وهذا المسار لا يمكن إيقافه من دون توفير مناخ التوازن. فأي أي تغيير بقواعد اللعبة قد يدفع البلد ثمنه. 
 
تفيد بعض المؤشرات ومنذ المواجهة التي فرضت على وليد جنبلاط، كان لافتاً حسب المؤشرات - اهتمام سعودي بعدم ترك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وحيداً، وبالإصرار على احتضانه وتوفير أسباب الدعم السياسية والمعنوية له، لمنع أي محاولة للاستفراد به. فتلاقى هذا الموقف مع موقف الرئيس سعد الحريري، ورؤساء الحكومات السابقين والقوات اللبنانية، كما كانت المصالحة بين الحريري وجنبلاط وتفاهمهما.
 
قد تكون الفرصة سانحة اليوم لإعادة إحياء التوازن في لبنان، على قاعدة حماية اتفاق الطائف وصلاحيات رئاسة الحكومة، على ما قال الرئيس فؤاد السنيورة من جدّة،ونقلوا عن الملك حرصه واهتمامه بالملف اللبناني ودعم الحكومة ورئاستها.هذا من جهة ومن جهة ثانية بالنسبة للوضع الداخلي لجهة معالجة ذيول حادثة قبرشمون.
أكد وليد جنبلاط بانه، منفتحٌ على كل الحلول، بما يحفظ الأمن والمؤسّسات. ومتعاونٌ إلى أبعد الحدود مع التحقيقات والمبادرات، وجاهزٌ لأقصى تعاونٍ مع الأجهزة الأمنية. ولكن لا يُمكن القبول بصيفٍ وشتاءٍ تحت سقف واحد. فالتحقيق الذي يجري، يجب أن يُستكمل، وأن لا يحصل مع جهةٍ واحدة. وبعد استكمال التحقيقات وإنجازها، يكون حينها لكل حادثٍ حديث مع الجهوزية الكاملة للاحتكام لما يقرّره القضاء وفقاً للتحقيقات. وإذا ما سارت الأمور وفق ما يجب أن تسير عليه، فربما مَن هم يطالبون اليوم بالإحالة إلى المجلس العدلي سيُحجمون عن ذلك. أو ربما هم لا يتعاونون مع التحقيقات ويعرقلونها كي لا تنكشف حقيقة ما حصل، ويستمرون بالمتاجرة بما حصل، طمعاً بمكاسب، أو بفتاتها.
 
 
 موقف يعتبر إيجابياً ، إلا أن جنبلاط تبنى مخرجا للرئيس بري بالقول إنه في ضوء التحقيق بعد تسليم المتهمين يقرر مجلس الوزراء والرؤساء ما إذا كان الملفّ يستدعي الإحالة على المجلس العدليّ. 
 
قبل زيارة جنبلاط إلى عين التينة، حط وفد الحزب الديموقراطي في حارة حريك لتنسيق الموقف مع حزب الله. الساعات ما قبل الأخيرة كانت توحي أن الأجواء المنقولة عن اللواء عباس ابراهيم تشي بجو تفاؤلي عن قرب حل القضية، يبدأ بتسليم الحزب الديموقراطي مطلقي النار يوم ٣٠ حزيران، إلا أن ثمة عوامل أوقفت اندفاعة التفاؤل.
مصادر مطلعة ربطت الأمر بزيارة قام بها النائب ارسلان والوزير غريب إلى دمشق، حيث عادا بموقف متشدد لكن لا شيء ثابت الآن، بل الثابت الوحيد أن الأمور لا تزال عالقة.
العنوان معروف: الاحتكام للدولة والقانون. وهذا هو الموقف الذي يجب الالتزام به من كل الاطراف دوماً، وبالنسبة لجنبلاط كان المصرّ في الأساس على الاحتكام للقانون منذ حادثة الشويفات، بينما الآخرون هم الذين تخلّفوا كما يتخلّفون اليوم. وذهب جنبلاط أبعد من ذلك حين أبدى استعداده لعقد جلسة مصارحة برعاية رئيس الجمهورية، ورئيسَي مجلس النواب والوزراء، ولكن عندما تتوفر الشروط الملائمة لذلك، وبحيث لا يكون هناك أي طرفٍ يتعرّض لمحاولة تصفية الحساب. والمصالحة لا يُمكن أن تعقَد قبل أن يسلّم الآخرون مطلوبيهم ليقول التحقيق ما لديه، وما يخلص إليه، والذي قد يقلب الأمور رأساً على عقب.
 
ولا يُمكن فصل موقف جنبلاط عن الحرص لدى مختلف القوى على الاستقرار والتسوية في البلاد، تسوية يجب أن تتوافر فيها شروط التوازن بين مختلف القوى، ولا أن يكون فيها طرف يتعرض لمحاولات الكسر أو التطويق. وهذا التوازن يفترض أيضاً وجود توازنٍ سياسيٍ في ميزان البلد ككل، لأن ما يعاني منه الجبل في إطار محاولات الاستفزاز والاستثمار فيها يعاني منها أيضاً رئيس الحكومة سعد الحريري، إما بتعطيل جلسات مجلس الوزراء، أو بمحاولات التطاول على صلاحيات رئاسة الحكومة.
هذا المسار كانت تتردد أصداؤه بالأمس في المملكة العربية السعودية التي زارها رؤساء الحكومات السابقون نجيب ميقاتي، وفؤاد السنيورة، وتمام سلام، الذين التقوا بالملك سلمان بن عبد العزيز، وبحثوا معه سبل تحصين الوضع السياسي والدستوري في لبنان، وحماية اتفاق الطائف، ودعم رئيس الحكومة سعد الحريري. وبحسب ما نقله الرؤساء السابقون من أجواء فإن الدعم السعودي للبنان سيحضر في الفترة المقبلة ما من شأنه تعزيز الوضع السياسي والاقتصادي في ظل الأزمة التي تعصف بالبلاد. وإذا ما صحّت التوقعات، فهذا يعني أن مرحلةً جديدة ستُفتح من التسوية والحفاظ عليها، الذي يتطلب هذه المرّة أن تصان بالتوازن، وليس بمنطق الكسر.