الاتحاد الأوروبي سيجد نفسه مضطرا للردّ على التعنت التركي.
 
يسعى الاتحاد الأوروبي لإظهار حزم أكبر في وجه التعنّت التركي في ما يتعلق بالتنقيب عن الغاز والنفط، ومحاولة فرض الأمر الواقع بالتنقيب في مناطق يعتبرها الاتحاد تابعة لقبرص العضو فيه.
 
ويدفع وزراء خارجية دول الاتحاد باتجاه فرض عقوبات على تركيا لدفعها إلى التراجع، لكن هذه العقوبات ستكون رمزية، بشكل متصاعد. ويجري الحديث عن تعليق مفاوضات بشأن اتفاق طيران بين الجانبين، وتجميد المحادثات رفيعة المستوى، وتعليق التمويل المخصص لتركيا بوصفها مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، وفرض قيود على الاعتمادات المقدمة من بنك الاستثمار الأوروبي.
 
وقال ميشيل روت وزير الدولة الألماني لشؤون أوروبا لدى وصوله إلى المحادثات “استفزازات تركيا غير مقبولة لنا جميعا.. لقد وجدنا الآن لغة متوازنة تبقي جميع خياراتنا مفتوحة، بما في ذلك العقوبات بالطبع”.
 
وأضاف “آمل ألا نضيف أزمة أخرى إلى العديد من النزاعات والأزمات. وتركيا تعرف ما هو على المحك والاتحاد الأوروبي موحّد إلى جانب قبرص”.
 
وقال دبلوماسي أوروبي إن أنقرة قد تخسر نحو 150 مليون يورو من 400 مليون يورو خصصتها الكتلة لعام 2020 لكل شيء من الإصلاحات السياسية إلى المشروعات الزراعية لمساعدة تركيا على الاستعداد لعضوية الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف.
 
وكان من المقرر أن يمنح الاتحاد الأوروبي تركيا 4.45 مليار يورو بين عامي 2014 و2020، لكنه خفض الأرقام وعلق بعض التمويل العام الماضي. كما جمدت محادثات العضوية والمفاوضات المتوقفة منذ وقت طويل حول رفع مستوى الاتحاد الجمركي مع تركيا، متهمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وقال دبلوماسيون في بروكسل إن أي عقوبات في المستقبل ستركز على الأرجح على تجميد الأصول والحظر من شركات الاتحاد الأوروبي أو الأشخاص الضالعين في أعمال الحفر.

وخوفا من إغضاب أنقرة التي تحتاجها أوروبا للإبقاء على غطاء للهجرة من الشرق الأوسط، لن تختار الكتلة فرض عقوبات اقتصادية واسعة النطاق كتلك التي فرضت على روسيا في السنوات الأخيرة لدورها في الاضطرابات في أوكرانيا.

ويقول مراقبون إن الاتحاد الأوروبي سيجد نفسه مضطرا للردّ على التعنت التركي، ويحمل هذا التعنت دلالات استهانة بالاتحاد، وهو ما يجعل الأوروبيين مضطرين إلى اتخاذ عقوبات تدريجية.

وكتب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، على موقع تويتر “رغم وجود نوايا صادقة للحفاظ على علاقات حسن الجوار مع تركيا، فإن تصعيدها المستمر والتحدي الذي تقوم به لسيادة دولة قبرص العضو بالاتحاد سيؤدي حتما إلى قيام الاتحاد الأوروبي بالردّ بتضامن كامل”.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الأحد، إن بلاده ستواصل التنقيب عن الغاز في المياه قبالة ساحل قبرص إذا لم تقبل حكومة القبارصة اليونانيين المعترف بها دوليا مقترحا للتعاون تقدم به القبارصة الأتراك.

وقال جاويش أوغلو إن المقترح الذي تقدم به زعيم القبارصة الأتراك مصطفى أقينجي يتضمن تعاون الجانبين على الجزيرة المقسمة في التنقيب عن الغاز واستخراجه، وهو ما قد يسهم في إحلال الاستقرار والسلام في شرق البحر المتوسط.

وفي مقال نشرته صحيفة سايبراس بوست، قال جاويش أوغلو إن تركيا ستواصل عمليات التنقيب في مناطق حصلت على ترخيص للعمل بها من القبارصة الأتراك “بكل تصميم ودون تغيير” وذلك حتى يوافق القبارصة اليونانيون على المقترحات التي قدمها أقينجي، السبت، للتعاون بين الجانبين.

ويعتقد الخبراء بوجود احتياطيات من الغاز الطبيعي تقدر بنحو 227 مليار متر مكعب قبالة قبرص.

تجدر الإشارة إلى أن جزيرة قبرص مقسمة منذ عام 1974 إلى شطرين: جنوبي مستقل ذو أغلبية يونانية وعضو بالاتحاد الأوروبي منذ عام 2004، وشمالي تركي لا تعترف بسيادته إلا أنقرة.

وفي الأشهر الأخيرة أرسلت تركيا سفينتي يافوز وفاتح إلى شمال شرق الجزيرة قبالة سواحل جمهورية شمال قبرص التركية التي لا تعترف بها سوى أنقرة.

وبدأت فاتح أعمال التنقيب في مايو وتستعد سفينة يافوز لأن تحذو حذوها رغم تحذيرات الاتحاد الأوروبي المتكررة.

ويرى هاري تسيميتراس مدير مجموعة بريو للأبحاث في نيقوسيا أن الأنشطة التركية تعكس أكثر “رغبة تركيا في فرض نفوذها على المنطقة منه مسألة تتعلق بموارد الطاقة”.

ويضيف “أنها فرصة لتركيا بأن تكون حاضرة” خصوصا في التعاون القائم في المنطقة بين اليونان وقبرص وإسرائيل أو اليونان وقبرص ومصر.