أكثر من سيناريو عن ملامح المرحلة المقبلة، فهل سيكون لبنان في عين العاصفة؟
 
تشير المؤشرات المتسارعة على المستوى الدولي والاقليمي بأن منطقة الشرق الأوسط باتت أمام مروحة واسعة من التحولات، لا سيما على مستوى العلاقات الأميركية الايرانية ، ومن الطبيعي ان لبنان ليس خارج اطار هذه المروحة. وعلى هذا الاساس أرخت العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وعضو الكتلة أمين شري ومسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق وفيق صفا بظلها على الساحة السياسية المحلية التي لا تزال تداعيات حادثة قبرشمون،ترخي بظلالها ولم تستطيع الحكومة الخروج من تداعياتها لتأتي الخطوة الاميركية لتزيد في الطنبور نغم .
 
الجديد في الخطوة الأميركية انها تستهدف للمرة الأولى نوابا من حزب الله حيث سبق وأن أدرجت عدداً من القياديين في الحزب على لوائح العقوبات المالية ولوائح الإرهاب، وهو ما دفع بالبعض لإعتبار العقوبات الأخيرة بمثابة رسالة موجهة الى الحكومة ورئيسها سعد الحريري، ما يعني أن لبنان دخل بعد العقوبات الاميركية الأخيرة مرحلة جديدة اقتصاديا وسياسياً. 
 
مصادر مطلعة مقربة من  حزب الله تعتبر أن العقوبات ليست مرتبطة بمسألة الحصار المالي الذي تفرضه الولايات المتحدة على حزب الله، وتضع العقوبات في سياق سياسي  إعلامي منفصل عن المخطط الأميركي الهادف الى إضعاف بنية الحزب العسكرية، وتضعها في خانة الرسالة السياسية بعنوانها العريض. 
 
 
كما تشير بعض المصادر الى أن الخطوة الأميركية والتي تستهدف نوابا من حزب الله ترتبط بشكل أو بآخر بمسألة الحرب الأميركية التي تستهدف إيران والكيانات المرتبطة بها على غرار الضغط الأميركي الذي يستهدف المصالح الإيرانية في سوريا والعراق أو من خلال توقيف ناقلات النفط الإيرانية في المياه الدولية على غرار ما حصل في جبل طارق وقناة السويس. 
 
من جهة اخرى تلفت بعض المصادر الى أن هناك توجه اميركي لاصدار حزمة جديدة من العقوبات ربما ستطال شخصيات من الصف الاول من حلفاء حزب الله والشخصيات المستهدفة لها حيثية سياسية على المستوى الداخلي اللبناني وهو ما يشكل إحراجاً للقوى السياسية المحلية لا سيما تلك التي تدور في فلك الفريق المناوىء لحزب الله وحلفائه السياسيين، وبشكل أساسي رئيس الحكومة الذي بات في موقف مُحرج بعد إعلان العقوبات، وعليه تسأل هل يقاطع الحريري رئيس كتلة برلمانية منتخب شعبياً بسبب العقوبات الأميركية؟ 
 
وبحسب المصادر فإن رسالة العقوبات الاميركية تهدف أيضاً لإيصال رسالة الى حلفاء الحزب الذين يتواصلون مع الإدارة الأميركية ولربما المقصود هنا رئيسي الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري بأن الإدارة الأميركية باتت تطبق عملياً خطوة عدم الفصل بين الجناحين السياسي والعسكري لحزب الله. 
 
وعليه ترجح هذه المصادر أن تشهد الفترة القادمة مزيداً من التصعيد والضغوط من قبل الجانب الأميركي على الدول الأوروبية من أجل تبني التصنيف الأميركي لمسؤولي الحزب السياسيين، بالإضافة الى سعي الإدارة الأميركية الى توجيه رسالة واضحة للدولة اللبنانية بأن إستمرار التعاطي مع حزب الله بجناحه السياسي سيعرض الدولة الى عقوبات إقتصادية والعزلة السياسية مع المجتمع الدولي. 
 
وتختم هذه المصادر بالإشارة الى أن كل ذلك يأتي في سياق الحرب الأميركية الإيرانية التي باتت تتخذ أكثر من منحى خصوصا بعد إعلان طهران عدم التزامها بالإتفاق النووي الذي وقعته مع دول الخمسة زائد واحد والذي يأتي كرد فعل على إعلان الرئيس الأميركي عدم الإلتزام بالإتفاق النووي، وهو ما يطرح أكثر من سيناريو عن ملامح المرحلة المقبلة، فهل سيكون لبنان في عين العاصفة؟ 
 
في هذا الوقت، حاولت الدول الأوروبية الدخول بقوة على خط الأزمة، من خلال رسائل التحذير التي وجهت إلى طهران من خرق الإتفاق النووي، بالرغم من عجزها عن الإيفاء بالتعهدات التي كانت قد قطعتها في الفترة السابقة، لكن المراقبين للأحداث رسموا الكثير من الصور لزيارة إيمانويل بون، مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي تم الترويج لها على أساس أنها قد تمثل الخلاص للأزمة، لكن من الناحية العملية هي لم تحمل أي جديد يذكر، إذ أن المسؤولين الإيرانيين شددوا على أن الجهود التي تبذل لإقناع طهران يجب أن توجه لإقناع الولايات المتحدة بالتراجع عن عقوباتها على إيران، للبدء بأي مفاوضات.