اللوبي الإيراني يستغل مواطن ضعف النظام الديمقراطي الأميركي لكسب متعاطفين من داخله.
 
أثار وقف الإدارة الأميركية تمويل برنامج يهدف إلى مواجهة التضليل الإعلامي الذي تمارسه إيران على منصات التواصل الاجتماعي، تساؤلات عما إذا كان اللوبي الموالي لطهران قد نجح في الضغط على البيت الأبيض لوقف الدعم الموجه لهذا البرنامج.
 
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية الأربعاء أنها أوقفت دعمها المالي لبرنامج يحارب التضليل الإعلامي الذي تقوم به شركات وشخصيات أميركية وإيرانية تحت مسوغ استهدافه مواطنين واستجابة لحملة من الانتقادات التي كان وجهها ناشطون في مجال حقوق الإنسان ومؤسسات حقوقية إضافة إلى عدد من الأكاديميين والصحافيين، بعضهم مواطنون أميركيون.
 
وفيما يرى مراقبون أن وقف هذا البرنامج يعد نكسة للجهود الأميركية للعمل على الحد من موجة التضليل التي يمارسها النظام الإيراني من خلال استثمار السوشيال ميديا في العالم، تتحدث آراء أخرى عن أن البرنامج الأميركي ارتكب تجاوزات لم تكن من ضمن الأهداف التي أقيم البرنامج من أجلها.
 
وقالت ليا غابرييل، رئيسة مركز المشاركة العالمية، في جلسة استماع بالكونغرس، إنه تم إلغاء عقد مع شركة من خارج المركز كانت تدير خدمة تويتر “إيران ديس أنفو”، وإن وقف تمويل الخدمة قد يكون مؤقتا بانتظار مراجعة التغريدات.
 
ويدور جدل في أروقة الكونغرس حول تعارض تلك التغريدات مع حرية التعبير وخصوصيات أفراد استهدفهم البرنامج، وطالت منهم مواطنين أميركيين بعضهم من أصول إيرانية.

ورغم أن بعض المصادر تقلل من تأثير اللوبي الإيراني في هذا القرار، إلا أن بعض الأوساط تعتقد بأن المسّ بالأنشطة الأميركية المضادة لأنشطة النظام الإيراني، قد يبعث برسالة سيعتبرها هذا اللوبي انتصارا له لصالح طهران داخل الولايات المتحدة.

وأضافت غابرييل أن المراجعة حددت أن التغريدات تخرق شروط اتفاقية وزارة الخارجية مع الجهة الخارجية المكلفة، وأن “القصد كان الكشف عن المعلومات الإيرانية المضللة”، موضحة أن التغريدات “لم تكن في السياق المقصود. لقد كانت خارج نطاق الاتفاق الذي أبرمناه”.

وأكدت بقولها “لقد أنهينا اتفاقنا مع ذلك المنفذ منذ ذلك الحين”، مشددة على أنه “لم تكن نية مركز المشاركة العالمية أبدا أن يقوم أي شخص بالتغريد على المواطنين الأميركيين”.

ولم تذكر بالضبط متى تم إلغاء الاتفاقية أو مقدار الأموال التي حصلت عليها الشركة المنفذة.

ويرى خبراء في شؤون الإعلام أن إيران تستغل النظام السياسي الأميركي الديمقراطي وتسعى للنفاذ إلى داخله من خلال مواطن ضعفه في النواحي التي تتعلق بالقانون وحقوق الإنسان.

ويضيف هؤلاء أن إيران تستغل الجدل الأميركي حول حماية حقوق الإنسان حتى لو لم يكن الناشطون في هذا الأمر يقصدون تقديم هدية لإيران.

وجاء قرار تعليق البرنامج بعد أن احتج العديد من الأشخاص المستهدفين من قبل هذا المشروع بأنهم تعرضوا لمضايقات من قبل حساب مرتبط بالحكومة الأميركية بسبب مواقفهم المتحفظة والمنتقدة لموقف إدارة الرئيس دونالد ترامب المتشدد من إيران.

ومن بين الذين انتقدوا التغريدات التي تم حذفها باحث في منظمة هيومن رايتس ووتش وكاتب عمود في صحيفة واشنطن بوست وصحافي في “بي.بي.سي” وأستاذ بجامعة جورج تاون، طبقا لنجار مرتضوي، وهي معلقة إيرانية أميركية تعارض شن الحرب على إيران.

وذكرت وسائل إعلام أميركية أن المشروع لم يحترم الأهداف التي تتركز على فضح الأخبار الملفقة وحملات التضليل التي تقوم بها منابر الإعلام الاجتماعي التابع للنظام في إيران، وأنه بات منصة للهجوم على كل المنتقدين للأداء الحكومي وخيارات الإدارة المرتبطة بإيران، وأن المشروع استهدف شخصيات تنشط دفاعا عن حالات إنسانية داخل إيران بغض النظر عن الموقف من نظام طهران.

ويرى محللون أن الإدارة الأميركية ستستمر لاحقا في تمويل البرامج المكافحة للتضليل في إيران، خصوصا وأن شركات الإعلام الكبرى في الولايات المتحدة مثل غوغل وفيسبوك وتويتر قد باشرت بإجراء مراجعة داخلية لمكافحة التضليل والأخبار الملفقة من قبل إيران أو أي دولة أو منظمة أخرى، وأن تعليق تمويل هذا البرنامج خطوة تقنية وأن استئنافه رهن إجراءات تصويب ستطرأ عليه.

وقد تم إنشاء مركز المشاركة العالمي من قبل الكونغرس لإدارة الجهود عبر الإنترنت لمكافحة التطرف.

وتم توسيع مهام المركز لاحقا لتشمل محاربة دعاية الحكومات الأجنبية، وخاصة تلك التي تبثها روسيا، بعد المحاولات الروسية للتدخل في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.