أما على المستوى الشعبي والرأي العام اللبناني، فكما جرت العادة انقسم اللبنانيون حول القرار الاميركي، بين ممتعض متضامن وبين من يعتبر أن حزب الله وأدائه الطويل هو وحده من يجب أن يتحمل تبعات خياراته.
 
لم يكن مفاجئا لأي متابع إدراج أسماء قياديين من حزب الله، على لوائح العقوبات الاميركية، والتي أصلا هي تصنف الحزب كمنظمة إرهابية منذ وقت طويل، وتتعامل مع قياداته والمنتمين إلى جسمه التنظيمي على ضوء هذا التصنيف وبالتالي فإن الآثار المترتبة على هذا المستجد لا تتجاوز إشكالية استلام رواتب هؤلاء النواب وزملائهم في الكتلة فقط.
 هذه "العقبة" الكأداء، تم تجاوزها مسبقا وتحرير القطاع المصرفي من أسمائهم بقرار من وزارة المالية واعتماد طريقة الكاش وليس الشك 
إلى هنا، لا جديد يذكر ولا تداعيات مالية عملانية للموضوع، اللهم إلا بالشق المعنوي والسياسي المتوقف حصرا على كيفية مقاربة حزب الله للقضية.
 
المؤشرات حتى لحظة كتابة هذه الكلمات، وقبيل موعد إطلالة الامين العام للحزب هذا المساء وتناوله للموضوع حتما، تشير إلى أن السيد أمام خيارين، 
الأول هو اعتبار أن الموضوع لا يعدو أكثر من إجراء طبيعي في سياق المواجهة الايرانية الاميركية، والحزب الذي طالما خبرنا عن ابتعاده عن القطاع المصرفي، وأن دورته المالية لا تتقاطع البتة مع الدورة الاقتصادية اللبنانية مما يعني أن القرار الاميركي ما هو إلا مجرد حبر على ورق، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تتعلق بالجانب المعنوي فإن الحزب يعتبر هذا القرار وكل القرارات الاميركية السلبية المتعلقة به، وكما جرت العادة هي بمثابة أوسمة شرف تعلق على صدره .
 
 
هذه المقاربة المطلوبة، وحدها التي تجنب البلد تداعيات القرار وانعكاساته على لبنان، ولكن للأسف، الأجواء توحي أن للحزب أجندة مختلفة ليس من مفرداتها إبعاد لبنان واقتصاده وسياسته وشعبه عن زجّه في أتون المواجهة المفتوحة بالمنطقة، والتي ليس للبناني ناقة له فيها ولا جمل.
 
هذا التخوف نابع من مطالبة الحزب بموقف رسمي لبناني صادر عن الحكومة حصرا وعدم الاكتفاء بموقف الرئيس بري باعتبار القرار اعتداء على كل لبنان، وهو يدرك (الحزب) سلفا خطورة هذا المطلب واستحالته، فضلا عن عدم تأثيره وفعاليته، فتكون الرسالة السياسية المطلوب توجيهها حزب اللهيا حينئذ هي القول أن المسافة بين حزب الله وبين الدولة اللبنانية هي صفر، وعلى الاميركي أن يدرك أن أي عقوبات على الحزب هي عقوبات على كل لبنان، كتأكيد على سيطرة الحزب على لبنان، أولا لوضع هذه الورقة بالحسبان على طاولة أي تفاوض مرتقب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كمحاولة من الحزب لتفادي خطوات أميركية قادمة إن على مستوى العقوبات وتوسيعها أو فيما يتعلق بأحكام المحكمة الدولية القادمة .
 
هذا على المستوى الرسمي والسياسي، الذي سيحسمه الامين العام الليلة، أما على المستوى الشعبي والرأي العام اللبناني، فكما جرت العادة انقسم اللبنانيون حول القرار الاميركي، بين ممتعض متضامن وبين من يعتبر أن حزب الله  وأدائه الطويل هو وحده من يجب ان يتحمل تبعات  خياراته، وأن من كان يتنعم بالمال الايراني ويبني أمجاده ويحصد مكاسب سياسية بفضل "سلاح الحزب" أمثال التيار العوني، أو من كان يتمتع بالمال الايراني ويعيش رفاهية لدرجة زراعة الشعر أمثال الوزير السابق وئام وهاب، أمثال هؤلاء فقط يفترض عليهم التعبير عن تضامنهم واستنكارهم، أما باقي الشعب اللبناني فهو غير معني إن لم نقل مؤيد للقرار .