اتفاق وشيك بين منظمة الأمم المتحدة والنظام السوري حول اللجنة الدستورية.
 
 يتشكل في الأفق مسار لتسوية الأزمة السورية المندلعة منذ العام 2011، وسط تسارع وتيرة التحركات الدبلوماسية الروسية والأميركية، والأممية التي تتم في الغالب بعيدا عن أعين الإعلام، لضمان أكبر قدر من السرية إلى حين إنجاز الهدف المنشود.
 
وتقول دوائر سياسية عربية إنه رغم كثافة غبار المعركة في إدلب والتوتر المتصاعد في المنطقة جراء التصعيد الإيراني الأميركي الذي لا يمكن فصله عن المسرح السوري، تبرز مؤشرات إيجابية، حيال فرص توصل المجموعة الدولية بقيادة الولايات المتحدة وروسيا لتفاهمات قد تشكل اللبنة الأولى في مسار إنهاء صراع دام خلّف مئات الآلاف من القتلى والجرحى، فضلا عن تهجير الملايين من المدنيين في الداخل والخارج.
 
وتضيف الدوائر أن زيارة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون إلى دمشق، وقبلها زيارة وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، تعزز الشعور بأن صفقة قيد التنفيذ لإنهاء الصراع، خاصة وأن النظام السوري بدا أكثر مرونة، ويحاول التعاطي ببراغماتية أكبر، وذلك بفضل الضغوط الروسية المسلطة عليه.
 
وأكد المبعوث الأممي إلى سوريا، الأربعاء أنه أجرى مباحثات “جيدة جدا” مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، بشأن اللجنة الدستورية، وأنه قاب قوسين من إبرام اتفاق بشأنها.
 
وأوضح بيدرسون، للصحافيين، عقب اللقاء “لقد انتهيت من المحادثات مع المعلم وكانت جيدة جدا وأعتقد أننا أحرزنا تقدما”، معربا عن أمله في دفع العملية السياسية إلى الأمام مع اللجنة الدستورية، وإيجاد طريقة لإنهاء العنف في إدلب، ومواصلة العمل على ملف المحتجزين والمختطفين والمفقودين.

من جهتها أعلنت دمشق للمرة الأولى عن إحراز “تقدم كبير” نحو تشكيل اللجنة الدستورية.  وكان مصدر أممي وصف في وقت سابق مباحثات بيدرسون في العاصمة السورية بـ”الإيجابية جدا”. وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه “سوف تكون للمبعوث الأممي بيدرسن عدة لقاءات أخرى رسمية في العاصمة دمشق للبحث في ملف اللجنة الدستورية السورية خلال اليومين القادمين”.

ووصل بيدرسون إلى العاصمة السورية دمشق الثلاثاء بعد جولة له شملت عددا من العواصم المعنية بالأزمة، ومن بينها موسكو وقد التقى بوزير خارجيتها سيرجي لافروف.

وأكد لافروف عقب اجتماعه مع المبعوث الأممي أن إطلاق عمل اللجنة الدستورية يمثل خطوة حاسمة على طريق العملية السياسية، معربا عن قناعته بأن اللجنة ستبدأ عملها قريبا.

وستركز اللجنة على وضع دستور جديد لسوريا، ولن يكون عملها بالسهل خاصة وأنه لا تزال هناك تباينات دولية وإقليمية ومحلية بشأن شكل النظام السياسي المقترح، بيد أن مجرد إطلاق عملها يشكل خطوة مهمة، بعد انسداد سياسي طويل كلف الكثير.

ومن المتوقع أن تنطلق أعمال اللجنة الدستورية في مطلع سبتمبر القادم، على أن تضم ثلاث مجموعات، الحكومة السورية، والمعارضة، والمجتمع المدني ويمثل كل مجموعة 50 شخصا.

وكان من المرجح الإعلان عن تشكيل اللجنة رسميا في محادثات الجولة الـ12 من أستانة، التي عقدت في 25 و26 أبريل الماضي، إلا أن خلافا على بعض أسماء أعضاء اللجنة حال دون ذلك.

وزار مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف دمشق في 20 يونيو بعد زيارة للعاصمة العراقية بغداد، فيما بدا الهدف منها الضغط على النظام السوري لتقديم تنازلات، خاصة وأن الأخير يصر على أن تكون له اليد الطولى في اللجنة الدستورية.

وأتت تلك الزيارة قبل أيام من اجتماع وصفه محللون بالحاسم جرى في القدس برعاية إسرائيلية بين مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون ونظيره الروسي نيكولاي باتروشيف ووصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو آنذاك بالجيد لافتا إلى أنه سيتم وضع اللمسات الأخيرة على نتائجه في القمة الثنائية التي جرت بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب على هامش قمة العشرين.

ويعتقد أن لقاء القدس حمل معه دفعة جديدة على مستوى التعاون الأميركي الروسي الإسرائيلي في سوريا، وقد حرك أكثر مفاعيل العملية الدبلوماسية حيث إنه على إثره أجرى المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري لقاءات مكثفة مع الحلفاء الأوروبيين ويعتقد على نطاق واسع أن موسكو غير بعيدة عن أجوائها.

ونجح جيفري على ما يبدو في الحصول على موافقة فرنسية وبريطانية في إرسال المزيد من القوات لتخلف القوة الأميركية على الأرض، والتي لطالما اعتبرتها دمشق قوة احتلال.

ولا يتوقع متابعون أن فرنسا كما بريطانيا قد قبلتا القيام بإرسال قوات لهما إلى شمال هذا البلد، دون ضمان عدم مواجهة وضع قتالي معقد يحرجهما داخليا، مرجحين أن تكون أشبه بقوات فصل، في ظل التهديدات التركية لقوات سوريا الديمقراطية والتي يقودها الأكراد في تلك المنطقة، فضلا عن الحرص على عدم ترك فراغ قد يشكل إغراء لإيران. ويرى كثيرون أن التغييرات التي شملت قيادة عدد من الأجهزة الأمنية السورية، وطالت رياحها اللواء جميل الحسن مدير فرع المخابرات الجوية، هي في صلب ما يجري من ترتيب الأمور لإطلاق التسوية.