المشي هو النشاط البدني الأكثر شيوعاً بين الأميركيين، إستناداً إلى مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. هذا أمر جيّد للغاية لأنّ المشي لا يقدم لكم فقط المنافع الصحّية الخاصّة به، إنما قد يتنَبّأ أيضاً بوضعكم الصحّي.
 

وفق «Mayo clinic»، إنّ المشي المنتظم وبوتيرة سريعة قد يساهم في الحفاظ على وزن صحّي، والوقاية من أمراض القلب والضغط العالي والسكري من النوع الثاني، وتقوية العضلات والعظام، وتحسين المزاج وتوازن الجسم.
وقال اختصاصي الطب التقويمي، نارش راو، من مدينة نيويورك إنّ «التمكّن من المشي سريعاً يدل على أنّ الجسم يعمل بشكل صحيح، بعكس المشي البطيء. إذا كنتم تمشون أسرع، فأنتم تتمتعون بعضلات أساسية وتوازن وقدرة تحمّل أفضل، ما قد يُشير إلى صحّة قلب وأوعية دموية جيّدة».
يمكن للمشي أن يرمز إلى أكثر من مستوى لياقتكم البدنية. ولقد أظهرت الأبحاث العلمية أنّ سرعة المشي قد تشكّل مؤشراً قوياً لمدة الحياة، وسرعة الشفاء من الجراحة وغيرها من الأمور.

طول العمر
تتبّعت دراسة نُشرت في حزيران 2019 في «Mayo Clinic Proceedings» نقاط البيانات الرئيسة بما فيها وتيرة المشي، ومؤشر كتلة الجسم، ومحيط الخصر، ونسبة دهون الجسم لنحو 475 ألف مريض مدة 7 سنوات. وتبيّن أنّ وتيرة المشي، البطيئة أو المعتدلة أو السريعة، شكّلت العامل الأقوى للتنبؤ بمدة عَيش الإنسان، مع ارتباط الوتيرة البطيئة بمتوسط عمر متوقع أقصر. المرأة التي تمشي ببطء يمكن أن تتوقع العيش ما بين 72 و85 عاماً، في حين أنّ نظيرتها التي تمشي بسرعة قد تعيش حتى 87 أو 88 عاماً. وبالنسبة إلى الرجال، فإنّ الذين يمشون ببطء يعيشون بين 65 و81 عاماً، أمّا مَن يمشون سريعاً فقد يبلغون 85 إلى 87 عاماً.

صحّة القلب
بحثت دراسة صدرت عام 2018 في «British Journal of Sports Medicine» عن العلاقة بين وتيرة المشي ومعدل الوفاة، ووجدت أنّ الذين يمشون بسرعة معتدلة (أقل من 20 دقيقة لكل ميل) إنخفض لديهم خطر الموت بنسبة 20 في المئة على مدار الدراسة مقارنةً بالذين يمشون ببطء. الأشخاص الذين مشوا أسرع من 18 دقيقة في الميل بلغت لديهم نسبة الوفاة 4 في المئة أقل. ويبدو أنّ هذه النتائج مرتبطة بانخفاض الوفيات الناجمة من أمراض القلب بين الأشخاص الذين يمشون بسرعة، بما أنّ وتيرة المشي لم تؤثر في معدلات السرطان. كذلك توصلت دراسة نُشرت عام 2017 في «European Heart Journal» إلى أنّ الذين يمشون ببطء يشكون أكثر من مشكلات في قلوبهم، وكانوا مرّتين أكثر عرضة للموت من أمراض القلب مقارنةً بنظرائهم الذين يمشون بسرعة.

خفض دخول المستشفى
قيّمت دراسة صدرت في حزيران 2019 في مجلّة «Blood» نحو 450 مريضاً بسرطان الدم، ووجدت أنّ وتيرة المشي توقعت معدلات النجاة وكذلك احتمال عودة المرضى إلى المستشفى. إنّ كل انخفاض في وتيرة المشي بمعدل 1 متر في الثانية ارتبط بنسبة وفاة أعلى. كذلك فإنّ الوتيرة الأبطأ زادت احتمال عودة المريض إلى المستشفى.

طريقة تحديد وتيرة المشي
لاحتساب وتيرة مشيَتكم، أمشوا بشكل طبيعي على الرصيف وعدّوا الخطوات التي تقومون بها خلال 10 ثوان، ثمّ أضربوا الرقم بـ6، وبذلك تحصلون على مجموع خطواتكم في الدقيقة الواحدة. كشفت مراجعة عام 2018 لـ38 دراسة نُشرت في «British Journal of Sports Medicine» أنّ الأشخاص دون 60 عاماً عليهم بلوغ أكثر من 100 خطوة في الدقيقة، أو 2,7 ميل في الساعة. وأشار الباحثون إلى أنّ هذا الهدف قابل للتحقيق بالنسبة إلى البالغين الذين يتمتعون بصحّة جيّدة. أمّا الأشخاص الأكبر سنّاً فسيحصدون فوائد مُماثلة بوتيرة أبطأ، لكن لم يتم إجراء أي بحث حتى الآن لتحديد السرعة الفعلية.
وعلّق الطبيب، نارش راو، قائلاً: «إنّ الأمر لا يتعلّق فقط بسرعة مشيَتكم إنما أيضاً إذا تغيّرت وتيرتكم. عندما تبدأ وتيرة مشي الشخص بالانخفاض، فهذا دليل قويّ على أنه يخسر وظيفته البدنية وكذلك صحّته العامة».
وشدّد على أنّ «المشي البطيء لا يعني بالضرورة أنّ الإنسان غير رشيق، لكن من الجيّد اعتبار السرعة بمثابة إشارة إلى الحاجة لتحفيز التمارين الروتينية. وبالعكس، فإنّ المشي السريع لا يعني أنّ الشخص يتمتع بصحّة مثالية، كما أنه قد يشكو أيضاً من ارتفاع ضغط الدم. المطلوب باختصار اعتبار وتيرة المشي بمثابة مؤشر لصحّتكم، لكنه ليس الوحيد!».