الحكومة اللبنانية، بتشكيلتها الحالية تندرج في هذا السياق من ضمن الأوراق التي يمسكها النظام الايراني، ولا بد من وضعها على الطاولة واستعمالها في هذه اللحظة الحرجة.
 
من السذاجة بمكان مقاربة أي ملف سياسي  لبناني مهما كان حجمه، بعيدا عن مجريات الاحداث في الإقليم والمنطقة، فكيف إذا كان ما يطرح هذه الايام  ويتم تداوله هو موضوع بحجم مصير الحكومة بتشعباته المختلفة ابتداء من الانعقاد وتطيير النصاب، وصولا إلى تفجيرها مرورا بالاستقالات التي يلمح لها وزراء التقدمي ومعهم وزراء القوات، وعلى طريقة حسني البوراظان، إذا أردنا أن نعرف ماذا سيحل بالحكومة عندنا، علينا أن نعرف ما سيحل بين إيران وأميركا.
 
آخر المستجدات هناك هو ما أقدمت عليه بريطانيا من احتجاز لناقلة النفط العملاقة عند عبورها في مضيق جبل طارق متجهة صوب السواحل السورية دعما لنظام الأسد الواقع تحت العقوبات الأميركية والأوروبية على حد سواء 
وبالمقابل أيضا، جاء إعلان النظام الإيراني رسميا عن رفع نسبة تخصيب اليورانيوم كإعلان عن نية إيران التفلت من مندرجات بنود الاتفاق النووي ردا على مماطلة الدول الأوروبية بما كانت قد وعدت به من إطلاق الآلية المالية (إنستكس) والتي تتيح لهم التعامل مع إيران بعيدا عن العقوبات الاميركية وتتكفل ايران المحافظة على الاتفاق النووي.
 
 
من الواضح أن الخيار العسكري والتصادم المباشر بين أميركا وإيران قد تراجع خطوات إلى الوراء، وحلت مكانه "حرب" من نوع آخر، من الناحية الاميركية يأخذ وجه العقوبات الاقتصادية بكل شراستها وأشكالها، ومن ناحية إيران فإنها لن تألوا جهدا باستعمال كل ما يمكن من أوراق قد تشكل ضغطا كمحاولة منها لإجبار الخصم من التخفيف على الأقل من وطأة العقوبات وخطرها الداهم على النظام .
 
الحكومة اللبنانية، بتشكيلتها الحالية تندرج في هذا السياق من ضمن الأوراق التي يمسكها النظام الإيراني، ولا بد من وضعها على الطاولة واستعمالها في هذه اللحظة الحرجة، بغض النظر عن تأثيراتها ومدى الاستفادة منها، يبقى أن الحليف الايراني يجد نفسة مضطرا لتقديم ما يقدر عليه بالسياسة مهما صغر، كي يغطي عجزه عن اللعب بالميدان العسكري المقفل من كل الاتجاهات.
 
إن مطالبة المير طلال ارسلان بإحالة حادثة قبرشمون إلى المجلس العدلي، ليست هي من بنات أفكاره حتما، ولا هي مطلب يستفيد منه بمعركته الدرزية، ولا هي حاجة ملحة له لتثبيت زعامته الدرزية إلى جانب الزعامة الأولى لوليد جنبلاط المعترف بها أصلا، وطبعا هي (الاحالة) لا تصب بخانة إحقاق الحق وتدعم القضاء بتحقيقاته!!! 
 
مما يعني أن المطلوب من الإصرار على هذه الإحالة ورفع السقف عاليا جدا من خلالها مع معرفته رفض الطرف الآخر المنطقي بمجاراتها، ولأن الظروف لا تستدعي حتى اللحظة تفجير الحكومة، يبقى أن الغاية الوحيدة المتبقية هي الاستمرار بالمشكل السياسي مع المختارة من أجل احتجاز الحكومة في "مضيق جبل جنبلاط" ريثما يصار إلى فك حجز ناقلة النفط الايرانية .