إنّه جوزيف الياس عون، ابن شقيق الرئيس ميشال عون، الذي يحملُ في وجدانه الكثير من الألم والعتب كما الحنين لأيّام النضال.. إلّا أنّ الأيّام تبدّلت...ومنذ أكثر من أسبوعين خرج جوزيف عن صمته ووجّه إنتقادات لاذعة للوزير باسيل بشكلٍ غير مسبوق من خلال تدوينات عبر صفحته على فيسبوك لاقت أصداء واسعة بين الرأي العام.. من هُنا أجرى موقع "لبنان الجديد" مُقابلة معه للوقوف عند تفاصيل هذا الموضوع..
 
لماذا حصلت الانشقاقات داخل التيار الوطني ؟
 
انتفض العماد عون على الوضع الذي كان قائماً، ورفع شعارات إصلاحية انقاذية. فالتفّت حوله نخب شبابية وعدد كبير من الناس آمنوا  بالمبادئ نفسها وناضلوا معه في سبيلها في أصعب الظروف.
لكن عندما شعرنا بأن هناك ابتعاداً عن  المبادئ، حذرّنا من ذلك، وحاولنا تصحيح الوضع، واستمرّينا في محاولاتنا لسنوات، فلمّا وصلنا الى حائط مسدود استقال بعضنا، وتم فصل البعض الآخر، وبقي قسم منا في داخل التيار مغلوباً على أمره.
 
لماذا غادرتم التيار ؟
 
غادرنا التيار بعد محاولات عديدة لتعزيز الديمقراطية داخل الحزب، من اجل السماح للنخب الحزبية بالمشاركة في القيادة وفي صنع القرار. لكننا لم نوفّق. وتم حصر القيادة في شخص واحد يعمل يومياً من اجل الإستئثار بكل شيء وإلغاء الآخرين.
عندما أقول غادرنا التيار، أعني أننا غادرنا هذه المؤسسة التي أصبحت عفنة. لكن همّ التيار ومصلحة التيار لا يفارقاننا ابداً. بل نعتبر أننا نحن التيار. نحن التيار الحقيقي.
 
ما هو الفارق بين سياسة الرئيس عون و الوزير باسيل؟
 
الرئيس عون هو المؤسس والمُلهم. وكنا نتداول معه في هموم الوطن وفي شؤون التيار. ولما كثُرت مسؤولياته نقل قيادة التيار الى باسيل. لكنه لم يتابعه جيداً لتدارك أخطائه. فما ان وصل هذا الأخير الى السلطة حتى بدأ يتصرف مثل الطبقة السياسية التي كنا نشكو منها، إن لم نقل أسوأ. وأخذ يطالب بحصته  وأظهر في ذلك شراهة كبيرة. وبذلك يكون قد ساهم في استمرار الفساد وتكريسه، وشجّع القوى السياسية الأخرى على المضي فيه، بدلاً من أن يكون، كما كان يُفترض بالتيار أن يكون، القوة الطاهرة النظيفة التي تفضح الفساد، وتقف في وجهه، وتضع له حداً نهائياً.
باختصار : باسيل مجرد متسلّق حديث النعمة لا علاقة له بالقيم والمثل العليا التي نشأنا عليها.
 
 
هل أن الرئيس عون راضٍ عن تصرفات باسيل ؟
 
لا أعرف موقفه بالضبط. لكنني أتمنى ان يعيد النظر في كثير من الأمور ليتجنب انزلاق التيار الذي أسسه الى الهاوية.
 
هل جبران باسيل هو رئيس الجمهورية المُقبل برأيك ؟ وهل يستغل استفزازته للوصول الى سدّة الرئاسة ؟
 
لا أحد يستطيع أن يعرف منذ الآن من سيكون رئيس الجمهورية المقبل. إنما الواضح أن علاقة الوزير باسيل سيئة بمعظم القوى السياسية. وهذا لن يساعده أبداً. أضف الى ذلك أن الظروف التي أدت الى انتخاب العماد عون لم تعد سارية اليوم.
 
هل تُعدّ زيارات باسيل لطرابلس استفزازًا لتيار المستقبل ؟
 
بالنسبة لزيارة باسيل يجب أن نقول انها حق له ولغيره وحق له أن يعلن مواقف سياسية وحق الاخرين أن يعترضوا إنما سلميا وبالكلمة و بعيدا عن الاستفزاز و نكئ جراح الماضي الأليم.
 
يردد عدد كبير من الحزبيين ان كل هجومكم على باسيل سببه الغيرة و الحقد..كيف تعلّقون على ذلك؟
 
هذه هي المعزوفة التي نسمعها منذ سنوات. وهذا ما تم تلقينه للمحازبين، على ما يبدو. ..نغار ؟ إسمحي لي أن أقول لكِ أننا لسنا متواضعين الى هذه الدرجة. يغار المرء عادة من صفات شخصية يملكها الآخر ولا يملكها هو. او من مظهر خارجي يُحسد الآخر عليه. لكن هذا لا ينطبق على حالتنا. لأن الشخص الذي نُتهم أننا نغار منه منزوع من هذه الصفات. فالأفضل عدم الخوض معنا في هذا  الموضوع لأننا لا نريد التجريح بأحد.
بالنسبة للحقد، واذا كان المقصود أننا نحمل ضغينة لهذا الشخص لأنه في السلطة ونحن خارجها، فجوابي هو أن الحقد هو شيء يجب أن تستحقّه، إذا جاز التعبير، بأن تكون شخصاً جديراً بالحقد. ولا نشعر به تجاه شخص أقل من عادي، حتى لا أقول غير ذلك. وصل الى ما وصل اليه بضربة حظ، وأصبح في وقت قياسي أكثر شخص مكروه في تاريخ لبنان، وموضع سخرية الناس. والسلطة، كما تعلمين، عشيقة متقلّبة. وصدق من قال : لو دامت لغيرك لما آلت اليك.  
ما نشعر به تجاه هذا الشخص، على وجه التحديد، هو الغضب والإزدراء. الغضب لأنه شوّه واحدة من التجارب السياسية الرائدة، تجربة التيار الوطني الحر في عصره الذهبي، وجلب العار للتيار ولتاريخ التيار الذي نحن جزء أساسي منه. نشعر تجاهه ايضاً بالإزدراء، وهو الإزدراء نفسه الذي يشعر به هو  تجاه أتباعه وهم يتزلّفون اليه.
 
هل تتعرضون للمضايقات المعنوية ؟ كيف تتم المحاكمات ؟
 
كلما كتبنا رأياً على فايسبوك او غيره، تنهال علينا الشتائم. بدلاً من مقارعة الحجة بالحجة، ينزل علينا وابل من السباب والتعابير السوقية والإهانات الشخصية والقصص المختلقة من قبل رعاع لا نعرفهم ولا يعرفوننا، ومعظمهم حسابات وهمية. إنحدار أخلاقي غير مسبوق، وهو غريب عن تقاليد التيار التي أرسيناها. التيار كان محترماً في الماضي، حتى من أخصامه.
هناك ايضاً محكمة حزبية، أصبحت أضحوكة البلد، يُحال اليها كل الذين يتعاطفون معنا ممن يزالون يحملون البطاقات الحزبية، او يجتمعون بنا في عشاء او مناسبة إجتماعية. لكن معظم الذين يُستدعون الى المحاكمة لا يأبهون بها، ولا يحضرون جلسة المحاكمة، فيتم فصلهم من الحزب.
 
البعض يقول أن انتقادكم لباسيل يتزامن مع انتقاد الخصوم له. فهل هي مصادفة ؟
 
اولاً، نحن ننتقد باسيل منذ سنوات. ثانياً، خلافنا معه هو حول الديمقراطية داخل الحزب (تفرّده بالقرار وإقصائه وتهميشه للكوادر الأساسية) وحول كيفية إدارة الدولة، خلافه مع الآخرين هو على تقاسم الحصص والنفوذ داخل الدولة.