تحدّثت  مصادر لشبكة الـ”بي.بي.سي” البريطانية، عن استنفار عسكري غير مسبوق بين الميليشيات الموالية لإيران وقوات روسية في شرق سوريا ويأتي هذا الاستنفار  على خلفية مساع روسية لتحجيم النفوذ الإيراني في تلك المنطقة.
 
ويحظى شرق سوريا المحاذي للحدود مع العراق أهمية خاصة لإيران، حيث ترمي عبره تشييد جسر يربطها بشرق البحر المتوسط، وبحليفها حزب الله في لبنان. وبالتالي فإنه من غير المرجّح أن تقبل طهران بسهولة التخلي عنه أو تخفيف حضورها هناك.
 
وتتقاسم القوات الإيرانية والروسية من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من جهة ثانية المنطقة، بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية. وقد حرصت إيران على مدى الفترة الماضية على تعزيز تواجدها في شرق سوريا، مع مساعيها المستمرة إلى استقطاب العشائر في تلك الأنحاء، ويشكّل الوجود الإيراني أحد الأسباب الرئيسية في تردد الإدارة الأميركية في عملية سحب قواتها من تلك البقعة الجغرافية.
 
ويرى محللون أن تكون أجواء المفاوضات الأميركية الأوروبية غير بعيدة عن روسيا، وأنها قد تكون في صلب عملية شاملة ومتدرجة لإنهاء النزاع السوري الذي اندلع في العام 2011، وخلّف مئات الآلاف من القتلى فضلا عن الملايين من المهجّرين في الداخل والخارج.
 
ويعتبر المحللون إلى أن الاجتماعات الأميركية الأوروبية تزامنت مع لقاءات قمة روسية أميركية، أبرزها الاجتماع الذي جمع الشهر الماضي مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون بنظيره الروسي نيكولاي باتروشيف، في مدينة القدس ودام يومين برعاية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأكّد نتنياهو أن الاجتماع كان جيدا للغاية، وركز بالأساس على الوجود الإيراني في سوريا، لافتا إلى أنه سيتم استكمال البحث في مضمونه خلال اللقاء الذي دار إثر ذلك بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين على هامش القمة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية.

ويرجّح على نطاق واسع أن يكون تم التوصل خلال المحادثات الروسية الأميركية لاتفاق بشأن سبل تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا، رغم التصريحات الروسية التي تؤكد على رفضها لمنطق الصفقات وحرصها على المحافظة على مصالح كل الأطراف بمن فيها إيران.

وتقاتل روسيا مع إيران دعما للرئيس بشار الأسد، ولكن هذا التعاون بينهما أصبح عبئا ثقيلا لجهة إدراك موسكو أنه لا مجال لإنهاء الصراع دون التوصل إلى تفاهمات مع الجانبين الأميركي والإسرائيلي.

وصرّحت روسيا في بداية العام الحالي أنها بصدد تشكيل مجموعة عمل دولية من ضمنها إسرائيل للتوصل إلى تسوية للأزمة السورية.

وتعتبر إسرائيل أن الوجود الإيراني في سوريا يشكّل تهديدا خطيرا لأمنها القومي، حيث أنه من شأنه أن يمنح طهران جبهة جديدة متقدمة ضدها. وشنّت إسرائيل منذ العام 2013 المئات من الغارات الجوية على مواقع عسكرية محسوبة على إيران في الداخل السوري، وأيضا على قوافل أسلحة يشتبه بأنها إيرانية متجهة إلى حزب الله.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن في كانون الاول الماضي عن قرار مفاجئ بسحب القوات الأميركية وقوامها أكثر من ألفي عنصر من سوريا، بيد أنه جوبه بمعارضة شديدة من الداخل والخارج، خاصة وأن الأسباب الموجبة لهكذا انسحاب لم تنتف بعد ومنها الوجود الإيراني.

ودخلت الإدارة الأميركية في مفاوضات مع حلفائها الغربيين المتحفظين على الانسحاب. وحملت تصريحات صدرت مؤخرا عن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري بوادر انفراجة في تلك المحادثات، حيث أعلن بعد جولة أوروبية عن اتفاق مع دول حليفة مشاركة في التحالف الدولي لإرسال المزيد من قواتها إلى شمال شرق سوريا.

وأشار جيفري إلى أن ذلك سيجري خلال أسابيع قليلة، تاركا الكشف عن أسماء الدول للحكومات المعنية.

وأكد المسؤول الأميركي أن الولايات المتحدة ستحتفظ بجزء من وجودها في هذا البلد، وكشفت صحيفة نيويورك تايمز في وقت سابق أن واشنطن ستبقي نحو 1000 عنصر من قوات المارينز، أي قرابة نصف قواتها.

يُذكر أنّ كل من فرنسا وبريطانيا الشريكتين الأوروبيتين الرئيسيتين في التحالف الدولي قد شددتا على أنهما ليستا بوارد ملء الفراغ الأميركي في سوريا، وأنهما قد تقبلان تقاسم الأعباء ولكن ليس تحملها بمفردهما.