عاش اللّبنانيّون عمومًا وأهل الجبل خصوصًا الأحد المُنصرم أوقاتًا لا يُحسدون عليها وهم يراقبون الحادث الدموي الذي وقع  في منطقة قبرشمون والشحّار، مع تواتر الأخبار عن ارتفاع عدد الشهداء والجرحى، وكأنّ الوضع بات يتّجهُ نحو فتنة  "مُعاصرة"، ما جعلهم يستذكرون جراح حروب الجبل التي خُتِمَت بعد المصالحة التاريخيّة  التي قادها البطريرك الماروني الراحل الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ورئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي وليد جنبلاط عام 2001.
لا بُدَّ من الاعتراف أنّ للجبل خصوصيّة مختلفة عن سائر المناطق الأخرى، فالمُعضلة الأساسيّة لا تكمُن من الناحية السياسيّة ولا حتى الطائفيّة إنّما ترتبط بالشقّ الإنمائي والإقتصادي، فأبناء الطائفة المسيحيّة لم يعودوا إلى الجبل بشكل تام لهذه الأسباب وأكثر..توازيًا مع ذلك، نرى أبناء الطائفة الدرزيّة يتحصّنون في قراهم وبلداتهم على امتداد الجبل. وفي ظلّ الأحداث التي حصلت لاشكّ في أنّ سكّان القرى والبلدات في الشوف وعاليه انتابهم الخوف من ايقاع مصير المنطقة في المجهول واشعال فتيل الفتنة.
 
 
وأشار وزير المهجرين غسان عطالله لـِ موقع "لبنان الجديد" إلى أنّه في انحاء العالم كافّة حصلت فيها حوادث وحروب عبسيّة كالتي حصلت في الجبل و قال: "اليوم أن لا ألوم أحد أنا أعالج حدثًا صار في الزمن، غير أنّ الناس لا يُمكن أن تعود بالطريقة التي عادت بها إلى قراها وبلداتها".

وتابع:" اتُخذ قرار بدون اعتراف بأنّ هناك خطأً حصل في زمن الماضي ومن دون اعتذار للناس من جانب جميع الأطراف إلّا أنّ أقلّ الأمور الإعتراف بالخطأ الذي وقع والإعتذار للناس من ثمّ تتمّ المصالحات، ما في ناس بترجع لأن قلنالهم مسحوها بهل دقن".

وأضاف:" نتيجة هذه التراكمات حصلت الواقعة نهار الأحد وهذه نتيجة الخوف المتواجد في صدور بعض الناس، والمُهمّة الأساسيّة هي مُصالحة الناس بين بعضها البعض هذا العامل هو عامل العودة ويجب العودة ألّا تكون مشروطة بتاتًا".

وأكّد عطالله:" لو المصالحة حصلت على أرض خصبة وتمّت المصالحة بين الناس والأهل في ما بينهم لما حصل الذي حصل، فالأحد المنصرم حصلت مشاهد حرب على الأرض لأنّ هناك اعتراضًا على دخول الدّولة فالذين يزورون المنطقة ليسوا مسؤولين حزبيّين إنّما وزراء ونوّاب أي الدّولة، فلا يُمكن رفض وجود الدّولة".

وعمّن يتحمّل مسؤوليّة الحادثة، قال:" من رسم هذا المشهد، الوزير باسيل لم يحرم المنطقة من الفنادق والإنماء، ونحن منذ استلامنا حقيبة المهجرين بدأنا من نقطة أساسيّة وهي لماذا في هذه المنطقة هناك مشكلة إنماء جديّة بها وكيف يجب تحسين العلاقات بين الناس ومدّ جسور بين السكّان من خلال لقاءات وندوات لكسر حواجز الخوف"، وسأل "ما هي الإنجازات التي حصلت منذ 30 عامًا حتى اليوم؟"

وان كانت الطائفة المسيحيّة هي الأضعف في الجبل، ردّ :" أبدًا الطائفة المسيحيّة ممثلة بـِ 4 نواب في الشوف، الطائفة المسيحيّة مرّت بظروف صعبة في الجبل بسبب أخطأ ارتُكِبت، واليوم في القانون الانتخابي الجديد استعادت الطائفة المسيحيّة حضورها".

وأضاف:" هناك مفهوم خاطئ في العودة، اي يُمكنك العودة لكنّ عليك ترك مفهومك السياسي في بيروت ومعتقدك الديني أيضًا، وما ثبّت هذا الأمر بعض الزعماء المسيحيّين الصغار الضعفاء، عندما زار سامي الجميّل الشوف لافتتاح مكتب للكتائب مرّ في المختارة".

إقرأ أيضًا:" لبنان في مواجهة صفقة التوطين "

توازيًا، رأى رئيس جهاز الإعلام والتواصل في القوات اللّبنانيّة شارل جبور أنّ المسيحي في الجبل لم يشعر بأنّ حوادث قبرشمون استهدفته لا من قريب ولا من بعيد، إذ أنّه اعتبرها ضمن المواجهات المتنقلّة التي يقودها الوزير باسيل مع جميع الأفراد السياسيّة مُجتمعة أو مُنفردة وجميع الأطراف تتعمال مع الوزير باسيل على أنه طامع إلى رئاسة الجمهوريّة وهو يخوض هذه المعارك تحت هذا العنوان والمصالحة راسخة ولن تتزعزع.

وشدّد جبّور لـِ "لبنان الجديد"، على أنّ المسيحي في الجبل هو على شراكة حقيقيّة مع أبناء الطائفة الدرزيّة والمسيحي هو أخ للدرزي وما يخشاه المسيحي في الجبل هو من تصرّفات غير مسؤولة من بعض القوى السياسيّة التي لا تعرف التجربة اللّبنانيّة وليست مؤهلة لخوض غمار العمل السياسي وكيف يجبُ أن يكون محصنًّا بالتجارب، لكنّ للأسف هناك حديثو النعمة في السياسة يتصرّفون وكأنّ الله خلقهم وكسر القالب.

ووسط هذه الحادثة الأليمة، نتمنّى أن تكون هذه الحادثة عابرة وأن تمرّ من دون تداعيات لأنّ أهل الجبل دفعوا الكثير والكثير.

 
من جهته، يعتبر النائب السّابق فادي الهبر أنّه كان يجب تجنّب حصول الحادثة وأبناء الطائفة المسيحيّة طبعًا إستاءوا من هذا الوضع مثلهم مثل الدروز وجميع اللّبنانيّين، مُشدّدًا على أنّ موضوع الجبل "الجمرة ما بتحرق إلّا بمحلها" في شكلٍ عامّ، والوجود المسيحي في المنطقة هو ثابت وتاريخيّ وحاضر ومستقبلي. وقال: " المصالحة التي حصلت هي مصالحة ثابتة ولأنّ أحد أعمدتها هو البطريرك الراحل صفير يُمكن وصفها بالمُقدّسة إن كان بالنسبة للمسيحيّين وللدروز أيضًا".
 
أمّا عن تفعيل دور المسيحيّين والعودة، أجاب الهبر:" العودة حصلت إنّما الوجود المسيحي كان في نسبة أعلى وهنا تقع المسؤوليّة على عاتق المشاريع التي يجب أن تقوم بها الدولة والوزارات، خصوصًا وأنّ الجبل قريب جدًّا من العاصمة ".
 
وأكّد أنّ للجبل مسؤوليّة وخصوصيّات على المستويات كافّة، موضّحًا أنّ الجبل هو جبل الإنفتاح مُتأسّفًا لما حصل ووضع الحادثة في خانة عدم دراية خصوصيّة الجبل والتسابق السياسي في منطقة حصل فيها حوادث سابقة لا يجبُ أن يكون فيها زخم في التعاطي.