قال المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم إنه "من غير المفهوم ولا المبرر على الاطلاق الاهتراء السياسي الذي يسود البلد تحت وطأة ظروف ضاغطة اقتصاديا واجتماعيا، وامنيا حتى. ما بلغه لبنان ليس وليد ساعته، بل هو جراء تراكمات طال زمنها ولم تخضع الى اصلاحات بنيوية، بل كل ما كان يجري عبارة عن معالجات تجميلية آنية، مهمتها الاستفادة من الوقت. كما ان الظروف القائمة حاليا، تستدعي من اللبنانيين جميعا ان يتصارحوا ليتصالحوا، كي يتم النهوض بلبنان، وعبور الازمة الحالية التي استفحلت، بحيث اصبحت تستدعي جراحات موضعية، وظيفتها عقلنة كل شيء في لبنان بدءا من اللغة السياسية وصولا إلى المعالجات المطروحة تفسح في المجال امام ايجاد ممر آمن للخروج من النفق الذي نحن فيه".
 
وأضاف في افتتاحية مجلة الامن العام بعنوان: "ضمان لبنان" ان "ما يُطرح من هنا وهناك، لا بل من الجميع من دون استثناء تحت عنوان الهواجس، لا يعني غير وضع لبنان في دائرة الخطر الحقيقي، علما ان الجميع يعرف الاخطار الاقتصادية والمالية التي تلف البلد وتشمل كل قطاعاته ومؤسساته. هذه "الهواجس" لا تستجلب سوى لغة الحرب والشحن والشحن المقابل، لتترك الساحات امام التطرف الذي لن يجلب على لبنان الا الخراب والدمار. هكذا حال خبرها اللبنانيون في سبعينات القرن الماضي، وفي مراحل دامية ومحطات سود، ثم ما لبثوا ان احتكموا الى العيش الواحد بعدما اقتنعوا ان لبنان لا يكون الا بتعدده الثقافي وتنوعه الحضاري، اللذين شكلا له قيمة مضافة في هذا الشرق. لبنان هو البلد الوحيد الذي لا دين للدولة فيه، وهو الوحيد الذي يقر التنوع والتعدد في دستوره".
 
ولاحظ اللواء ابراهيم ان "ما يحصل حاليا ليس صحيا على الاطلاق، بل هو خطر حقيقي يهدد الدولة ومؤسساتها. المشتركات بين اللبنانيين هي اكثر واقوى بكثير من نقاط الاختلاف. والمفارقة التي تستدعي الوقوف عندها طويلا، هي ان اللبنانيين اقروا في وثيقة الوفاق الوطني "الطائف" ان لبنان وطن نهائي لجميع ابنائه. لكن في المقابل لا نرى ان الجميع للبنان".
وتابع ابراهيم: "السؤال الذي يُطرح متى سيتوقف هذا البلد عن ان يكون مستودعا للازمات؟ فُرِض عليه استقبال الاشقاء النازحين بما يفوق طاقته باضعاف مضاعفة، وتسبب ذلك في انعكاسات سلبية ديموغرافيا واقتصاديا واجتماعيا وبيئيا. هذا لا يعني في اي حال من الاحوال الذهاب الى قرارات "عنصرية" لمعالجة هذا الوضع. كما فُرِض عليه من قبل ان يكون ساحة خلفية للصراع العربي ـ الاسرائيلي، فكان ان صار نهبا للعنف والكراهية الصهيونيتين. قبل هذا وذاك كان ساحة لكباش المحاور الاقليمية والدولية فكان ما كان من تصدعات كادت تطيح البلد حتى كان العام 1975 وصولا الى اتفاق الطائف الذي شكل ولا يزال الضمان للبنان وشعبه واستقراره".