في خطوةٍ تنسف كل الآمال المعقودة على الإصلاح في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا سيما من القيمين عليه، وبخاصة بعد تفعيل مبدأ المحاسبة على إثر الدعاوى القضائية التي تقدم بها محامو "متحدون"، وبعد طلب وزير العمل كميل أبو سليمان، وزير الوصاية على الصندوق، مهلة بشأن كف رئيس اللجنة الفنية في الضمان سمير عون الذي باتت الادعاءات الجنائية بحقه أكثر من أن تعد وتحصى، يطالعنا القرار المؤسف لهيئة المكتب في الصندوق حيث وافقت الهيئة في اجتماعاتها الأخيرة على قبول طلب استقالة الطبيب المراقب فايز شكر، الذي باشر بإجراءات سحب التعويضات الخاصة به.

من الجدير بالذكر أنَّ الطبيب المراقب المذكور لم يمارس عمله في الضمان ولو ليوم واحد منذ أكثر من ١٥ سنة، ولا يرد اسمه في جداول توزيع الأطباء سواء في المستشفيات أو في المراكز، ولم يُشاهد وجهه أحد من مستخدمي الصندوق، إنّما يرد اسمه فقط عند احتساب عدد الأطباء في الضمان وفي جداول القبض. إنّ الطبيب شكر يقبض رواتبه الشهرية من الضمان كباقي الأطباء المراقبين، لا بل هو من الأطباء المعدودين من أصحاب الرواتب المرتفعة (نظراً لسنوات الخدمة)، كما يتم منحه بدل الزيادة السنوية وتعويضات أخرى كباقي المستخدمين العاملين. 

إنّ هكذا رواتب وتعويضات وما يجري مجراها من أشكال نهب المال العام يضع جميع القيمين وعلى رأسهم القضاء أمام مسؤولياتهم، في حالة موصوفة من أفظع أنواع الفساد القائم على التوظيفات الوهمية حيث لا عمل يؤديه الموظف على الإطلاق في مقابل ما يتقاضاه من أموال الشعب اللبناني. 

إنَّ تحالف متحدون إذ يضع كل ذلك برسم ديوان المحاسبة وباقي القضاء وعلى رأسه النيابة العامة المالية كإخبارٍ عن إجراء بالغ الخطورة، يحذر من تمادي القيمين على أموال الصندوق في خطواتٍ كهذه مآلها تدمير ما تبقى من مؤسسة الضمان العريقة، حيث سيكون التحالف لهم بالمرصاد بعد كل الفرص التي أعطيت لهم. كما يستنكر التحالف أشد الاستنكار تطبيق القانون على صغار المختلسين دون كبارهم مما يضع جزءًا من القضاء في موقع الحامي لكبار الفاسدين بدل محاسبتهم، حيث سيعمد التحالف إلى المزيد من تسمية قضاة السوء بأسمائهم في خطوة تهدف إلى ردعهم وتحفيز القسم النزيه من القضاء التصدي لهم.