في ظل كل هذه المشهدية المرعبة، خرج علينا الحاج قماطي حفظة الله، ليخبرنا أن زمن الميليشات قد ولى.
 
تفوق بالأمس الوزير الحج محمود قماطي، على كل الفنانيين الكوميديين في لبنان، فقد استطاع ومن على خشبة مسرح خلدة وبالرغم من كل الأجواء المتوترة والحزينة والمأساوية أن يرسم فوق وجوه اللبنانيين المشاهدين، بسمة عريضة جدًا كانو بأمسّ الحاجة اليها حيث تسللت هذه البسمة من بين دموعهم ووجعهم.
 
للأسف، المؤثرات الصوتية والبصرية التي كانت سائدة لحظة خروج الحج قماطي من خلف الستارة بعد اجتماعه مع "حلفائه" كانت كلها تشير إلى أننا أمام سيناريو أسود، فالدماء لا تزال على الارض، الطرقات مقطوعة، التشنج في أعلى مستوياته، آلاف المواطنين العائدين من الجنوب والمتجهين اليه، مسجونين في سياراتهم لساعات، وجوه اللبنانيين كلها مقفهرة وغاضبة مما وصلنا إليه، باستثناء وئام وهاب الذي مازح مراسلة الجديد مبتسما ضاحكًا مستبشرًا (هو معتاد على الضحك والمزح والقهقهة في مثل هذه اللحظات)، دخان الاطارات المشتعلة كانت تغطي كل لبنان، نعم كل لبنان، فحين يمرض القلب (الجبل) هذا يعني أن كل الجسد هو في حالة مرض.
 
في ظل كل هذه المشهدية المرعبة، خرج علينا الحاج قماطي حفظه الله، ليخبرنا أن زمن الميليشات قد ولى، وأن السلاح يجب ضبطه، وأن القتلة والمرتكبين لا يجوز أن يبقوا خارج المحاسبة، وان على "الدولة" تتحمل مسؤولياتها، وأن القضاء يجب أن يتحرك سريعًا، والاهم من هذا وذاك فقد أكد الحج أن "الجبل امانة في أعناقنا".
 
أعتقد جازمًا، أن مثلي مثل كل من استمع الى التصريح، لم يستطع أن يحبس ضحكة عميقة جدًا مع ألف ألف علامة استفهام وتعجب واندهاش مترافقة مع صدمة لطيفة، وأسئلة تلقائية سألناه مع كل عبارة قالها توجهنا بها إلى لا أحد ولم ننتظر من أحد الاجابة عليها.
 
 
- زمن الميليشات.... ليش انتو شو يا حج؟؟؟ (المقصود هنا طبعًا أن زمن الميليشات انتهى الّا عند حزب الله).
 
- تسليم الجناة.... وين امين السوقي؟؟؟؟ (وماذا لو أن أحدًا من الأهالي المشاركين قال لك "لو بعد 300 سنة ما بيتسلموا ؟؟؟) 
 
- على أجهزة الدولة ان تقوم بواجباتها..... على طريقة تعاطي الأجهزة مع قتلة هاشم السلمان؟؟؟ 
 
- السلاح المتفلت..... (ممنوع الّا بالضاحية ؟؟؟) 
 
- الجبل أمانة.... (كما حافظتوا عليها بـ 7 آيار؟؟؟) 
 
صحيح أن الوضع خطير، وأن ما حصل بالأمس هو أمر مؤسف للغاية ومرفوض جملة وتفصيلًا وأن سقوط الدماء هو أمر مدان وغير مبرر إطلاقًا... إلا أن تصريح الحج قماطي هو انعكاس حقيقي لما نعيشه من تناقضات ومؤشر لما وصلنا اليه من تكاذب ونفاق لا حدود له، لا يبشر للأسف إلا بمستقبل أكثر ظلامًا مما نحن عليه وبأن وضعنا الحالي هو مصداق دقيق لعبارة كنا نسمعها ولا ندرك حقيقتها بأن حالنا لا يمكن وصفه إلّا بالمضحك المبكي..