يبدو أن أزمة قرية كفربيت مرشحة للمزيد من التفاقم في ظل تهرب إدارة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عن معالجة الموضوع، وعن وضع الأمور في نصابها الصحيح.. لا سيما عقب تصريحات رسميّة من القرية تفيد بأن عملية الرهن جرت بموافقة المجلس الشيعي!

بدايةً، يهمنا أن نضيء على نقاط موجزة:

1- لا يجوز شرعاً رهن الوقف، والمجلس الشيعي غير مخوّل لذلك.

2- قانون الملكية العقارية اللبناني في مادته رقم 174يمنع رهن الوقف أيضاً.

3- إنّ القرار الرئاسي الصادر عن المجلس الشيعي رقم 21 / 2017 يعتبر المقابر هي أوقاف عامّة للشيعة.

4- إنّ الرهن الحاصل في قرية كفربيت حالياً حصل في العام 2016، وهو غير الرهن الذي جرى قبل فترة زمنية طويلة، لذا ينبعي التمييز بينهما، مع العلم أنّ هناك تعهّد بتسجيل الأوقاف في العام 2013، وهذا ما لم يحصل.

5- يفترض إبراز الإفادة الصادرة عن المجلس الشيعي، التي أجازت رهن أوقاف كفربيت، كما صرّح بذلك أحد المعنيين.

في هذا الإطار ينبغي الوقوف عند نص القرار الذي أصدره الأخ الشيخ عبد الأمير قبلان، الصادر بتاريخ 1 / 12 / 2016، الذي أشرنا إليه سابقاً، فقد جاء في بنده الأول: [اعتبار جميع العقارات المستعملة كمدافن لعموم أبناء الطائفة الإسلاميّة الشيعيّة في جميع القرى والمدن اللبنانيّة، أو التي تخصص لاستعمالها كذلك، والتي تدخل ضمن نطاق سلطة وقف الطائفة الإسلاميّة الشيعيّة، (أي القرى والمدن التي يسكنها المسلمون الشيعة) أوقافاً عامّة لهذه الطائفة، وتخضع لسلطة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى].

وتالياً فلا مناص من التهرب من كون المدفن الواقع ليس في بلدة كفربيت فحسب، بل في كل القرى والمدن ذات سكن الشيعة، والتي يدفن فيها الشيعة، أنها عقارات وقفيّة!

وأما البند الثاني من القرار المذكور أعلاه فقد نصّ: [تقيّد عقارات المدافن على اسم "أوقاف الطائفة الإسلاميّة الشيعيّة في البلدة" وبالنسبة للعقارات التي لم تقيد بعد ترفع مستنداتها مع الوثائق التي تثبت استعمال العقار أو تخصيصه مدفن إلى رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لإجراء المقتضى الشرعي والقانوني لاتمام عملية التسجيل في السجلات العقاريّة].

وعليه فإننا نسأل الأخ الشيخ قبلان الذي مضى على توليه مهام رئاسة المجلس الشيعي أكثر من سنتين - ناهيك عن أكثر من خمسة عشر عاماً قضاها قائماً بمهام الرئاسة - ماذا فعلتَ خلال هذه الفترة؟! وهل وضع قرية كفربيت فريد، أو هناك حالات مشابهة؟! وبمعزل عن كل ذلك فإن من حقنا بل من واجبنا معرفة ماذا يحصل بالأملاك العامّة للطائفة الشيعيّة..

هذا ولا نعفي الأخ الشيخ علي الخطيب من المسؤولية، حيث إنّه يتولى مهام رئاسة اللجنة العامّة للأوقاف، ومن مسؤولياته ضبط الأوقاف.. ويبدو واضحاً أنّه يقصّر في واجباته، ولا يقوم بمسؤولياته، لذا فهو بالخيار بين قيامه بواجباته الوظيفيّة المناطة به أو الاستقالة من موقعه!

ختاماً، لا نريد أن نقول إن هناك عملية احتيال ضخمة، قام بها بعض الأشخاص من بلدة كفربيت، بالتواطئ مع البعض ضمن المجلس الشيعي؛ لكن التصريح بأنّ المجلس الشيعي وافق على رهن العقارات هو أمر في غاية الخطورة.. وينبغي التدقيق به، ولا يجوز أن يمر مرور الكرام.

وسؤال يطرح نفسه هنا: كيف يسمح قادة الطائفة بمرور هذا الكلام من دون تحميل المسؤوليات؟! ومن دون معاقبة الفاعلين؟! وهل وصل عصر الانحطاط لدى الشيعة إلى حدّ رهن "المقابر" و"الحسينيّات" بالتنسيق مع المجلس الشيعي، على زعم أنه عندما ينتهي الرهن تعود الملكيّة للأوقاف؟! أليس في هذا الأمر احتيال واضح على الشرع والقانون؟! ولن نسأل بنك لبنان والمهجر كيف رضي برهن النادي الحسيني والمقبرة..!


وستبقى الشبهات تُثار حول مَن يحاول التلاعب بأوقاف الطائفة في بلدة كفربيت، وبمن يتعاون معهم من موظفي المجلس الشيعي! أو الذين لا يتخذون قرارات حاسمة ضمن المجلس! حتى إبراز كامل المستندات، وإرجاع الحقوق لأصحابها.

محمد علي الحاج العاملي