ان ما حصل الأمس لا يرضي إيران مائة في المائة ولكن يجعلها بموقف الصبر الاستراتيجي الذي هددت بالخروج منه بحال عدم تفعيل الأوربيين مؤسسة اينستكس.
 

وأخيرا أقرت الدول الأوروبية الثلاث تفعيل نظام اينستكس لتنفيذ العمليات المالية والتجارية مع إيران وخلال بيان أصدره وزراء خارجية دول فرنسا وألمانيا وبريطانيا إلى جانب وزير الاقتصاد الفرنسي وصف هذا النظام كآلية لتسهيل التجارة الشرعية بين النشطاء الاقتصاديين في أوروبا وإيران في اطار المساعي الأوربية للحفاظ على الاتفاق النووي.

 

اينستكس هي قناة لدعم المعاملات التجارية بين إيران أطرافها الأوروبية وغيرها تم تسجيلها في فرنسا ويديرها بنك ألماني سابق وتتم خدماتها المصرفية في بريطانيا وهي صندوق اعتباري يتمتع بدعم رسمي من الاتحاد الأوربي ولا يعتبر مؤسسة خاصة. 

 

كانت اوروبا تأمل سابقا بأن تدفع عوائد بيع االنفط الإيراني عبر هذه المؤسسة كما ان اي مؤسسة إيرانية تتمكن من التبادل المالي مع شركائها الاوروبيين عبرها بدلا من الدفع المباشر. 

اقرا ايضا : ترامب يطلق رصاص الرحمة على الدبلوماسيّة

 

وبعد مرور 4 أشهر من وعدها قامت أوروبا بتفعيل تلك المؤسسة يوم امس  ولكن يبدو أن تفعيل تلك المؤسسة يواجه عقبات أولها صفر صادرات النفط الإيراني إلى أوروبا بفعل الحظر الأمريكي. فاذا توقفت صادرات النفط فمن أين تأتي تلك العوائد التي من شأنها تحريك التبادل المالي بين إيران واطرافها التجارية؟ هل ستتحول هذه المؤسسة إلى مؤسسة القرض الحسن لتودع الدول الأوروبية أموالا فيها من اجل دعم التجارة مع إيران؟ 

 

ان حجم التبادل التجاري بين إيران وأوروبا فيما يخص الغذاء والأدوية يفوق 6 مليارات سنويا في حين ان الدول الاوروبية الثلاث أعلنت عن إيداع الملايين من الدولارات لديها. 


والعقبة الثانية التي لن تقل عن الأولى خطورة هي الحظر الأمريكي الذي من شأنه إفشال هذا المخطط أو المحطة الأخيرة لإنقاذ الاتفاق النووي. 

 

تفعيل اينستكس يمثل انجازا سياسيا اكثر منه اقتصاديا وهذا ما يؤلم الرئيس الأمريكي. لأن تفعيل تلك المؤسسة تسبقها إرادة أوروبية مستقلة عن الولايات المتحدة وربما يعزز ثقتهم بالنفس ويوفر لهم دعم نفسي للصمود أمام الغطرسة الأمريكية.

 

على ان إيران تعول حاليا على البعد السياسي لتفعيل اينستكس وتتريث لتحويله إلى إنجاز اقتصادي ومالي يفتح الطريق لتبادلها التجاري مع اوروبا وغيرها خاصة مع الصين التي اعربت عن رغبتها بالانضمام الى تلك المؤسسة. 

 

وربما تتمكن الصين لوحدها من إغناء إيران عن الآخرين بفعل تبادلها التجاري الواسع الذي لم يتوقف بعد دخول العقوبات الأمريكية ضد إيران حيز التنفيذ. 

 

من السابق لاوانه الحديث عن موقف إيران النهائي من مصداقية اينستكس وهناك فرصة مفتوحة أمام الأوروبيين ليثبتوا ان هذا الصندوق ليس فارغا وله مصداقية ومفعول لإنقاذ الاتفاق النووي. 

 

ان ما حصل الأمس لا يرضي إيران مائة في المائة ولكن يجعلها بموقف الصبر الاستراتيجي الذي هددت بالخروج منه بحال عدم تفعيل الأوربيين مؤسسة اينستكس.