نعرف أن ما يسمى بمنطق حقوق الطوائف هو كلام باطل ويراد به باطل.
 

بماء الذهب، يجب على اللبنانيين عمومًا والمسيحيين خصوصًا، كتابة كل حرف من الخطاب الذي ألقاه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في التجمع الحزبي خلال تأدية قسم اليمين الحزبية للمنتسبين الجدد لحزب الكتائب في المتن الشمالي (بالرغم من اعتراضي لعادة قسم اليمين الحزبي). 

وأهم ما قاله النائب جميل: "باسم الدفاع عن المسيحيين يدمرون الدولة التي يجب أن تكون ضامنة للمسيحيين الذين قدموا الشهداء لبنائها"، مشددًا على أن "الحفاظ على المسيحيين لن يكون على حساب بناء دولة القانون لجميع اللبنانيين، والحفاظ على حقوق المسيحيين لن يكون على حساب المسلمين ومقومات بناء الدولة في لبنان يكون فيها القانون محترما". ولفت الى أن "الدفاع عن المسيحيين لا يكون باعتماد منطق الديكتاتورية، بل بالقيم الاخلاقية لأن المسيحي لا يحيا الّا بالقيم". 

هذا المنطق الحضاري والمتقدم والحداثوي، هو الرد الأجدى والأروع ليس فقط على جبران باسيل حامل شعار حقوق المسيحيين هذه الايام، بل وعلى كل "الجبرانيين" ومن كل الطوائف والمشارب والمذاهب.

إقرأ أيضًا: الإعتراض بالمفرّق... عقم بنيوي

نعرف أن ما يسمى بمنطق "حقوق الطوائف" هو كلام باطل ويراد به باطل، فلا المواطن الشيعي يحصل على حقوقه، من خلال وزير أو مدير عام يأتي به زعيم سياسي ليخدم مصالحه ومصالح حزبة، وكذلك حال الدرزي والسني والعلوي وو... 

يحاول جبران باسيل العودة بعقارب الساعة إلى الخلف، ويحمل شعار جاهلي متخلف عفى عليه الزمن وداسته الأيام السوداء، ومزقته الحروب الاهلية والويلات والضحايا، وأزيل هذا الشعار مع إزالة المتاريس وخرس مع صمت القذائف والعبوات التي لم تحصد إلا الأبرياء.

جبران باسيل الذي يعيش عقدة بشير الجميل وكميل شمعون والزمن الغابر، وإن كان يدرك بقرارة نفسه أن القادة التاريخيين هم  نتاج ظروفهم الموضوعية، وما يمكن أن يكون قد صلح لزمانهم، من المستحيل أن يصلح لزمان آخر، وأن محاولات الرجوع إلى الخلف (على طريقة الاسلاميين) هو تخلف وجهل لا يسمن ولا يغني من جوع، وأن المستقبل لا يبنيه إلا من يتطلع إلى الأمام ويتحرر من عقده التكرار والتقليد.

إقرأ أيضًا: صفقة القرن، والثوار الكسبة

فلو عاد اليوم بشير الجميل، لصفق بقوة لكل كلمة قاله سامي، وتألم أي تألم على ما يفعله جبران باسيل بإسم المسيحيين وحقوقهم، فأمانته كما أمانة الإمام الصدر هي بناء الدولة الحديثة، دولة القانون والمؤسسات وإن أي سلوك لا يصب في هذا المسار ما هو إلّا خيانة موصوفة للأمانة.

قد يستفيد جبران باسيل مرحليًا، ويستغل ظروف صعوده الهجين على الساحة اللبنانية والمعتمد على ركيزتين غير ثابتتين وغير دائمتين هما وصول عمه إلى بعبدا بالطريقة التي وصل فيها، ودعم حزب الله وسلاحه اللا محدود له، إلّا أن من يمتلك القليل من العقل والادراك والحد الأدنى من المسؤولية عليه أن يعرف أن لبنان ساحة المتغيرات والتحولات، وأن الاستغراق في اللحظة على حساب الاستراتيجيا هو الخسارة بعينها، وأن الشعب اللبناني صار بمكان يعي فيه أن الحديث عن الطوائف والمذاهب وحقوقها هو رجوع إلى منطق داحس والغبراء اللبنانية... وإن الخاسر الأكبر سيكون من يرفع هذه الشعارات المتخلفة ولو بعد حين، وأن دولة المواطنة وحدها هي الحل وأصحاب العقد الى زوال. 

شكرًا سامي.