يبدو أن العالم شبع ثورات في منطقة الشرق الأوسط وما عاد مهتماً بما يحصل في الجزائر والسودان رغم أن الحراك فيهما خارج التوصيف السيء.
 

بعد بوتفليقة لم يستسلم العسكر في الجزائر بقي الجنراليون متمسكون بقيادة الدولة ولم تفلح محاولات تثبيط عزائم الجزائريين من خلال الحيل التي لم تعد تنطلي على عربي بعد تجربة العسكر المرّ في أكثر من مصر عربي منذ قيام الدولة الوطنية ومع ثورة الضباط الأحرار في مصر والتي تأثر بها عسكريون ففعلوا فعلة العساكر المصريين فثاروا ومسكوا بالدولة لأكثر من ثلاثين سنة عاثوا فيها فساداً منقطع النظير بحيث ترحم المصريون على الخديوي والنظام الملكي وعلى حقبة الاستعمار الإنكليزي.

 

 وهكذا كان شعور السودانيين وكذلك الأمر أمر الليبيين الذين وجدوا متنفساً لهم في الاستعمار الإيطالي  لأكثر من جنون القذافي وكان التاج في العراق أرحم على العراقيين من نجوم الجيش العراقي، أمّا سورية فحدث ولا حرج عن شعب حرّ زمن المستعمر الفرنسي وغرّ زمن العسكر ولا تجربة عسكرية ناجعة في كل البلاد العربية دون استثناء كما الدول الإسلامية .

 

لم يستطع الربيع العربي الدخول الى مرحلة الدولة المدنية نتيجة عوامل متعددة منها ما هو مرتبط بفقدان الربيع العربي لمشروع واحد وموحد للتغيير المنشود ومنها ما هو متعلق بخيارات الدولة المعنية بتحولات العالم العربي والتي لم تنضج بعد باتجاه الدولة لا أمنية ولا عسكرية، لذا تمّ إجهاض ثورات الربيع العربي لصالح العسكر كما هو حال مصر وكما يحاول خليفة حفتر في ليبيا وكما حصل في سورية بانحياز الجميع للدولة الأمنية ورفضهم لتغيير نظام الأسد وكما هو الحال في السودان حيث يحتشد الكثيرون من الدول خلف قيادة الجيش رفضاً لسودان مدني وكما يتجاهل العالم ويغض أنظاره عما يحدث في الجزائر من قتل يومي من قبل العسكر الرافض لتسليم السلطة لحكومة مدنية .

اقرا ايضا : ترامب قرر ضرب إيران

 

حتى فرنسا سليلة الثورة لا تقف الموقف المطلوب الى جانب شعب يحب ويحترم فرنسا أكثر من قبل كونه تجرّع سموم جبهة تحرير الجزائر وعاش الفقر المُدقع نتيجة تحكّم الجنرالات في سياسات البلاد منذ الثورة وحتى الآن فامتلكوا ثروات هائلة لا تقدر وجعلوا الفقر زاد الأكثرية الجزائرية في بلد نفطي يوازي في إمكانياته أي بلد من بلدان النقط ممن يتنعمون بالثروة النفطية .

 

يبدو أن العالم شبع  ثورات في منطقة الشرق الأوسط وما عاد مهتماً بما يحصل في الجزائر والسودان رغم أن الحراك فيهما خارج التوصيف السيء اذ لا إرهاب ولا من يحزنون وكل ما يجري هناك شعب بأكثريته يعلن الولاء للدولة بشكلها المدني لا بزيها العسكري وهذا ما لا يريده أحد لأن الدولة العسكرية تبيع البلاد والعباد بأبخس الأثمان وهذا ما فعله أكثر من قائد عسكري عربي من الجولان الى جنوب السودان .

 

رحم الله عبد الناصر الذي أرسى قواعد حكم عسكرية كانت دعوة مفتوحة لكل ضابط كي ينقلب ويصبح عبد الناصر ولكن على مصغر .