صفية بنت ثعلبة الشيبانية

صفية بنت ثعلبة من بني شيبان ينتهي نسبها الأعلى إلى ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان شاعرة جاهلية وتذكرني هذه الشاعرة وانا اكتب سيرتها الذاتية بمعركة( ذي قار) التي دارت بين العرب والفرس و اسهام هذه الشاعرة الفعلي بهذه المعركة وادارتها وشد القبائل العربية للقتال والحرب فقد أسهمت إسهامًا كبيرًا في جمع قومها بني شيبان والقبائل الأخرى ليوقعوا بالفرس في ذي قار بقيادة هانئ بن مسعود الشيباني وكان أخوها عمرو بن ثعلبة على رأس الواقعة.

وكان سبب المعركة ان هند بنت النعمان بن المنذر وتكنى ب( الحرقة)كانت مشهورة بجمالها البارع وحسنها الفريد .. وكانت أحاديث الناس حولها وتضرب الامثال بحسنها وجماتلها حتى وصل خبرها الى كسرى فرغب فيها وتمناها لنفسه فأرسل إلى ابيها يطلبها منه للزواج فأنف النعمان أن يزوّجها من أعجمي ولوكان ملكا وهذه عادة العرب قديما ولا زالت موجودة في كثير من القبائل العربية حتى الان فاعتذر الا
ان ( كسرى أبرويز) ملك الفرس غضب على (النعمان بن المنذر) ملك الحيرة وقد أوغر صدره عليه زيد بن عدي العباديّ لأنه قتل أباه عدي بن زيد. فلجأ النعمان إلى هانئ بن مسعود الشيباني فاستودعه أهله وماله وسلاحه ثم عاد فاستسلم لكسرى فسجنه ثم قتله. 
وأرسل كسرى إلى هانئ بن مسعود يطلب إليه تسليمه ودائع النعمان وكان من جملة ودائعه ابنته ( الحرقة ) التي ارادها (كسرى) لنفسه فابى (النعمان) ان يزوجها للاعجمي ولو كان الملك (كسرى) انفة فأبى هانئ من دفعها إليه دفعاً للمذمة فغضب (كسرى ) على (بني شيبان) وعزم على استئصالهم فجهّز لذلك جيشاً ضخماً من الفرس يقودهم (الهامرز) و (جلابزين) ومن قبائل العرب الموالية للفرس من تغلب والنمر بن قاسط وقضاعة وإياد وولى قيادة هذه القبائل (إياس بن قبيصة الطائي) وبعث معهم كتيبتيه (الشهباء) و(الدوسر). فلما بلغ النبأ (بني شيبان) استجاروا بقبائل( بكر بن وائل) فوافتهم طوائف منهم واستشاروا في أمرهم( حنظلة بن سيّار العجلي) واستقر رأيهم على البروز إلى بطحاء( ذي قار) وهو ماء ل(بكر بن وائل) قريب من (الكوفة)

فقداستجارت هند بنت النعمان وتكنى (الحرقة) بالشاعرة صفية بنت ثعلبة فأجارتها ورحبت بها وقامت لتعلن إلى قومها هذه الإجارة اليهم وما تعني هذه الاجارة من الحرب بين جيوش كسرى وبني شيبان 
ا

قالت الحُرقة هند بنت النعمان تشكوةحالها :

ما كنت أحسب والحوادث جمّةٌ
أنى أموت ولم يَعدنى العُوّدُ

حتى رأيت على ارومة مولدى
ملكا يزول وشمله يتبددُ
وغشيت كل العُرْب حتى لم أجد
ذا مِرّة حسن الحفيظة يوجدُ

مُوتى بُعَيْدَ أبيكِ , كيف حياتُنا
والموتُ فهو لكل حيٍ مُرصَدُ

خاب الرجا , ذهب العزا , قل الوفا
لا السهل سهلُ ولا نجودٌ انجُدُ

جمدت عيون الناس من عبراتها
وقلوبهم صمٌ صلادٌ جلمَدُ

كان ثعلبة الشيبانى شيخ القبيلة قد مات وخلفه ابنه الفارس عمرو بن ثعلبة الشيبانى . وكانت شقيقته الكبرى صفية بنت ثعلبه هى حكيمة القبيلة وشاعرتها حيث كانوا لا يبرمون امرا قبل الرجوع اليها .وقيل كانوا يسمونها (الحُجَيْجَة) لقوة منطقها وكانت أبية النفس عظيمة المناقب رفيعة المآثر .
.. ثارت صفية غضباً , وانتفضت .. وهبت تجمع قومها وعلى رأسهم اخيها عمرو صائحة معلنة انها اجارت الحرقة:

أحيوا الجوارَ فقد أماتته معا
كل الأعارب يابنى شيبانِ

ما العذر ؟ قد نشدت جوارى حرّةٌ
مغروسةٌ قى الدرّ والمرجانِ

بنتُ الملوك ذوى الممالك والعُلى
ذاتُ الجمال وصفوةُ النعمانِ

اتهاتفون وتشحذون سبوفَكم
وتقوّمون ذوابل المرّانِ

وعلى الأكاسر قد اجرت لحرةٍ
بكهول معشرِنا وبالشبّانِ

شيبان قومى هل قبيلٌ مثلهم
عند الكفاح وكرّة الفرسانِ

إنى حُجَيجةُ وائلٍ وبوائلٍ
ينجو الطريد يناقة وحصانٍ

يا آل شيبانٍ ظفرتُمْ فى الدنا
بالفخر والمعروف والإحسانِ

ارسل كسرى كتيبة من الفرسان المدججين لتأديب بنى شيبان وانتزاع الحُرَقَة قسرا والعودة بها ولكن القبائل العربية ومن بني شيبان انبرت لكتيبة كسرى قتلا وذبحا واسرا .. فذعر العجم وفروا هاربين مدهوشين عن غنائم كثيرة .

صاحت صفية منشدة :

أنا الحُجَيْجَةُ من قوم ذوى شرفٍ
أولى الحفاظ وأهل العز والكرمِ

قولوا لكسرى أجرنا جارةً فثوت
فى شامخِ العزِِ ياكسرى على الرُغُمِِ

نحن الذين اذا قمنا لداهيةٍ
لم نبتدعْ عندها شيئاً من الندمِ

نحوطُ جارَتنا من كل نائبةٍ
ونرفدُ الجارَ مايرضى من النعمِ

ثم أن قواد جند كسرى ارسلوا رسوليْن الى بنى شيبان يطلبان اليهم أن تنزل الحرقة على طاعة (منصور) احد قواد كسرى وهو عربيٌ وسيبرئ الشيبانيين مما اجترموه 
وعندما قابل الرسولان صفية فأبت وقالت لهم:

قولا لمنصورَ لا دَرّت خلائفهُ
ما صاح فيهم غرابُ البينِ أو نعقا

من زوّّج الفرسَ يا متبولُ قبلكمُ
من الأعارب يامخذولُ أو سبقا

ياويح أمك يامنصور ان لنا
خيْلا كراما تصون الجار ما عَلِقا

فمت بغيظك يا منصور واحيَ على
بغضاك قومى وشمّرْ كل يوم لقا

آلت بنو بكرَ ترضى ماكتبتَ به
يا ابن الدنيّةِ فاجملْ ان اردتَ بقا

فهجم منصور عليهم بجيشه الا انه انكسر فعاد خائبا الى كسرى فأمده بجندٍ من العرب يعدون عشرين الفا فى أموالٍ كثيرةٍ ومؤن وافرة . فلما علمت صفية بأمرهم قالت :

ياعمروُ عمروُ اجبنى يابن ثعلبةٍ
يا شبهَ برّاقَ يوم القتلِ والسلَبِ

لأجل عشرين ألفا اُضحِ صارخةً
فى آل بكرٍ وذا شئٌ من العجَبِ

لا تكشفونى بهذا اليوم وارتقبوا
يومى لوقت اجتماع العجمِ والعربِ

تأهب القوم للقتالوجاءتهم عساكر المنصور .. جلاد عظيم وكفاح رهيب .. الظالم فى عشرين الفا يقاتل المظلومين المنافحين عن شرفهم وكرامتهم .. معركة طاحنة , انتهت بهزيمة المنصور وتفرق جيشة الجرار , وعاد الى كسرى منهزما .

أمر كسرى الطميْح وهو من قواده العرب المعدودين ان يعد جيشا جرارا للإنتقام من العرب ..

احزن الطميح ان يهدر كسرى دماء قومه العرب ظلما وعدوانا فأرسل سراً الى بنى شيبان يعلمهم ويحذرهم من الآتى الرهيب .

أرسلت صفية الشيبانية الى الطميح تشكر له نصحه وتحذيره قائلة:

لله دَرُّك من نصيحٍ صادقٍ
والنصحُ رأيك ايها الإنسانُ

جاء الرسولُ بنصحه ولأنهُ
محفوظةٌ اسرارُه وتُصانُ

واليوم يومُ حُجَيْجةٍ من وائلٍ
جاءت بها الأنباءُ والأزمانُ

شيبان قومى والأعاربُ دعوتى
وعزيزةٌ فيهم فلستُ أهانُ

قلْ للطميحِ فدتهُ فتيانُ الوغى
عندى لكسرى القلبُ والأبدانُ

باللهِ افزع ُ من كثيفِ جنودِهِ

ابلغ طميحاً يارسولُ وقل له
بسيوف تغلِبَ تُغلبُ الأقرانُ

ثم التفت لقومها وقالت اتستقيمون وتصبرون أم استجير لى ولجارتى بقبائل غيركم وأريكم العزّ الأعزّ والعديد ؟

وانشدت :

ماذا ترونَ يا بنى بكر فقد نزلت
كِبْرُ النوائبِ والأخرى على الأثرِ

اتصبرون لشعواء مُلَمْلَمةٍ
فيها الأعاجمُ بالنشّاب والوترِ

أم لستمُ أهل صبرٍ فى لوازمها
عند الحفائظِ والجاراتِ والخَفَرِ

إنى أجرت بكم ياقومُ فاصطبروا
فالصبرُ يحللُ فوق الأنجمِ الزُّهُرِ

يا أيها الشمُ انتم حافظو ذممى
وانتمُ فلعمرى العزُّ من عُمرى

إما صبرتُمْ فلا ادعو لغيركمُ
وإن جزعتم أنادى كلَ ذى حُضُرِ

بكل سامٍ الى الهيجاءِ ذى شرفٍ
وارى الزنادِ كريمِ الجدّ من مُضَرِ

فأجابها قومها واستعدوا للقاء جبش كسرى . ولم يخطر على بال احد منهم ان كسرى قرر ان يقود الجيش بنفسه وجعل ابنه الأكبر على الميمنة وابنه الأصغر على الميسرة حيث اصبحت المسألة بالنسبة له مسألة كرامة وعزة بالإثم اصبحت المعركة مسألة مجـــدالفرس اذ اعدّ جيشا لم تر الصحراء مثله عددا وعدة تجاوز مائة الف مقاتل جلّهم فرسان .

آه لك ياعروبة فقد انبعثت في قلوب القبائل العربية الحمية العربية فكانت هذه كلما جاءت الأنباء بعظمة الجيش القادم تسارعت القبائل العربية للإنضمام الى بعضها . كل من تهرّب من ايواء الحُرَقة جاء الآن بكل مايملك من رجال وعتاد ليشارك فى صد العدوان الغاشم حيث اصبحت (الحُرَقَةُ) هند بنت النعمان ابنةَ كل رجلٍ وأختَ كل فارس و اصبحت رمزا للكرامة العربية .
اما شاعرتنا فقيل انها تركت ناقتها وركبت فرسا وراحت تطوف على القبائل العربية صارخة مستنهضة محرّضة .. راحت تخاطبهم فقد بدات بقبائل بني حنيقة قائلة :.

إيهاً اجيدوا الضرب ياحنيفةْ
فأنتمُ الجُمجُمةُ الشريفةْ

حامى على أعراضك النظيفةْ
ان الجنودَ حولكم كثيفةْ

ثم اقبلت الى بنى عجل وهم أهلها الأدنون مخاطبة لهم :

الفخرُ فخرى بسراةِ عِجْلِ
هم معشرى فى نجدهم والسهلٍ

هم السراةُ وحماةُ الأهلِ
والفائقونَ بشريفِ الفعلِ

إيها أبيدوا جمعَهُم بالقتلِ
ولا تكونوا غرضا للنَبْلِ

ثم أقبلت على بنى لجيم قائلة:

لُجَيْمُ قومى وبنو أبينا
ليسوا لدى الهيجا مُغلّبينا

بل ظافرون وحُماةٌ فينا
العزُّ فيهم حين يُلجِمونا

ويَسرحون ثُم يحملونا
إيهاً بنى الأعمامِ فانصرونا

ثم ذهبت الى بنى ذهل وانشأت تقول:

اليومَ يومُ العزّ لا يومُ الندمْ
يومُ رماحٍ وجيادٍ وخدَمْ

للوائليات التى تحمى البُهمْ
با آلَ بكرٍ لا تَهَلكُمُ العجمْ

من الذى يحمى الخيامَ والنعَمْ
إن صبرت ذُهْلٌ فعِزّى اليومَ تَمْ

ثم اختلطت باهلها وقبيلتها بنى شيبان وراحت تسير وهم من خلفها فكانت مثالا رفيعا للمرأة العربية وعزة نفسها ومن رجالها ومن عدالة قضيتها وهي تنشدهم هاتفة: :

إيهاً بنى شيبانَ صفاً بعدَ صفْ
من يُردِ العَلياءَ لم يخشَ التلفْ

اليومَ يومُ العزّ موصوفُ الشرفْ
إن حافظت قومى فما بى من أسفْ

أنا ابنة العزّ وعرضى اليوم عفْ
بكل نصلٍ كالشهابِ المُختطفْ

وعندما انبلج الفجر كانت عشرات الألوف من فرسان كسرى يحجبون الشمس كثرة وعددا وتبلغ غطرستهم وصلفهم وتجبرهم وعدتهم مدى عظيما تلاحمت القبائل العربية وتساندت وتراصّت وهجمت هجمة واحدة ليبدأ اليوم الأول من هذه الموقعة الهائلة والتى عرفت بوقعة( ذى قار) وهي المعركة الا ولى التي انتصر العرب فيها على الفرس وهزموهم شرهزيمة . .

وقفت شاعرتنا صفية الشيبانية ترقب وقلبها يكاد ينخلع من هول ماترى , تكاثر جنود العجم على العرب حتى كادوا ينهزمون.. راحت ترقب من بعيد شقيقها الأصغر فارس بنى شيبان عمرو بن ثعلبة وهو يلقى ينفسه بين جموع العجم كأنه الموت لادافع له , كان يشق الصفوف ويجندل الفرسان ... ولكن العجم يتكاثرون حتى كأن لا نهاية للأعداد التى جاء بها كسرى .

بدأ العرب تحت وطأة الكثرة الضارية يتراجعون .. فهجمت صفية بسيف مسلول تقطع حبال هوادج النساء فسقطت النساء عن الجمال ورأى رجالهن ذلك فعطفوا على القتال عطفة من لا يريد الحياة ..و شقت الشاعرة الصفوف مقتربة من اخيها بحيث يسمعها وراحت ترتجز: :

ياعمروُ ياعمرو الفتى بنَ ثعلبة
حامِ على جارتك المُستقرَبةْ
وزاحم العجمان عند العقَبةْ .

فحمل اخوها والرجال حملة صادقة ولكن الكثرة كادت تفنيهم .. والتحقت بهم قبيلة بنى يشكر وعليها فارس العرب ( ظليم بن الحارث) وشاعرهم (الحارث اليشكرى) فجاءوا مددا قتال جيش كسرى فاستقبلتهم قائلة : .

هذا ظليم جاءكم فى يَشكُرِِ
كليث غاباتٍ مهوسٍ مُخْدرِِ

يا فارسا تحت العجاج الأكبرِِِ
إحْملْ هُديتَ حملةَالمنتصرِِ

فهجم اليشكريون على جيش كسرى وفرّجوا عن بنى شيبان .. وصفية تقول:

احمل ظليمُ فى العجاج الأسودِ
ادرك فأنت غاية المستنجدِ

واعدُ على القومِ كعدو الأسدِ
باليشكريين كرام المحتدِ

غابت الشمس وافترق الجمعان وانتهى اليوم الأول .
ارسلت الحجيجة الى الطميح شيخ قبيلة اياد والقائد العربي فى جيش كسرى:

ليس للعُجْم نُصرٍَِةٌ فى عشيرى
إن ارادَ الطميحُ نجلُ الكرامِ

ان تولت لنا إيادُ انهزاما
كان منهم هزيمةُ الأعجامِ

وملكنا العُلّوَ والفخرَ طولَ
الدهرحتى آخر الأيامِ

ان نصرَ الطميح أكرمُ نصرٍ
وحُنوٍّ على بنى الأعمامِ

وفى اليوم الثانى فوجئ كسرى بقبيلة إياد العربية تترك صفوف جيش كسرى و تنضم في القتال الى القبائل العربية فأعاد ترتيب صفوفه وبدأ القتال الطاحن حتى غابت الشمس وافترق الجمعان .
وفى اليوم الثالث كان تفوق العجم واضحا ولكن بسالة العرب مكنتهم من الصمود.

فى اليوم الرابع قدمت شاعرتنا ( صفية) ب(الحرقة) هند بنت النعمان وقالت لها : كونى قريبة منى ..وانتدبت فوارس قومها ورأست عليهم اخاها وانشأت تقول لهم و(الحرقة) واقفة بجانبها:

ياعمرو يا من أجار الحُرَقةْ
يا رأس شيبان الكماة المُعْرِقةْ
أكرم خيلىِ من سعى أو لحِقَهْ
والعجم صرعى جمعهُمْ مُفترقةْ

وقالت للحرقة : هذا آخر يوم بيننا وبين هؤلاء القوم فاسفرى على عمرو واوصيه بما شئت فاسفرت الحرقة بوجه زاهر وحسن باهر وانشدت:

حافظ على الحسبِ النفيس الأرفعِ
بمدجّجين مع الرماح الشُّرَّعِ

واليوم يوم الفصل منك ومنهمُ
فاصبر لكل شديدة لم تُدفعِ

ياعمرو ياعمرو الكفاحَ لدى الوغى
ياليثَ غابٍ فى اجتماع المجمعِ

اظهر وفاءً يا فتى وعزيمةً
أتُضيعُ مجداً كان غيرَ مُضيّعِ

هجم الفارس عمرو بن ثعلبة الشيباني وهجم كل فرسان العرب فى هجمة واحدة تفرقت فيها صفوف العجم ومزقوهم شر ممزق وانكسر الجيش الفارسي وقتل اولاد الملك كسرى واصيب كسرى نفسه فلم يجد مفرا من الإنسحاب مهزوما مخذولا وغنم العرب غنائم لا تحصى ولا تعد من الذهب والفضة والديباج واللؤلؤ والدر وكل ثمين وكان لهم النصر المبين الذى تفوقت به العرب على العجم وانشدت هند بنت النعمان في مدح صفية الشيبانية قائلة:

المجدُ والشرفُ الجسيمُ الأرفعُ
لصفيةٍ فى قومها يُتوقعُ

ذات الحجاب لغير يومِ كريهةٍ
ولدى الهياج يُحلُ عنها البرقعُ

لا أنسَ ليلةَ اذ نزلت بسوحها
والقلبُ يخفقُ والنواظرُ تدمعُ

والنفسُ فى غمرات حزنٍ فادحٍ
ولهى الفؤادِ كئيبة اتفجّعُ

مطرودةً من بعد قتل أبوّتى
ما إن أُجارُ ولم يسعنى المضجعُ

ويئست من جارٍ يُجيرُ تكرماً
فأُجرت واندملت هناك الأضلعُ

وتواردوا حوضَ المنيّةِ دون أن
تُسبى خفيرةُ أختهم واستجمعوا

والح كسرى بالجنود عليهمُ
وطميحُ يردفُ بالسيوفِ ويدفعُ

وهمُ عليه واردون بطرفهم
والنصرُ تحت لوائهم يترعرعُ

لصفية بنت ثعلبة الشيباني : واختم بهذه الابيات 
احيوا لجارٍ قد أماتته معاً
كل الاعارب يا بني شيبان

ما العذر قد لفت ثيابي حرة
مغروسة في الدر والمرجان

بنت الملوك ذوي الممالك والعلى
ذات الحجال وصفوة النعمان

أتهافتون وتشحذون سيوفكم
وتقوّمون ذوابل المران

وتسوّمون جيادكم يا معشري
وتجددون خضيبة الابدان

وعلى الاكاسر قد أجرت لحرة
بكهول معشرنا مع الشبان

شيبان قومي هل قبيل مثلكم
عند الكفاح وكرة الفرسان

لا والذوائب من فروع ربيعة
ما مثلهم في نائب الحدثان

قوم يجيرون اللهيف من العدا
ويحاط عمري من صروف زمان

ترد الهياج بنو ابي لا تتقي
مسط العدو وصولة الاقران

اني (حجيجة وائل) وبوائل
ينجو الطريد بشطنه وحضان

يا آل شيبان ظفرتم في الدنا
بالفخر والمعروف والاحسان

فالح نصيف الحجية
الكيلاني
العراق- ديالى -بلدروز