صفقة التوطين جاهزة!
 
يجمع الشعب اللّبنانيّ في وطن النزاعات على رفض التوطين، ويبقى الإجماع على المِلَف شيئًا أمّا على أرض الواقع شيئًا آخرًا . في مُقابل ذلك، تُصِرّ الأمم المتّحدة على حقّ العودة المنصوص عليها دوليًّا إلّا أنّه لا يزال حبرًا على ورق، ولا ريب أنّ خطر التوطين قائم في لبنان، وفي الوقت عينه يُصرّ الشعب الفلسطيني على حقّه في العودة إلى وطنه.
 
تنطلق مقدّمة الدستور من نقطة الحرص على المصالح اللّبنانيّة العليا ويتكامل ذلك مع الإلتزام بدعم حقّ العودة وسائر الحقوق الوطنيّة المشروعة للشعب الفلسطيني عمومًا. يلتزم لبنان بمنظومة الحقوق من ضمنها المسؤوليّة السياديّة كدولة مُضيفة، عن المقيمين على أراضيها كافّة، مع التأكيد على مسؤوليّة المجتمع الدّولي، وما يتفرّع عن ذلك لجهة تلبية  الحقوق والإحتياجات الإقتصاديّة كما الإجتماعيّة للاجئين الفلسطينيّين في لبنان.
 
لم يخفِ الرئيس الأميركي دونالد ترامب،عزمه على إنهاء النزاع العربي-الإسرائيلي لِصالح الأخيرة، ومن جوانب مخطط "صفقة القرن"، التي يتهامس بها أصحاب المشروع أنّهم سيتولّوا إنعاش الحالة الإقتصاديّة للفلسطينيّين بما فيهم الدول المُستضيفة (لبنان، الأردن، مصر..).
 
وولّد الأمر في لبنان مخاوف عدّة مع الحرص الشديد على منع اللّاجئ الفلسطيني من حقّ التملّك بما لا يتعارض مع أحكام الدستور ومصالح لبنان العليا وحقوق الإنسان. ويقول اللّواء صبحي أبو عرب، قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، أنّ فكرة التوطين مرفوضة فلسطينيًّا ولبنانيًّا، مُشدّدًا على أنّ الفلسطيني يُدرك تمامًا أنّه ضيفًا في لبنان وفي أيّ وطن آخر.
 
وردًّا على ربط خطوة التوطين بـِ "صفقة القرن"، أكّد أنّ فلسطين أرضنا ولن نتخلّى عنها مهما حصل من مؤامرات ونحن نعتزّ بلبنان إلّا أنّنا نملك فلسطين، مُثنيًا على موقف لبنان ضدّ صفقة القرن التي تهدف إلى طمس الهويّة والقضيّة الفلسطينيّة.
 
ويضع الكاتب والمحلّل السّياسي، وسام سعادة، قلق الشعب اللّبنانيّ ضمن إطار المنطق، في ظلّ المبادرات الأميركيّة التي طرحتها لحلّ النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي على قاعدة الإقتصاد أوّلًا قبل السياسة، وما يتضمّن الحلّ في طيّاته من خطورة فرض "أجندات" التوطين على الدول المُستضيفة كـَ لبنان.
 
 
ويُوضّح سعادة أنّ الإدارة الأميركيّة تضييق الخناق على الأونروا من خلال تخفيض دورها.وتبقى مسألة التوطين التحدّي الأكبر والذي يتوجّب على لبنان مواجهته خصوصًا وأنّ العناوين الأميركيّة المطروحة هي لفرض هذه المسألة، رغم أنّ جميع اللّبنانيّين يرفضون هذه الفكرة بالإضافة إلى مقدّمة الدستور التي تنصّ على "لا تقسيم ولا توطين".
 
ويرى سعادة لو أنّ هناك دولة فلسطينيّة، لكان جزءًا من هذه المسألة قد تمّ حلّها والتعامل كان سوف يكون أفضل خصوصًا وأنّ هناك دولة راعية ومرجعيّة لهم.
 
في مقابل ذلك، يعتبر نائب رئيس حزب الكتائب اللّبنانيّة، الوزير السابق د. سليم الصايغ، أنّ موقف الحزب ليس موقف إنشائي ولا مرحلي إنّما فعلي، والحزب قدّم الكثير لمنع التوطين، ونحنُ لاحظنا في الديناميكيّة الداخليّة اللّبنانيّة خلال لجنة الحوار الفلسطينيّة – اللّبنانيّة، نوعًا من العمل على التوطين الإجتماعي والإقتصادي للشعب الفلسطيني من قِبَل أفرقاء مُتعدّدين في الداخل ونحنُ قاومنا ذلك وغالبيّة الأمور الناتجة عن هذا الموضوع رفضناها، فالحقّ الإنساني شيء وحقّ الأوطان والمُحافظة على هويّتها حقّ مقدّس.
 
ويقول صايغ:" يتحدّث البعض في الوقت الراهن عن صفقة القرن غير أنّنا لا نُدرك تمامًا ما هي صفقة القرن ولا نزال نؤيّد المبادرة العربيّة للسلام وتحت هذا السقف علينا العمل، ونحنُ لا نقول فقط حقّ العودة إنّما واجب العودة للفلسطينين إلى أراضيهم، كما نقول إنتبهوا يا لبنانيّين هناك أفرقاء وأحزاب كبيرة يعتبرون إعطاء كلّ الحقوق للفلسطينيّين في لبنان هومسموح طالما لا يتمّ إعطائهم الحقّ بالجنسيّة إلّا أنّهم لا يدركون أنّ الحقوق التي يتحدّثون عنها هي مقدّمة لإعطاء الجنسيّة لأنّ واقع الحال يقول إنّ المواطن الذي يتمتّع بكافّة حقوقه إلّا حقّ الجنسيّة مع الوقت لا يُمكنك إلّا إعطاءه الجنسيّة ".
 
ويفترض الصايغ عدم تقاذف كرة النار بين اللّبنانيّين بل يجب على لبنان أن يأخذ موقفًا موحّدًا بيعدًا عن كلّ الإصطفافات السياسيّة والطائفية إنقاذًا للقضيّة الفلسطينيّة، وأن يكون هناك موقف شعبي فكري، ثقافي، سياسي، لبناني واحد وعدم المزايدة على الموضوع لكيّ لا ينزل في سوق النخاسة السياسي ونحن نورط لبنان في لعبة ليس قادر عليها، مُحذّرًا من تمرير الملف تحت مسوغات إعادة إنعاش الإقتصاد اللّبنانيّ.