كل صفقة قرن في قفا التاريخ.
 

بعض الثائرين على موعد مع فلسطين لم يتخلوا عنها ولن يتركوها وحيدة وأسيرة السجون الإسرائيلية سيحررونها يوماً ما وعداً مقطوعاً منذ النكبة ولم يبق عربي إلاّ وأقسم قسم القسّام وتوعّد بيوم أسود للمحتل وبيوم أبيض للفلسطينيين مهما طالت قرون أميركا فعزيمة الثوار لا تهدأ رغم ما ابتلوا به من كذب أضاع بوصلة الطريق من عمان الى عُمان حيث العرب في شأن غير شأن.

هاج العرب وماجوا على فترات وفي موجات متعددة ومن ثم استكانوا بعد أن شربوا ما خدّر هيجانهم الثوري وباتوا أقرب الى الواقع منه الى الخيال اذ لم يكبوا "إسرائيل" ولا ردوا يوماً بالزمان والمكان المناسبين وما ربحوا إلاّ خساراتهم التي أبقتهم أحياءً شبه أموات لذا قرروا الرحيل عن فلسطين تركوها بعد أن قطعوا كل الطرق اليها وقرورا خوض السلام أو الإستسلام لا همّ ما دامت النتائج و احدة وما دامت موازين القوة لصالح جماعة اليهود ولا مجال لتغيرها بعد أن اعتادوا على الإحتلال ووجدوه أكثر رأفة من أبناء الثورة الذين أكلوا لحم بعضهم البعض و مضغوه بأنياب الذئاب.

إقرأ أيضًا: رفعت الأسد بالقامشلي والساحل العلوي

العرب والمسلمون أسلموا لأميركا ورببوا ترامب بإستثناء من قرّر الأسلمة والربوبية بطريقة أخرى ولكن فيها مروءة وعودة لزمن العروبة التي انتصرت رغم هزائمها في حربين متعاقبتين وأثناء العدوان الثلاثي على مصر عبد الناصر.

هناك من يجتمع لصالح القرن الأميركي وهناك من يجتمع ضدّ الثور لا ضدّ القرن ويخطبون بحماس وحماس عينها على فتح لا على المحتل والملفت أن بقايا القدس تعيد انتاج الخطابات الرنّانة فتدرك أن عبد الناصر حيّاً لم يمت ما زال موجوداً في ضمير الثورة وهو شعار على الجدران وفي البيانات والمناشير وخطب الجمعة والجماعة ومؤتمرات مدفوعة سلفاً لسياسيين وإعلاميين احتشد من تبقى منهم صامداً على شفا جُرُف هار وقرروا ما قرره السلف الصالح من الجيل الأول من أجيال الثورة  وأعدوا لليهود نفس الخطاب بنفس المفردات وبنفس تهديدي وعيدي لن يحيد عن شبر واحد من فلسطين.

إقرأ أيضًا: المستقبل لا صوت ولا صورة

ربحت فلسطين وانتصرت على عدوها أصبح بإمكان العرب والمسلمين زيارة القدس والصلاة في مسجد سجد فيه الخليفة عمر ابن الخطاب بعد أن صلّى صلاة الفتح لم يعد المستحيل مستحيلاً بعد أن ذاع البيان الختامي مؤتمرو فلسطين وقرروا الزحف يمناً وشاماً وطرابُلساً على محوريّ القطاع والضفّة فمن هنا مرّت جحافل القدس بقيادة مسلم وابن ملجم وتوزعوا على الميمنة وعلى الميسرة دون الناصرة والجليل وبيت لحم.

عرب القرن والثور الأميركي بصموا بأسفل البيان المعدّ سلفاً لنصرة المظلومين اليهود دون مراجعة للنصوص التي وضعها مختصون في الحقوق ومخلصون لحقوق الفلسطينيين لذا نام المجتمعون أغلقوا نوافذ أعينهم وأبواب أسماعهم فلا حاجة لذلك ما دام ترمب صاحب الصفقة ولا صفقة بين الإسرائيليين وبين الفلسطينيين دون التاجر الأميركي الذي يفهم وحده لغة السوق و يقيّم جيداً سلع البلاد والعباد فيبيع ويشتري بميزان التاجر الأميركي الذي عُرف في شطارته و في موازين كيله.

كل صفقة بقرن في قفا التاريخ.