صفقة القرن لن تعيق أولوية واشنطن في تحجيم النفوذ الإيراني
 
باتت "صفقة القرن" التي تنوي الإدارة الأميركيّة طرحها موضوعا مؤجلا، بالنسبة إلى المعنيين بها، وفق ما رأت مصادر سياسية عربيّة لـِ صحيفة العرب.
 
وتحدّثت المصادر في المقابل للصحيفة، أنّ الموضوع الملحّ بالنسبة إلى الإدارة نفسها وإلى إسرائيل يتمثّل في الوجود الإيراني في سوريا الذي كان موضع بحث عميق في اللقاء الذي انعقد في القدس وضم كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومستشار الأمن القومي في واشنطن جون بولتون، وأمين مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف.
 
وأوضح مصدر دبلوماسي غربي، أنّ ما يدلّ على أن "صفقة القرن" مؤجّلة هو غياب اهتمام إسرائيل ومستوى تمثيلها في المنامة.
 
واعتبر كوشنر، في افتتاح ورشة المنامة أنّ الاقتصاد "شرط مسبق ضروري لتحقيق السلام"، مُتوجّهًا للفلسطينيّين الذين يقاطعون الورشة رافضين الحديث في الاقتصاد قبل السياسة، بالقول "الولايات المتحدة لم تتخلّ عنكم"، مُعتبرًا أنّ الخطة الأميركية لتحقيق السلام هي "فرصة القرن" وليست صفقة القرن.
 
وعلى الرغم من وجود المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتّحدة ومصر والأردن، بدا أن الحضور العربي في المنامة خجولًا إلّا أنّ اللافت كان مقاطعة الكويت.
 
وفسّرت أوساط قريبة من مركز القرار فيها الغياب الكويتي عن ورشة البحرين بغياب الاستعداد لالتزام دفع مبالغ كبيرة في غياب خطة سلام واضحة المعالم ذات بعد سياسي تؤدي إلى تسوية سياسية حقيقية على أساس خيار الدولتين.
واستبعدت المصادر السياسية مؤكّدةً أن الولايات المتحدة نفسها مقتنعة بأنّ صفقة القرن ليست موضوعا ملحّا حتّى لو كان وراءها جاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترامب.
 
وبحسب الصحيفة، تتوجّه الأنظار الأميركية والإسرائيلية حاليا على الموقف الروسي من مسألة الوجود الإيراني في سوريا وهل ستلعب موسكو دورا في إنهاء هذا الوجود في إطار اتفاق شامل على مستقبل سوريا.
 
وكشفت هذه الأوساط أن المبعوث الأممي الجديد إلى سوريا النرويجي غير بيدرسون لن يقدم على أي تحرّك في أيّ اتجاه كان على الصعيد السوري قبل معرفة ما سيسفر عنه اجتماع القدس.
 
وأوضحت أن إسرائيل والولايات المتحدة على استعداد لتقديم تنازلات كبيرة لروسيا في سوريا في حال استعدادها للعب دور في مجال إنهاء الوجود الإيراني في هذا البلد العربي.
 
لكن هذه الأوساط ذكرت أن روسيا ليست على استعداد للعب الدور المطلوب منها في الوقت الحاضر نظرا إلى تعقيدات الوضع السوري وغياب القدرة لدى القوات التابعة للنظام على لعب الدور المطلوب منها على الأرض في غياب القوّة التي تحلّ مكان الميليشيات الإيرانية على الأرض.
 
ويعتقد محللون سياسيون أن إدارة ترامب تضع أولوية رئيسية واضحة لها في المنطقة، وهي تحجيم النفوذ الإيراني، وهي تتوقع ردودا متنوعة من طهران لإفشال أي مشاريع أميركية، وخاصة ما تعلق بمؤتمر البحرين الذي هو لقاء تمهيدي ضمن سلسلة من اللقاءات التي تسبق طرح ما بات يعرف بصفقة القرن.
 
ويشير هؤلاء إلى أن واشنطن على دراية كاملة بأن الوضع الإقليمي غير ملائم لنزولها بالثقل وراء مبادرة جاريد كوشنر، صهر ترامب، وهو أمر تفسره مشاركة رمزية لبعض الدول، وغياب دول أخرى، فضلا عن السلطة الفلسطينية، وأن إيران يمكن أن توظف هذه المبادرة الخلافية للتنفيس عن أزمتها من خلال أنشطة وكلاء محليين سواء حماس أو الجهاد أو حزب الله.
 
ونبّه مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، الثلاثاء، إيران من تعطيل مؤتمر البحرين، مؤكّدًا أن طهران "انخرطت خلال الشهرين الماضيين في سلسلة طويلة من الهجمات غير المُبرّرة".
 
وبدا واضحًا أن محاولة الأميركيين فصل المسارات بين مؤتمر البحرين والتصعيد ضد إيران قد يصب في صالحها، مع نجاح حركة حماس في جرّ السلطة الفلسطينية إلى مربع المقاطعة وفي ظل غياب ضمانات أميركية واضحة بشأن الوجه السياسي لصفقة القرن، واكتفاء إدارة ترامب بتصريحات هلامية عن "مستقبل مشرق".
 
ويرى مستشار الأمن القومي الأميركي أن "الآفاق أمام الفلسطينيين والإسرائيليين والجميع في المنطقة، في حال تمكنا من الوصول إلى اتفاق مقبول بين إسرائيل والفلسطينيين، مشرقة بشكل لا يُصدّق".