يمكن الاشارة هنا الى وجه التشابه الكبير بين ما حصل مع الاخوان المسلمون بمصر، وما يحصل مع الاخوان العونيون في لبنان
 
إذا كان ثمّة إيجابيّة واحدة قد تُذكر نتاج "التسوية الرئاسيّة" التي فرضها حزب الله بقوّة سلاحه على الأطراف الداخلين فيها (برّي – جنبلاط – جعجع – الحريري)، فهي إلانكشاف السريع لِبواطن وتوجّهات وبالتالي إخفاقات هذا التيّار.
 
لا شكّ بأنّ التواجد بموقع المُعارضة، بالخصوص في بلد كلبنان يعمّه الفساد على أنواعه السّياسي والمالي والثقافي وحتى البنيوي، هو أمر مُربح جدًّا، وسَهل جدًّا. إذًا من السهولة بمكان رفع شعارات أصلاحيّة تُدغدغ مشاعر اللّبنانيّين الطامحين إلى التغيّير والإصلاح والحالمين ببناء وطن على غرار معظم شعوب العالم. لا يُمكن إكتشاف حقيقة هذه الشعارات الإصلاحيّة، وسلوكيّات أيّ معارضة ومصداقيّتها إلّا حين وصولها إلى السّلطة، حينها فقط يُكرَم المُصلِح أو يُهان.
 
وفي هذا السياق، يُمكن الإشارة هُنا إلى وجه التشابه الكبير بين ما حصل مع "الإخوان المسلمون" في مصر، وما يَحصل مع "الإخوان العونيّون" في لبنان، فالإخوان المسلمون أصحاب شعار "الإسلام هو الحلّ" استطاعوا من موقعهم الإعتراضي جَذب واستقطاب الجماهير ظنًّا منها بأنّ مشروع الأخوان هو خشبة الخلاص للشعب المصري من كلّ معاناته المزمنة لِعقود خلَت، وانّ المن والسلوى لن يهبطا على مصر وشعبها إلّا بوصول هذا التيّار الجارف وخططته الإصلاحيّة ورؤيته الشموليّة التي يحملونها لكلّ جوانب الحياة، وان بمجرّد وصولهم إلى سدّة السلطة سيتحقّق حتمًا الحلم الموعود. 
سريعًا، إكتشف المصريون زيف ادّعاءاتهم، وقصور أوهامهم، (وأظنّ أنّ الإخوان أنفسهم إيضًا إكتشفوا تهافت بنيانهم السياسي وان الشعارات المرفوعة شيء والممارسة على الواقع شيء آخر)، بمجرّد وصولهم إلى السّلطة، حتى انقلب فشلهم الإصلاحي الذي انصدم بجدار الواقع فانقلب هذا الوهم وبان الوهن، فما كان نتاج هذه الصدمة المفجعة، إلّا السير باتجاه إشباع رغبة دفينة بالاستئثار بالحكم وسدّ جوع عتيق بالسلطة كمحاولة لردم هوة الفشل التي وصلوا إليها، فصار "أخونة" الدّولة هو الوسيلة لإرضاء جماهيرهم ومريديهم كجوائز ترضية كفيلة بالردّ على الكثير من التساؤلات المُفترضة. 
 
وعند "الإخوان العونيّون" الحالة نفسها، فالتيّار العوني صاحب شعار "الإصلاح والتغيّير" وبعد مرور سنوات على تسلّمهم للسلطة، وفشلهم الذريع في إنجاز أيّ من شعاراتهم الفضفاضة، فلا إصلاح حصل ولا تغيّير، بل أكثر من ذلك فقد توضّح أن كلّ ما "ناضلوا" من أجله وما شنفوا أذان أتباعهم قبل اللّبنانيّين به من محاربة الفساد إلى القاعدة الإثنا عشريّة إلى التعيينات وآليّتها والموازنة والإبراء المستحيل والتوظيف الإنتخابي والعلمانيّة والدّولة المدنيّة ووو.. ما هي إلّا شعارات سقطت الواحدة تلو الأخرى وأصبحت اثرًا بعد عين. 
 
الهروب من هذا الفشل الواضح أو (الخديعة)، نراهم هم أيضًا وعلى خطى "الإخوان" يستعيضون عنها بشعار أوحد يرفعونه هذه الأيّام هو "حقوق المسيحيّين" والهدف هو محاولة إشباع تغولهم العتيق إلى نهش مغانم السلطة ومواقعها أيضًا كتعويض على من صدّقهم.... 
 
سقط "الإخوان المسلمون" سريعًا، وها نحن نرى كلّ يوم سقوط "الإخوان العونيّون" عندنا ... وما الفرق بالمدّة الزمنيّة إلّا بسبب الأوضاع في لبنان، وسلاح حزب الله طبعًا.