إيران تريد أن تفرض ميدانًا آخر للمواجهة
 

خفقت قلوب العالم امس، بعد خبر إسقاط ايران للطائرة الأميركية بدون طيار من نوع "درون" المتطورة جدًا، والتي يقال أن سعرها يصل إلى حوالي 220 مليون دولار، لما تتمتع بمميزات تجسسية هائلة وقدرة عمل تتفوق على مثيلاتها بما لا يقاس.

نقل الاعلام الاميركي بعد الحادثة، أن قرار من الرئيس الاميركي ترامب قد صدر للرد على هذا الهجوم الإيراني، يقضي باستهداف بطاريات صواريخ ومواقع تابعة للحرس الثوري واحدًا منها هو المكان الذي اطلق منها الصاروخ الذي استهدف الطائرة، ألا أن تراجعا حصل في اللحظات الاخيرة وتوقفت العملية.

إقرأ أيضًا: تايتنك.. والقبطان الأحمق

بمنطق العقل الشرقي، هذا التراجع وعدم الرد هو بمثابة إهانة لا يمكن السكوت عليها، ودليل ضعف وجبن من قبل الجانب الأميركي، وبالمقابل فإن تجرؤ ايران على استفزاز القوة العسكرية الأميركية وجبروتها يعتبر قمة في الشجاعة والاقدام، وعليه يمكن الرفع على هذه الخطوة "الجبارة" ما شئت من شعارات العزة والكرامة والشجاعة وهذه المقاربة (التي يعشقها المحور الايراني وجمهوره) قد تكون فيها الكثير من الصحة والموضوعية لو أن ترامب لم يشن منذ أكثر من عام على ايران حربًا اقتصادية شعواء، ويفرض عليها عقوبات متشددة جدًا جعلت من الإقتصاد الإيراني بوضع مزري وبحالة من السوء لم تشهده الجمهورية الاسلامية منذ انتصارها.

واحدة من المؤشرات البسيطة التي تدلل على حجم الأزمة التي تمر بها البلاد، هي أن سعر رغيف السنكك (نوع من الخبز التقليدي) قد ارتفع ثلاثة أضعاف في الفترة الأخيرة، بحيث وصل سعر الرغيف الواحد إلى 8000 ريال أي ما يعادل 60 سنتا، هذا فضلًا عن التكلفة المالية الباهظة التي تتكبدها إيران، فقد وصلت الخسائر السنوية الى حوالي 25 بيليون دولار، وقدرت خسائر واردات النفط إلى 10 مليار دولار حتى الساعة، بدون ذكر ارتفاع نسبة البطالة واقفال الآف الشركات.

إقرأ أيضًا: طرابلس طردت المستشار الثقافي الإيراني، لماذا؟

أميركا مع ادارة ترامب، أرادت أن تكون ساحة المواجهة هي في الميدان الإقتصادي، فهنا يمكن لترامب أن يحقق انتصارات كبرى مع صفر خسائر، فيما ايران تريد أن تفرض ميدانا آخر للمواجهة، مع الأخذ بالحسبان أن الخسارة من طرفها هي واقعة ومؤلمة فيما أن الانتقال إلى الميدان العسكري سوف يلحق بالطرف الآخر شي من الخسارة لا بد منها بغض النظر عن المقارنة بين الخسارات وحجمها.

حتى اللحظة فإن إسقاط "السنكك" الايراني هو أقسى وأعظم وأشد ضراوة برأي الاميركي من قصف بعض المواقع الإيرانية، وإن إسقاط طائرة الـ "درون" لم يغير من قواعد المواجهة، لذا فإن من المتوقع في القادم من الأيام هو المزيد من المحاولات الايرانية بالعمل على اختصار الوقت من خلال إسقاط العديد من "الدرونات" علها تتمكن من إنقاذ "سكسكها" الذي ينازع وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة!