محكوم بالتفاهم على تقاسم الحصص في التعيينات الإدارية المقبلة
 

كل المؤشرات، تدل على أن المياه بين تيّار «المستقبل» والتيار الوطني الحر عادت إلى مجاريها الطبيعية بعد النكسة التي تعرضت لها إثر تصريحات لرئيس التيار البرتقالي نالت من الطائفة السنية بشكل مباشر، واستهدفت أبناء العاصمة الثانية طرابلس في ذات الوقت. وتدل البيانات التي صدرت عن «التيار الوطني الحر» بعد اجتماعه أمس الأول برئاسة الوزير جبران باسيل على أن التيار ليس عازماً على طي صفحة الماضي وحسب بل على تكريس التعاون والتحالف مع التيار الأزرق ومع رئيسه لما فيه خدمة الفريقين وخدمة الوطن.

وقد سبق تعبير التيار البرتقالي عن مشاعر الود تجاه التيار الأزرق والتمسك بالتسوية الرئاسية بين «الأقوياء» التي أثمرت العهد الحالي ان عبر الرئيس الحريري في مستهل جلسة مجلس الوزراء التي عقدت أمس الأول أيضاً في السراي الكبير عن مشاعره الحميمة تجاه التيار البرتقالي والذي سيثمر كما توقع استمرار التعاون من جهة وتفعيل عمل حكومة «إلى العمل» من جهة ثانية في الاتجاهات كافة، التي تصب في نهاية الأمر بخدمة مصلحة الدولة ومصالح شعبها.

وإذا كان هذا التفاهم بين التيارين الذي كان نتيجة مناقشات استمرت خمس ساعات بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل أوجبته المواقف التي اطلقها رئيس «التيار الوطني» ضد طائفة رئيس تيّار «المستقبل» واستوجبت ردود فعل عنيفة من مفتي الجمهورية الشيخ دريان ومن رؤساء الحكومات السابقين، وامتعاض كبير في الشارع السني، فإن الحرص الذي أبداه الفريقان على التسوية التي قامت بين التيارين وأدت الى إيصال العماد ميشال عون إلى بعبدا والرئيس الحريري إلى السراي الكبير قد يكون، وفق مصدر سياسي كبير، يراقب عن كثب تطوّر العلاقات بين التيارين الأزرق والبرتقالي أدى إلى دفن بعض تراكمات الماضي التي تجمعت بينهما خلال السنتين الماضيين علی التسوية الرئاسية، الا انها لم تمح كل النقاط الخلافية القائمة على طريقة ادارة الحكم، مما يعني في نظر هذا المصدر ان ما يحصل بين الفريقين لا يتعدى كونه هدنة مؤقتة فرضها تقارب المصالح بينهما، لا سيما ما يتصل منها بالاستحقاق المتعلق بالتعيينات القيادية الواسعة في معظم الوزارات والإدارات الرسمية، ورغبة كل فريق في الاستئثار بحصة طائفته في هذه الوظائف، وفق ما عبّر عنه التيار البرتقالي في أكثر من مناسبة، ووفق ما تناولته أوساط ومصادر التيار البرتقالي في أكثر من مناسبة ايضا، وبناء عليه يُمكن ان يوصف التقارب المفاجئ بين التيارين بعدما وصل الخلاف بينهما إلى حدود اللاعودة بأنه تقارب مصالح مشتركة هدفه الأول والأخير توزيع الحصص بينهما في التعيينات القيادية المرتقبة، وتأتي في هذا السياق تغريدة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عن صفقة القرن والصهرين، أفضل توصيف للحالة التي وصلت إليها الأمور على الصعيد الداخلي بين الفريقين، والتي تعكس بشكل واضح ومن دون أي لبس انعدام الثقة بين المسؤولين في التيارين، والتي تركت بصماتها على مسار العلاقة بينهما منذ قيام التسوية الرئاسية وحتى اليوم، خصوصاً وان لكل من الفريقين تحالفاته الخاصة، ومصالحه التي تتضارب مع مصالح الفريق الآخر، شكلاً ومضموناً، فعلى صعيد التحالفات المتعارضة هناك صعوبة تصل إلى حدّ الاستحالة في أن يتخلى عنها أحد الفريقين مهما كان الثمن الذي سيحصل عليه، فهل مثلاً يُمكن للتيار البرتقالي أن يتخلّى عن تحالفه مع حزب الله؟ وبالمقابل هل يُمكن للتيار الأزرق التخلي عن تحالفه مع القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي لمصلحة تحالفه مع التيار البرتقالي وللحفاظ على التسوية الرئاسية في آن؟ ان الجواب المنطقي على هذين السؤالين هو بكلا، أياً كانت الحسابات الخاصة بكل منهما.

ويصل المصدر بعد هذا التحليل إلى التشكيك في الاتفاق الجدد بين التيار الأزرق والتيار البرتقالي، وان كان لا يزال ميالاً الى انه محكوم فقط بالتفاهم على تقاسم الحصص في التعيينات المرتقبة خلال الأسبوعين المقبلين.