أكّد وزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​ ان ال​لبنان​يين معنيون بقضية الحريات في هذا الشرق وان لبنان يمثل نموذجا لإدارة التنوع. ورأى في مناسبة الذكرى الرابعة بعد المئة لمجازر" سيفو" ، ان قضية صفقة باب خليل في ​مدينة القدس​ هي محاولة لانهاء الوجود المسيحي المشرقي في المدينة المقدسة، وانه يجب ان يتوقف بيع الاملاك التابعة للاوقاف الى المستوطنين الاسرائيليين. وسأل ان " كيف نتخيّل مسيحيتنا من دون القدس مدينة القيامة، لا بل كيف نتصور اسلامنا من دون القدس. اذ من دونهما لا مشرق ولا وجود حر ولا ايمان حقيقي" ، وكيف لا نتذكر قضية المطرانين المخطوفين؟ الصمت لا يفيد، بل المطالبة هي التي ستوصلنا الى كشف مصيرهما".

وأضاف ان " ما اشبه اليوم بالامس وها نحن نعيش النكبات مجددا . شهداء " سيفو" ليسوا شهداء المسيحية بل شهداء الانسانية، والقضية ليست قضية سريانية بل قضية مشرقية. ونحن نستذكر شهداءنا للعبرة وللصمود. فلسنا دعاة انتقام ولا عنف بل دعاة سلام وتسامح". ولفت الى ان "مئة واربع سنوات والجلاد ينزل على الساحة ثانية ليسلّط صفقاته على من يقول لا للظلم وللاستيلاء على الاراضي. الذاكرة حيّة لان مفاعيل الجرم لم تنته، لا بل امتدت حتى اليوم بأشكال مختلفة. لقد تغيّرت شخصية القاتل وتبدّلت اسماءه، لكن هويته نفسها: هو الرافض للآخر، لا يعترف بحقه في الوجود ويكرهه حتى القتل. ان القاتل بالسيف طوّر ادواته لكنه لا يزال يذبح، اما الضحايا فتوسعت دائرة انتماءاتهم، اذ ان داعش استهدف بمجازره مسلمين ومسيحيين وكل من لا يشبهه أو يمثّل نقيضا لوجوده وآحاديته وعنصريته".

وأشار باسيل الى ان "احفاد الضحايا يتذكرون ما حصل في طورعابدين وبدرخان واورفا و​ديار بكر​، ونحن في لبنان نتذكرمعهم لان القاتل هناك كان يحاصر ويجوّع ويقتل. لكن الجبل قاوم ويقاوم وفتح ويفتح قلبه واستقبل ويستقبل الهاربين وجحيم الموت. هذا الجبل الذي اتُّهم اهله بالانعزالية في يوم من الايام هو نفسه الذي يستقبل اليوم ​اللاجئين​ و​النازحين​. الاصعب من الجريمة هو انكار وقوعها بحجة ان الاشوريين والسريان والكلدان لم يتمكنوا من انشاء كيان سياسي لهم".

واعتبر باسيل ان لبنان " بتنوعه ونظامه يمثّل نقيض الفكر الالغائي وخشبة خلاص للشرق الغارق في حروبه الدينية والعرقية ، وهو يعطي الامل بأن العيش معا ممكن وبأن الاختلاف في المعتقد والرأي حق مقدس ومصدر غنى انساني . وقد نجح لبنان في ادارة هذا التنوع".

وأكّد ان "لقد استرجعنا السيادة واسقطنا ​الارهاب​ واستعدنا الحقوق بالمناصفة والعدالة، لكن طموحنا هو ابعد من ذلك. نحن نطمح الى دولة يكون الانتماء الوطني فيها هو الاقوى والسيادة فيها للقانون المدني لا لقوانين المذاهب و​الطوائف​ . نطمح الى ان تتحول الحياة السياسية من صراع بين الطوائف الى تنافس بين المواطنين والمسؤولين على العطاء والانتاج في ال​سياسة​ و​الاقتصاد​ لاجل لبنان. نطمح ان تتنافس الاحزاب حول الخيار الافضل لحماية ​البيئة​ وتوفير ​الضمان الاجتماعي​ والصحي وضمان ​الشيخوخة​ والتعليم. نحن مقتنعون بان تحقيق الانتماء الوطني والعدالة بين اللبنانيين هما ضمانة الوجود الحر والمتنوع".

وختم باسيل بالاشارة الى ان " نحن مستعدون لمواجهة تحدي بناء ​الدولة​ على هذه الاسس ، ونحن على اقتناع بان الانتماء الوطني يجعلنا أقوى في مواجهة الفكر الالغائي او التكفيري او العنصري الآحادي. وبهذا نكرّم الشهداء فنتذكرهم، ونبني دولة تنتفي فيها الاسباب والظروف التي أدّت الى استشهادهم، ونبقى في ارضنا ولا نتركها مهما اشتدت الاخطار."