مناسبة هذا القول ما أثاره عددٌ من الناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي بما يختص بقرار بلدية الحدث (مع غيرها من البلديات) بمنع المسلمين اللبنانيين من التّملّك أو الاستئجار في نطاق البلدة.
 

في تاريخ أميركا العنصري صفحاتٍ مُقزّزة من التمييز العنصري (discrimination) وفق العِرق واللون، تُدرّس هذه الأيام في الولايات المتحدة الأمريكية في الصفوف الإبتدائية والمتوسطة، ليطّلع طُلاب الحداثة والمدنية وحقوق الإنسان على فضاعة هذا التمييز الجائر، فكانت بعض المطاعم تضع تحذيراً بارزاً على مداخلها: ممنوع دخول الكلاب والسّود، وإذا صعد راكبٌ أبيض في حافلة نقل ولم يجد مقعداً فارغاً، كان يتوجب (بحكم القانون) على أقرب رجُلٍ أسود جالس أن يُخلي مقعده للراكب الابيض، وهذا غيضٌ من فيض كتحديد أحياء خاصة بالسود، وعزل الطلاب البيض والسود عن بعضهم، مع الحفاظ على الفارق العنصري في الأبنية والتجهيز والخدمات، لصالح البيض طبعاً، حتى في المراحيض كان التمييز العنصري حاضراً ومحترماً، وكل ذلك بموجب القانون.

إقرأ أيضًا: موجة عنصرية وكراهية تجتاح لبنان الحضاري

نالت الأقلية ذات العرق الإفريقي واللون الأسود حقوقها بعد نضالٍ مرير، لتجتهد بعد ذلك المنظومة القضائية في اجتثاث كافة أنواع التمييز العنصري، وإن كانت بعض آثاره ما زالت محفورة في أذهان الناس وضمائرهم.

عندنا في لبنان هذه الأيام حملة عنصرية محمومة ضد النازحين السوريين، وبدأت تباشير هذه الحملة على لسان وزير الخارجية جبران باسيل منذ مدّة، وبلغت ذروتها اليوم في الخطابات والإعلام والسلوكيات، حتى وصل الأمر عند بعضهم الإعتزاز والافتخار بالعنصرية وخطاب الكراهية، وبتنا نرى من يُفصح عن دنائته وانحطاطه بالطلب من اللبنانيين التبليغ عن "السوري" المخالف لقوانين العمل، وليس من المستبعد أن تتصاعد هذه الحملة لتطال اللبنانيين الذين لا يدينون بدين التيار الوطني الحر في العنصرية والكراهية.

إقرأ أيضًا: اللواء السيد والفساد المستشري ومحمد بن سلمان

مناسبة هذا القول ما أثاره عددٌ من الناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي بما يختص بقرار بلدية الحدث (مع غيرها من البلديات) بمنع المسلمين "اللبنانيين" من التّملّك أو الاستئجار في نطاق البلدة، ولا حُجّة مقبولة أو مُبرّرة سوى التمييز وفق الطائفة، وبما يخدم الفرز المناطقي الطائفي البغيض، وكأنّنا في بلدٍ باتت الطائفية تغلُب على المُواطنة، خلاف الدستور والقانون وصِيغ العيش المشترك، فضلاً عن تقديم العنصرية على كل ما تضمنتهُ وثيقة حقوق الإنسان، والتي شارك في صياغتها شارل مالك، أحد رموز الريادة اللبنانية. 

ومع كلّ ذلك ما زلنا نقرأ معاً النشيد الوطني:

كلّنا للوطن، للعلى للعلَم

ملءُ عين الزمن، سيفنا والقلم.