من المسؤول عن تحويل أزمة النازحين السوريين إلى هذا المستوى من العدائية بين الشعبين اللبناني والسوري؟
 

لقد بلغت ازمة النزوح السوري حدودها السلبية القصوى وأصبحت مع مرور السنوات عاملا مساعدا وإلى حد كبيرة في تقعيد الأزمات اللبنانية الداخلية من السياسية الى الاقتصاد إلى الأزمة الإجتماعية وغيرها، ولا مست هذه القضية بتعقيداتها القواعد الشعبية الهشة من الطرفين لتزيد الطين بلة، وتأخذ السجالات أبعادها العنصرية والطائفية الخطيرة .

شكل غياب السياسات العامة والإستراتيجيات الرسمية المطلوبة لمعالجة أزمة النزوح السوري ركيزة أساسية في تدهور الأوضاع مؤخرا إلى هذا الحد، وتلاقى ذلك أيضا مع غياب أو عدم وضوح النوايا السورية الرسمية كذلك وانعدام أي رؤية للنظام السوري لمعالجة الأزمة فاستمرت واتسعت وتداعياتها اللبنانية تنذر اليوم بعواقب وخيمة فيما لو استمر الحال على ما هو عليه .

الشعبان اللبناني والسوري تربطهما علاقات وثيقة وقوية على مر التاريخ بعيدا عن المصالح السياسية بين البلدين، وشكل الشعبان في الحقبة الماضية نموذجا فريدا في المجتمع العربي عموما كان واضحا وجليا من خلال الترابط الإجتماعي والاسري بين الشعبين، إلا أن نشهده اليوم استطاع أن يغير هذه الصورة بعدما تداخلت العوامل السياسية والطائفية لتأخذ أزمة النازحين السوريين في لبنان إلى البازارات السياسية الداخلية والخارجية، فكان الشعبان ضحية لعناوين جديدة طارئة لم تكن في يوم من الأيام في قاموس اللبنانيين ولا السوريين.

اقرا ايضا : حزب الله والقوات اللبنانية حوار الضرورة وتحالف المستقبل؟

 

يعمد الأفرقاء اللبنانيين بكل التيارات والأحزاب والإنتماءات على استغلال ازمة النزوح السوري كلٌّ حسب مصالحه السياسية الداخلية والخارجية أو حسب ارتباطاته الدولية ونجحوا إلى حد كبير في استغلال هذه القضية فكانت على مدى الاسابيع الماضية محل سجالات واسعة سواء بين السياسيين اللبنانيين أو بين النازحين وعموم اللبنانيين لتشكل الأزمة أخطر مراحلها فاتّهم اللبنانيون بالعنصرية على خلفية بعض الأحداث في بعض المناطق والتي اتخذ منها بعض السوريين وقودا لاشعال الأزمة أكثر فأصبح الشارع أمام فتنة حقيقية بغياب كامل لأي معالجة جدية رسمية من خلال الدولتين اللبنانية والسورية.

لا شك أن أزمة النزوح السوري تشكل عبئا إضافيا على لبنان واللبنانيين وأن القضية بحاجة إلى معالجة جذرية بناء على سياسات واسترتيجيات، منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي ودولي، وإن التعاطي اللبناني الرسمي أو الشعبي بهذه الطريقة الإنفعالية لا يحل المشكلة بل يزيدها تعقيدا، وبالتالي فإن المطلوب التعامل بعقلانية ومسؤولية ومن خلال المؤسسات المعنية لا سيما مجلس الوزراء الذي يضم كل الأطياف اللبنانية التي تشكل بالأساس منطلقات الخلاف في معالجة الأزمة، لكن القضية اليوم أصبحت أخطر من أي وقت مضى وان ما يحصل يحتم على الجميع تحمل مسؤولياتهم تجاه وطنهم وشعبهم وتجاه النازحين السوريين بعيدا عن العنصرية والاعتبارات والمصالح السياسية.

مسؤولية اللبنانيين بجميع أحزابهم وانتماءاتهم إيجاد الحلول اللازمة للأزمة لأن القضية دخلت في المحظور الاجتماعي وانتهت إلى كراهية بين الشعبين غير مسبوقة .